كوردستان حقيقة وواقع ومستقبل في آن واحد.. رغم سخونة الصراعات والتحركات الدولية

كوردستان حقيقة وواقع ومستقبل في آن واحد.. رغم سخونة الصراعات والتحركات الدولية

كوردستان حقيقة وواقع ومستقبل في آن واحد.. رغم سخونة الصراعات والتحركات الدولية

عزالدين ملا

هناك أصوات في عدة برلمانات عربية وإقليمية تطالب بانسحاب القوات الأمريكية من المنطقة وخاصة في العراق وسوريا، كما حدث في البرلمان العراقي أثناء التصويت على الانسحاب الأمريكي من العراق، فقد رفضت الكتل الكوردية والسنية قرار التصويت، وانسحبت من الجلسة.
وفي المقابل ترى الشعوب المظلومة وخاصة الشعب الكوردي أن الوجود الأمريكي في المنطقة ضمانة لهم ولاستقرار منطقة الشرق الأوسط.

من جهة أخرى إقليم كوردستان والذي خطا خطوات كبيرة ومرموقة نحو التقدم والازدهار يتعرض لمختلف صنوف الترهيب والترويع من قبل البعض من الداخل العراقي ومن القوى الإقليمية، لن يراهن على انسحاب الأمريكي من المنطقة، فالوجود الأمريكي ضمان لهم وردع لممارسات الخصوم.

1- كيف ترى كل ما يجري الآن على الساحة الإقليمية والدولية من صراعات عسكرية وسياسية؟
2- هل للوجود الأمريكي دور في ردع هجمات الترهيب والترويع من جهة وضمان استقرار المنطقة؟ كيف؟ ولماذا؟
3- لماذا يصرّ إقليم كوردستان التمسك بموقفه من الوجود الأمريكي في المنطقة؟
4- ما المطلوب كوردياً لضمان استقرارهم وأمنهم؟

وحدة الجبهة الكوردية تعزّز الأمن والسلام لكوردستان
تحدث المستشار الإعلامي للرئيس مسعود بارزاني، كفاح محمود لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «هذه تداعيات حرب غزة التي فعلت كثير من الصراعات المخفية وأظهرت العديد من الإخوة الاعداء، حيث كشفت الأحداث الاخيرة الكم الهائل من العدوانية تجاه إقليم كوردستان والكورد عامة من قبل الميليشيات والأحزاب المذهبية التي كشفت عن أنيابها وإماطة اللثام عن توجهاتها تجاه أي تقدم يحرزه الكورد في أي جزء من أجزاء كوردستان الأربعة بشقيها الطائفي والعنصري.

على المستوى الإقليمي، إيران تصارع أمريكا بأذرعها العراقية واليمنية واللبنانية بدعم غير معلن من روسيا والصين كجزء من الصراع التاريخي بين أمريكا وكل من روسيا والصين وما تبقّى من صراعات لا تعدو أكثر من ملحقات لهذا الصراع!».

يؤكد محمود: «إن للولايات المتحدة الأمريكية دوراً، ولكنه لا يتجاوز مصالحها المهمة وأمكنة تواجدها رغم أن استقرار المناطق التي تتواجد فيها سيكون أفضل لبقائها، وهذا يعتمد على شكل التحالفات بينها وبين الإدارات فيها.

وفي كل الاحوال الإقليم بحاجة إلى دعمه بدفاعات نوعية تحميه من الصواريخ والمسيرات التي تستخدمها (الميليشيات) المدعومة إيرانياً والتي تستهدف مراكز الطاقة والمطارات سواء في الإقليم أو في كوردستان سوريا».

يشير محمود: «أنه ليس الإقليم وحده بل غالبية العراقيين وقد اتضح ذلك جلياً أثناء انعقاد البرلمان العراقي لتشريع قانون إخراج قوات التحالف حيث لم يحضر إلى الجلسة سوى 70 من اصل 329 نائباً، وهذا يعني أن المكونات الأساسية الثلاثة في العراق تقف بالضد من هكذا قرار، لأن الإرهاب ما يزال يشكل خطراً على الجميع بمن فيهم الشيعة وليس بمقدور الجيش أو الحشد أو البيشمركة لوحدهم التصدي لهذا الخطر، ناهيك عن ظهور المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون و(الميليشيات) وقيامها بأعمال إرهابية لا تختلف عمّا كانت تقوم به (داعش).
ولذلك يصرُّ الإقليم على الحوار والتفاوض مع أمريكا والتحالف بما يخدم الأمن والسلم في المنطقة بالتعاون مع المؤسسة العسكرية العراقية».

