مسلم محمد: قوة الأسد في ضعفه

مسلم محمد: قوة الأسد في ضعفه

PDK-S: تحدث عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، مسلم محمد لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «بعد مرور عقد من الصراع على الساحة السورية لا تزال فرص التسوية الحقيقية مغيبة، وسوريا واقعياً مقسمة بين ثلاثة نفوذ وخمس جيوش، النفوذ الأمريكي في شرق الفرات بمساحة 25%، والنفوذ التركي بمساحة11% في الشمال والشمال الغربي، والنفوذ الروسي ـ الايراني 64% في غرب سوريا ووسطها.

وإثر تدخلٍ دولي متزايد انتقلت القضية السورية من كونها شأناً سورياً خالصاً إلى إعتبارها صراعاً بين أطراف إقليمية ودولية. وما يجري الآن في الساحة السورية هي تعطيل الوصول الى حلٍ سياسي لاعتقاد الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين ان اللعب على الوقت من مصلحتهم، وان أمريكا وأوروبا في نهاية المطاف سيقبلون ببقاء نظام الأسد والتفاوض معه كما فعلوا مع كوريا الشمالية وطالبان، وهذا يعني تحول سوريا إلى حالة معزولة عن الاقتصاد العالمي ومنبوذة أكثر في المستوى السياسي والدبلوماسي وازدياد المعاناة المعيشية للشعب السوري وعدم عودة اللاجئين وبقاء سوريا مقسمة إلى مناطق نفوذ وإنتشار العوز والمجاعة وفقدان الأمن وكارثة لحقوق الانسان، وأرضاً خصبة للمتطرفين وبالتالي عدم الإستقرار الإقليمي».

أما ما يجري على الساحة الكُردية فيضيف محمد: «لا تزال الخطوط العريضة لملامح الساحة الكُردية (كُردستان سوريا) غير مستقرة وإن سير الأحداث ينقسم إلى مسارين: الأول: نفوذ أمريكي ويتمثل بعملية سياسية تفاوضية مباشرة بين المجلس الوطني الكُردي وأحزاب الوحدة الوطنية والوصول لصيغة توافق كُردي ـ كُردي تؤدي لتغيير وتعديل الطرف المسيطر على الواجهة السياسية للإدارة الذاتية مع خطواتٍ تحاول عبرها إعادة التموضع والانتشار والنفوذ مع التحالف الدولي في مناطق شرق الفرات التي انسحبت منها سابقاً. ولا شك أن التوتر والصراع قائم في كُردستان سوريا ولم تكتمل اللوحة بعد، الأمر الذي يشي باستمرار أمرهِ كونه مرهونٌ بموازين القوى الدولية والإقليمية المتداخلة على الأرض. إن بناء اتفاق وتفاهمٍ كُردي وبمشاركة جميع مكونات المنطقة هو ضمان للإستقرار وللوجود وللحقوق. المسار الثاني: تقوده روسيا وينشط بإتجاهين: 1- محاولة منع عودة الولايات المتحدة الأمريكية إلى النقاط التي إنسحبت منها نهاية عام 2019. 2- محاولة روسيا لعب دور بين الإدارة الذاتية والنظام السوري حول كيفية إدارة المنطقة وإعادة بسط سيطرة النظام على المنطقة (شرق الفرات) وشبكات الطرق الدولية والتحكم بمخزون سوريا من النفط والغاز والقمح».

يتابع محمد: «الأزمة السورية لم تشهد استقراراً كبيراً في ظل استمرار التجاذب الدولي والإقليمي حول ماهية الحل السياسي المراد الوصول إليه والتدهور المتزايد في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتشديد الحصار والعقوبات والمزيد من الضغوط على الليرة السورية لتوسيع الفجوة بين السلطة والشعب المقيمين في الداخل في محاولةٍ لإخراجهم إلى الشارع بحركاتٍ احتجاجية ضاغطة تدفع إلى الإطاحة بالسلطة السياسية الدموية أو قبولها بتسوية سياسية تنتج للولايات المتحدة الأمريكية التموضع في الشرق الأوسط وغرب اسيا. أما المرحلة المقبلة فسيكون الصراع على مشاريع إعادة الإعمار لذلك نجد بعض دول الخليج وسعياً من روسيا تحاول إستعادة العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع نظام الأسد كما ان مشاريع إعادة الإعمار تجذب الحكومات التي تبدو أنها تتجه نحو تطبيعٍ شامل مع دمشق».

يؤكد محمد: «ان الإنتخابات الرئاسية في سوريا مسرحية هزيلة وغير شرعية وهي إعادة إنتاج الأسد ونظامه الدموي ولن تؤدي إلى أي تطبيع دولي للنظام بعد حربٍ دامت عشر سنوات ضد الشعب واسفرت إلى القتل والتدمير والتهجير ودمار البنى التحتية واستنفذ الاقتصاد وشرد أكثر من نصف السكان، وهذه الإنتخابات غير شرعية كون النظام غير شرعي وفق بيان جنيف، وهنا تكمن مسؤولية الأمم المتحدة لمنع الإنتخابات الرئاسية لأنهم هم من أصدروا قرار مجلس الأمن وهي المسؤولة عن تطبيق قراراتها وحمايتها وحتى ينقذوا مصداقية المؤسسات الدولية والعدالة الدولية والقيم والمبادئ التي تستند اليها منظمات الأمم المتحدة عليهم ان يفعلوا شيأً. لأن القرار رقم 2254 الصادر عن مجلس الأمن في كانون الأول من عام 2015 هو المرجعية الأساسية من أجل التوصل إلى حل سياسي في سوريا».

يشير محمد: «أن أحداث السنوات العشر الأخيرة أثبتت أن قوة الأسد في ضعفه لأن المصلحة الدولية تتطلب وتتلاقى بقاء الأسد ضعيفاً وهذا ما يفسر عدم قبولهم بتسوية طالما أن أي بديل لن يكون ضعفه مضموناً كما الحال الآن، وعند هذا تتلاقى المصالح الدولية وهناك شك في وجود بديل يحقق كل هذه المكاسب. إن دعم الحلفاء لنظامٍ ضعيف سيكون أكثر مرونة لتمرير مصالحهم ولأن بقاءه ضعيفاً يفسح المجال للقوى الخارجية بالتدخل كإيران وروسيا وحزب الله».
يختم محمد: «سوف يترتب تداعياتٌ خطيرة بعد الإنتخابات وفي مقدمتها استمرار معاناة الشعب السوري أكثر فأكثر وتدفق موجات جديدة من اللاجئيين إلى الدول المجاورة وتوفير أرضية خصبة للمنظمات الإرهابية المتطرفة مما سينعكس سلباً على إستقرار دول الجوار وستستمر إدارة الرئيس بايدن في تطبيق قانون قيصر عبر فرض حزم إضافية من العقوبات ولربما تذهب لجهة تشمل النشاط العسكري للنظام.

كما أن الأزمة مرشحة لمزيد من الإنسدادات المتأتية عن إرتفاع وتائر العدائية الأمريكية ضد إيران وحلفائها. واصبحت سوريا هي الساحة الأبرز لـ (مكاسرة الإرادات) وعلى جبهاتها المتعددة والمتداخلة سترسم ملامح النظام الأقليمي ـ العالمي الجديد».