ادلب بين خفض التصعيد والابادة

ادلب بين خفض التصعيد والابادة


ادلب بين خفض التصعيد والابادة
علي مسلم
لم يكن مقتل أبو بكر البغدادي أمير دولة الخلافة الإسلامية المزعومة يختلف في شيء عن مقتل أي سوري أو أي عراقي آخر، ولم يكن تاريخ مقتلة يوحي الى شيء ذا قيمة، لكن الامر المختلف انه قتل في مكان اريد له أن يقتل فيها، حتى يتسنى لهم ربط أمر المكان الذي قتل فيه بأمور أخرى، حيث كان من الممكن ان يقتل في عقر دياره في الانبار، أو في الباغوز، أو في الرقة او في أي مكان آخر، لكنه قتل في ادلب بعيداً عن مكان النشأة والانتشار، بعد أن استدرجوه الى هناك عبر الية استخباراتية مشيطنة، فهل ثمة رسالة ابلغ من هذه الرسالة قيمة أو دلالة.

فمحافظة ادلب كما هو معروف كانت من ضمن المناطق التي سميت بمناطق خفض التصعيد بناء على تفاهمات استانة عام 2017، والتي اقتضت وقفاً كاملاً لإطلاق النار والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية الى تلك المناطق دون انقطاع، وثمة دول أطلقت على نفسها زوراً بالدول التي سوف تضمن ديمومة هذه التفاهمات، وبناء على تلك التفاهمات توجه الملايين من أبناء تلك المناطق التي كانت محاصرة في الجنوب السوري ومحيط العاصمة دمشق بما في ذلك الغوطة وداريا ومناطق عديدة أخرى الى هذه المحافظة عبر صفقات بينية مهينة أبرمت لاحقاً.

وفي عام 2018 توصل الجانبان الروسي والتركي الى تفاهمات أخرى بشأن ادلب يقتضي بموجبها توفير بيئة آمنة في مناطق خالية من الأسلحة بعرض 15 – 25 كم تفصل بين المناطق التي يسيطر عليها النظام من جهة وفصائل المعارضة من جهة أخرى، وكان من المفترض على الفصائل المسلحة بما فيها جبهة النصرة الانسحاب بعيداً عن هذه المناطق.

لكن تبين فيما بعد ان كل تلك التفاهمات كانت تصب في طواحين النظام، وان هذا الالتفاف المشين كان يحتاج الى بعض التبريرات المقنعة وكان لهم ذلك، حيث لم تنسحب الفصائل التي تم تصنيفها ضمن الفصائل الإرهابية من تلك المناطق، ولم ترتدع جبهة النصرة لأي رادع من شانه حماية المدنيين، ولم توفي تركيا بتعهداته حيال حل او ابعاد جبهة النصرة، وفوق كل ذلك تم استدراج البغدادي وقتله هناك، وهذا ما أفسح المجال واسعاً أمام روسيا من جهة والنظام السوري وميليشياته من جهة أخرى، ليعلنوا حربهم الظالمة على المدنيين في ادلب وسط غياب أي توجه دولي رادع، ولتبقى أبواب المعاناة مشرعة امام المدنيين مرة أخرى