يرى محمود: «إن أهم ما يعزز أمن وسلم الكورد وكوردستان هو وحدتهم في جبهة واحدة، وإن اختلفوا سياسياً لكن اتحادهم وتحالفهم من أجل مصالح كوردستان العليا هي صمام الأمان للإقليم ولبقية الأجزاء، وحري جداً أن تدعم القوى السياسية والاجتماعية إقليم كوردستان لأنه التجربة الرائدة والملاذ الآمن للجميع بما يعزز تحقيق الأهداف الكبرى للشعب الكوردي في كل كوردستان».

ترتيب البيت الكوردي أساس الارتقاء إلى مستوى المرحلة حالية

تحدثت عضو اللجة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، هيام عبدالرحمن لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «حسب قراءة المشهد السياسي، ان المنطقة والعالم تتجه نحو إيجاد خارطة ديمغرافية جديدة، وبعضها سعت، وتسعى الى خلق صراعات وتجاذبات سياسية فيما بينها كل حسب مصالحه، وهناك سباق سياسي عسكري على المجابهة النووية وتشحين الأجواء الدولية، والذي يؤثر على خلق جو من التوتر وفقدان الثقة على المستويين الاقليمي والدولي. ولا ريب أن الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا أثّرت بتداعياتها سياسياً واقتصادياً وعسكرياً على دول المنطقة، وانتجت صراعات جديدة في المنطقة والعالم، وتحوّلت إلى معادلة تقاطع المصالح دون مراعاة إرادة الشعوب في الحرية والاستقرار، وعدم احترام العهود والمواثيق الدولية وحقوق الشعوب في تقرير المصير. وكذلك الحرب الدائرة بين حركة حماس وإسرائيل في غزة تلوح في الأفق بان المنطقة أمام حلول سياسية وترتيبات جديدة ومن ضمنها سوريا الجديدة، وتلك الحرب يتم عبر التنسيق بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، ووجود أساطيلها في دول الخليج العربي والبحر الأبيض المتوسط واعتبارها من الحروب الساخنة في منطقة الشرق الاوسط، وإتاحة الفرصة لخلق حالة المصالحة والتطبيع بين الدول العربية واسرائيل بالاستفادة من تطرف حركة حماس وممارساتها، ومحاولة إلغائها وتحجيم دور الهلال الشيعي من الساحة السياسية مع اعتراض محور روسيا وإيران على ذلك السيناريو بدعم الفصائل الإسلامية المتطرفة والمتشددة لقصف المواقع الامريكية في المنطقة وبالأخص في إقليم كوردستان بحجج وذرائع واهية، لخلق حالة من الفوضى وضرب الاستقرار الأمني على كافة الأصعدة سياسياً واقتصاديا نتيجة تقاطع المصالح بين إقليم كوردستان وأمريكا ودول الخليج، وإن تلك الحروب والسيناريوهات الآنفة الذكر تؤثر بتداعياتها وتحدياتها، وتجعل العالم في حالة تأهب سياسي عسكري غير مستقر.

