أبعاد التحشُّدات التركية

أبعاد التحشُّدات التركية

أبعاد التحشُّدات التركية
محمد إسماعیل
افتتاحیه‌ جریده‌ كوردستان
باتت المنطقة الآمنة المزمع إقامتها في المناطق الكوردية على الحدود بين تركيا وسوريا لوحة غامضة يفسّرها كل متتبع للأوضاع على هواه ووفق ما يحلو له إن من الأطراف الدولية أو المعارضة أو السياسيين والمراقبين لأنها منطقة لم تتوافق الأطراف حتى على تسميتها، فثمة من يسميها منطقة آمنة، وثمة من يسميها منطقة أمنية.

فتركيا، تهدّد بعملية عسكرية، وحشدت نحو مائة وعشرين الف من جنودها إضافة الى الميليشيات التابعة لها ومجموعات من الجيش الحر وأزالت بعض المتاريس، هدفُها الإسراع في تشكيل المنطقة الآمنة ليكون لها دورٌ مؤثرٌ وفاعلٌ في مستقبل سوريا اضافة الى ترتيب وضعها الداخلي واختبار قدرة الحكومة التركية الى قيادة المؤسسة العسكرية وإخضاعها للسلطة المدنية فيها، وواشنطن تواصل التشاور مع انقرة حول المنطقة الآمنة وحدودها وعمقها إضافة الى الجهة التي ستتولى حمايتها وإدارتها والتي من المرجح ان تكون بإشراف قوات مشتركة تركية وأمريكية وخالية من العناصر التي تهدد تركيا.

يبدو أن الإدارة الامريكية ليست في عجلة من أمرها لحل المسألة السورية لذلك تعمل على تخفيف التهديدات التركية، وتحذّرها باقتحام المنطقة والحدّ من تحرُّكها الاحادي كما هو واضح من اتفاق منبج قبل نحو سنتين ولم تدخل بعد حيز التنفيذ، اما الدولة التركية فتسعى بدورها الى تحرك أحادي وبعمليات عسكرية محدودة على الأقل في ثلاث مناطق منبج وتل أبيض وسري كانييه "رأس العين" للدفع بتلك المنطقة الآمنة الى الوجود والانتهاء من المماطلة الامريكية متذرعة بمخاوفها الأمنية خاصة انه هناك عوامل مساعدة لها مثل التصعيد الحاصل في ادلب من قبل قوات النظام وروسيا والدعم الامريكي المحدد لبعض فصائل الجيش الحر لمقاومتهم واقتراب موعد اسيتانا بين كل من روسيا وإيران وتركيا أواخر شهر اب الجاري اي انه هناك تشعبات في تحالفات الدول المؤثرة على الساحة السورية يستغلها الأتراك.

ممارسات ب ي د خلال الفترة المنصرمة الاحادية الجانب وإساءتها للكورد ومكوّنات المنطقة، وأخضعت المكوّن الكوردي لتنفيذ اجندات ب ك ك وتحالفاته ضد تركيا من أجل ذلك فقط بعيداً عن مصلحة الشعب الكوردي في سوريا وحقوقه ووجوده التاريخي الأصيل ومعاناته الطويلة والعلاقة المشتركة مع كافة مكونات الشعب السوري، والقوى الكوردية خارج أوساط ب ي د والمتمثلة بالمجلس الوطني الكوردي ليس سعيداً بتدخُّل تركيا منفردة أو عودة النظام الى هذه المنطقة، ويؤكّد أن العوامل كلها متغيرة إلا أن الشعب الكوردي وقضيته القومية التي هي جزء من القضية الوطنية السورية ثابتة.

الامر المقلق هو غياب اية مبادرة سياسية مرضية لإيجاد حل للقضية الكوردية في سوريا بضمان حقوق الشعب الكوردي ومستقبله لكي تعمل على تقليص الهوة بين الاطراف، خاصة تركيا لم تتمكن حتى الآن من الإثبات للرأي العام أنها ضد ب ك ك و ب ي د فقط وليست ضد القضية الكوردية وحقوق الشعب الكوردي المشروعة في سوريا ووجوده التاريخي الأصيل.