عمر كوجري: الشباب والحركة السياسية الكوردية في غربي كوردستان

عمر كوجري: الشباب والحركة السياسية الكوردية في غربي كوردستان

الشباب هم الفئة العمرية الأكثر توقاً للتغيير والأشد قلقاً للتطوير وعدم الركون والإقامة في السائد مهما لعبت الإمكانيات والظروف في غير صالحهم، ولأنهم بهذا الاشتياق لتجاوز واقعهم، كان لا بد من دفعهم للأمام، والوثوق بإمكانياتهم باعتبارهم أساس تطوير مجتمعاتهم، والشعب الكوردي في إجزاء كوردستان الأربعة بحاجة إلى همّة شبابه وحماسهم من أجل غد أفضل لشعبهم.

في هذه الوقفة .. أركّز على الشباب في كوردستان سوريا، وتفاعلهم السياسي مع حركتهم بكتثيف متعمّد.

فقد دأب الشباب الكوردي في كوردستان سوريا ومنذ نشوء الحركة السياسية الكوردية في خمسينيات القرن الماضي في الدخول بجسم النضال اليومي، وانخرط الكثير منهم في صفوفها، وقدّموا من أجل رفعة وطنهم شهداء أجلاء.

لكن حالة اللاتراضي والمجافاة بين الحركة الكوردية والشباب ظلت قائمة، وكانوا دائماً يشكون من محاربة القيادات لهم، وإنّ طاقاتهم لا توظّف كما يجب، والمتشبثون في مناصبهم لا يعطون الشباب الفرصة للإبداع والظهور، ولهذا انسحب الكثير من هؤلاء من صفوف الأحزاب ناعتين إياها بأكثر الأساليب زجراً وتعنيفاً.

لكن حالة الغبن والشعور بالتظلُّم قد لا تبدو على الدوام صائبة، فحين ابتعد الشباب عن الحركة السياسية الكوردية لم يبدعوا طرائق مبتكرة لتوظيف طاقاتهم، وبقيت الكثير من شعاراتهم رهينة الظهور الفردي لثلة قليلة منهم، وظل الكثير منهم ينظّر بالكلام المنمّق دون أن يقدّم رؤية واضحة المعالم عن استشراف مستقبل الحركة السياسية الكردية بوجه عام، وكذا عن واقع الشعب الكردي في كوردستان سوريا بوجه تخصيص. ما ظهر منهم على السطح كما قلنا كانت جهوداً فردية من قبل بعض الشباب المتحمسين والناشطين، تجلى هذا في الظهور بشكل واضح خلال القيامة السورية والتي مازالت مستمرة منذ أكثر من ثماني سنوات.

في معمعة هذه " الخضّة" السورية الكبرى والتي لم يتوقعها أحد من شعب اعتاد الاستكانة على أيدي "محتليه" من قيادة لا وطنية، في هذه اللجة رأينا كيف أن الفعاليات الشبابية قد اشتكت من جور الأحزاب وانقساماتها، لكنها للأسف وقعت في "الوكر" عينه، فقد رأينا ظهور عشرات التنسيقيات الشبابية الكوردية والتي كانت تفتقس بين فينة وأخرى دون أي مبرر، وبشكل غير طبيعي، مع أن بعضّها ادّعت أنّ بعض الأحزاب ساهمت في تشرذمها وتشتتها، لكن هذا لا يبرر الفوضى التي وقع فيها هؤلاء، بل أن بعضهم انحصرت مهمته في الاشتراك لدقائق معدودات في تظاهرة بمكان" آمن" والتصوير مع كرتونة، وافتعال غضب عارم وقت التصوير، والاستفادة منها فيما بعد بإجراءات الإقامة ولمِّ الشمل، والفوز بيورو السوسيال الأوروبي، والكتابة من هناك بأن الحركة الكوردية أصغر من أن تتحمل طاقاته العظيمة الخلاقة، ولهذا آثر البعد عن أرض الوطن.

بمعنى أن تجربة التشرذم والشقاق والانشقاق..هذا المرض الذي فتك بالحركة الكردية في كورستان سوريا، ومازالت تعاني من ويلاته حتى اليوم، تكررت لدى الطاقة الشبابية الكردية في كوردستان سوريا، كان بالإمكان الاستفادة من مرارة تجربة الحركة التي غادروها على أساس أنها واقفة في وجه طموحاتهم ونبل غاياتهم، وهكذا ظل الشباب الكردي من جديد يستجدي الخطاب الشعاراتي البعيد كل البعد عن الواقع وحيويته وديناميته التي تتغير حالياً كل يوم.

هذه حال مبادرات شبابية من كوردستان سوريا، وهي في بدايتها تكون صاخبة، ضاجة بالنشاط، وتخلق إيحاء بأن "تحرير كوردستان" صار قاب قوسين أو أدنى، ويزداد التّفاعُل "الخَلاّق" والتّحشيد العرمرم على صفحات الفيس بوك باعتبار أن الأمر لا يتعدّى الاشتراك ببوست أو بلوغو المبادرة، أو وضع لايك، وتعليق صغير مثل: هربجي- إلى الأمام- منورين.. وهكذا..

الاندفاع الشبابي الذي وصل ذروتَهُ سرعان ما يخبو في أول" انتكاسة" أو سوء فهم، ويبقى التّحارب على " المُنجَز" الشَّخصي أهم بكثير من المبادرة ذاتها.

بمعنى يتمُّ تداولُ شعاراتٍ ضخمةٍ دون توفير الأرضية المناسبة لتنفيذ هذه الشِّعارات على الأرض، وبالتّالي يحدُثُ الإحباطُ الشّديدُ، وبالتالي فشل المبادرة برمتها.

ورغم كل السوادية التي تشي واقع الشباب الكردي في كوردستان سوريا إلا أن الآمال في المنظور القريب والبعيد ستكون معقودة على هذه الفئة التي يوماً ما ستُعنوِن أحلام شعبنا الكردي نحو الخلاص الأكيد.