البيت الكوردي: حِفظه.. تقويته.. ودوامه
فاضل ميراني
لم يقم شعبنا، ولم ينهض حزبنا وباقي الحركات النضالية في كوردستان بالتصدي لمشروعات الصهر القومي والعقائدي من أجل مصلحة عوجاء ضيقة الأفق واطئة السقف لخلق دويلات أو أنظمة عميقة، وعن أنفسنا فنحن وطيلة أكثر من سبعة عقود من الوجود في كل مشاهد الحرب والسلام والهدنة كنا أوفياء حريصين على سلامة الفكر والعمل والنتائج المتحققة من أن تصاب قضيتنا بعدوى أصابت أنظمة حكم وحركات نضالية تشتت إما لظهور نواياها أو لضعفها الذاتي أو الموضوعي فتحولت في التركيبة والأداء إلى دولة مساحتها هي مقاطعتها الجغرافية ونفوذها مقتصر على الولاء لها وأولويتها هي مصلحتها.
ليس في طموح شعبنا ولا من مقبولياتنا، ورغم كل محاولات من هم خارج كوردستان، وقسم ممن في داخلها إيصالنا لتلك النقطة المأساوية، إلا أننا وقفنا بحزم أمام زخم الضغط بعد أن بذلنا كل تنازل واستعدادنا لكل تفاهم وإفهام حتى تأخذ قضية شعبنا حجمها الطبيعي في دولة ونظام ومواطنة.
ليس من منطق العقل السليم أن نطالب من هم خارج البيت الكوردي الكوردستاني الالتفات لمصالح أمتنا وإسناد مراحل نجاحها المتحققة حتى اليوم وتقديم دعم لاستكمال مشروعنا في ترسيخ كيان ثابت لا جدال في قانونيته، فيما يجري العمل داخلياً، ومن أطراف معلومة دفعت، وتدفع نحو المس بوحدة كوردستان، كوردستان التي هي أصل الحق الذي تقام على أرضها ممارسة العمل السياسي الذي لا خلاف على وجوب التنافس فيه شريطة أن يكون خدمة لمصالح أمتنا وخدمة للتحوُّل العراقي لديمقراطية أفعال لا أقوال.
القضية الكوردية بكلّ تاريخِها وحجمها وأبعادها وسجلات ضحايا قيامها حتى تمكنها من إقامة أول مجلس نيابي لها شاد هيكلاً من دماء وجماجم وأعمار أجيال، هي قضية مِلكُ شعب، وبيت هو بيت شعب كوردستان، وهذا البيت وهذه القضية لا يصحُّ العبث بهما، ولا يقبل ضميرٌ حيٌّ، ضمير يعرف معنى النضال والكفاح والتضحية والإيثار وصنع الحياة لأجيال مقبلة، لا يقبل الضمير ولا العقل السليم أن يجري تهديد وحدته والضرب على أساساته مهما كانت الحجة.
إن كان التدافع السياسي عند الآخرين خياراً لا يحسنون غيره، فنحن نحسن التحرّك، ونرفض التدافع، مثلما نرفض تحوير الحق وتصويره على أنه تقاسم إرث بين (العصبة والفروض)، فالقضية واقعاً وقانوناً وفهماً أبعد من أن تكون أرض كوردستان وشعبها وتاريخها وحاضرها ومستقبلها سهماً من إرث أو غنيمة من نهب.
نحن كيان قانوني، ضمن دولة، سعينا، ونسعى لتكون على طريق مغاير لأنظمة مدانة بالجرائم، وفي هذا الكيان برلمان وحكومة وتوقيتات لممارسة الحياة النيابية بموجب الوجود السياسي والحزبي، على ألا يتم التلاعب بأصل الحق ولا أن يتم تهديده.
بيتنا هو وجودنا ووجود أجيال المستقبل، وقد دافعنا ونحتنا الصخر لاستخلاص حق أمتنا، ومستعدون لعمل المطلوب منا لحماية وإدامة البيت.