لمن تقرع الاجراس يا ترى

لمن تقرع الاجراس يا ترى


لمن تقرع الاجراس يا ترى
علي مسلم
ما ان ينتهي المبعوث الأمريكي جيمس جيفري من جولته الإقليمية بشأن الوضع في سوريا لتبدأ بعدها على الفور جولة مماثلة لمبعوث الرئيس الروسي بوتين ونائب وزير خارجيته ميخائيل بوغدانوف في نفس السياق، كأنهما يتقاسمان الوقت على نفس الوتيرة، تماماً كما يتقاسمان الأدوار، فقلما تلتقي الغايات كلها على ذات الضفة، سيما غايات الكبار، فكل غاية لها ضفة، ولا بدا من تنافر المصالح حيناً وتجاذبها في بعض الاحيان بالرغم من اختلاف المسار والتوقيت!

يسعى كل واحد منهم لتحقيق غاية بلده، وما أكثر غاياتهم في هذا المضمار، فهم في نهاية المطاف ديوك، يجيدون الصياح ليس في باحاتهم المحلية فحسب، بل بات بمقدورهم اللعب في كل الباحات والساحات، وعلى كل الحبال والجبال طالما يندرج ذلك في خانة الغايات والمصالح، وتخضع في ذات الوقت لمعادلات القوة، فما نفع القوة إذا لم تفسح المجال واسعاً للسطوة وذلك على مرأى ومسمع الجميع؟

جيمس جيفري يسعى جاهداً الى تعزيز دور امريكا في مستقبل سوريا، والوصول الى ترتيبات بالتوافق مع الضامن التركي بأي ثمن، وذلك بعد ان تيقن ان مسار جنيف بدأ يحتضر وأن الغلبة ربما ستكون لمسار استانة، والآخر يسعى الى ترتيبات مشابهة وفق ما ترتئيها مصلحة بلده بالتوافق مع إيران عبر عنابرها في دمشق، فهو على كل حال يمثل مبعوث الضرورة ورجل كرملين المميز للمهمات الصعبة.

فثمة حزمة جديدة من المصالح الدولية باتت تطفو على السطح من جديد، وليس من الضروري أن يمس ذلك خارطة سايكس الإنكليزي وبيكو الفرنسي في شيء، بل ربما يأتي ذلك مكملاً لتبعات تلك الخارطة التي قضمت أحلامنا ذات يوم، وستلتقي هذه الحزمة بدورها مع حزمة مماثلة من المصالح الاستراتيجية لبعض الدول الإقليمية النافذة، ولا بدا لهذه المصالح من ان تحاكي ولو على مضض مصالح بعض الفئات المحلية المغلوبة على امرها هنا أو هناك بعيداً عن كل ما يمت الى مصلحة الوطن من صلة، انها في النهاية مشيئة الكبار، ولا بدا للصغار أن يمتثلوا لأوامرهم مهما كان الثمن، ففي مطلق الأحيان يكون الثمن باهظاً وباهظاً جداً.