تتابع عبدالرحمن: «نعم، هناك تداخل سياسي واقتصادي وعسكري بين العراق وسوريا بتصدير منظمات إرهابية كتنظيم داعش وغيرها من قبل الدول الإقليمية والمنظمات الإرهابية، ويتم تغذيتها بمفاهيم طائفية، ناهيك عن الدعم اللوجستي والعسكري، لذا نرى أن التواجد الأمريكي وبناء قواعدها العسكرية في المنطقة ضرورة لابد منه لردع تلك الهجمات، التي تستفيد منها الدول الإقليمية لتنفيذ سياساتهم الاستبدادية وضرب المعارضة المناوئة وترويعهم بالاعتقال والقتل النفي و... الخ، ومحاولة محور روسيا وايران إقناع الرأي العام بان الوجود الامريكي في سوريا غير قانوني، بيد إن التواجد الامريكي في العراق منذ عام 2003 بدعم من قوات التحالف الدولي وبقائها الى الآن هو أن الدولة الاتحادية لم تلتزم بقرار الامم المتحدة رقم 687، وعدم امتناعه عن تطوير أسلحة الدمار الشامل المحرمة دوليًا، سعياً من أمريكا الى التخلص من النظام الدكتاتوري وتطبيق الحالة الديمقراطية في المنطقة، لذلك فإن وجود القوات الأمريكية هو ضمان على عدم تجاوزات الحكومة العراقية في تطوير واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً، وأيضاً دولة إيران الاكثر إنتاجاً لهذه الأسلحة، كما أن الوجود الأمريكي في سوريا هو ضمان لخلق حالة الاستقرار والتوازن في المنطقة، وإضفاء صفة شرعية لوجودها التي تخلق حالة من الأمان والطمأنينة، فرضت وجودها كدولة عظمى في المنطقة والعالم.

تضيف عبدالرحمن: «تصر حكومة إقليم كوردستان التمسك بالوجود الامريكي لأهمية موقعها كدولة عظمى في التأثير على مستقبل الشعوب ودورها البارز في قيادة العالم، وأيضاً لكسب الرأي العام العالمي وتأثيره على دول الخليج لمواجهة التهديدات على المنطقة، وإن التنظيمات الإرهابية التابعة للدول الإقليمية تقوم بتنفيذ مخططاتهم في زعزعة الامن والاستقرار، كما ان الجمهورية العراقية تحكمها سلطة الميليشيات ووجود القوات الامريكية ضمان لوجود الأمن في إقليم كوردستان، لأننا نجد هناك تكالباً عراقياً إيرانياً على الاقليم الآمن والمتطور، ونرى بين الفينة والأخرى تهديدات إرهابية وهجوم صاروخي وتحليق للطائرات المسيّرة تهدف المواقع المدنية بغرض زعزعة أمن واستقرار إقليم كوردستان، كما انها تهدد دول الجوار، وقد أوضح رئيس حكومة الإقليم السيد مسرور بارزاني في بيان أصدره مؤخرا، ان سبب وجود القوات الامريكية والتحالف الدولي في العراق هو ان العراق لم يكن قادرا على مواجهة التهديدات وسد الثغرات.

تؤكد عبدالرحمن: «أننا حتى نرتقي الى مستوى المرحلة الراهنة بمستجداتها واستحقاقاتها التاريخية والسياسية يتطلب من الحركة الكوردية ترتيب البيت الكوردي عبر توحيد الموقف وخطابها السياسي، والوحدة بين الأحزاب المتماثلة فكرياً وسياسياً، والبحث عن بدائل واقعية كتشكيل تحالفات أو جبهة كوردستانية كإطار سياسي لتتضافر جهودها في المحافل الدولية سياسياً، وكذلك توحيد القرار بين الكتل السياسية الكوردية في البرلمان العراقي لتعزيز موقعهم سياسياً واقتصادياً وأمنياً، والاحتكام الى الديمقراطية عبر تفعيل دور المؤسسات المجتمعية والاستفادة من إمكانياتها ومن مواردها البشرية، بحيث تخدم المصلحة العليا لشعبنا ولقضيتنا العادلة والمشروعة».

الكورد والحاجة إلى نقاط الارتكاز لرص الصفوف
تحدث عضو اللجنة المركزية للحزب الديموقراطي الكُردي في سوريا (البارتي) ماهين شيخاني لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «بعيداً عن القوانين والمواثيق الدولية وحقوق الانسان وتقرير مصيره رأينا هذه الشعارات الرنانة والمنظمات الإنسانية هي مجرد حبر على ورق وتتحرك هذه الورقة بحجج وذرائع واهية لمصلحة القوى الكبرى، وكل ما يجري في العالم هي سياسة مصالح ومصالح فقط، ولم يعد هناك عهود ومواثيق ولا أصدقاء أو أعداء سوى المصالح، حيث كانت بعد الحرب العالمية الثانية احتلال الشرق الأوسط من ضمن أولويات المصالح الأمريكية، والتي دارت حول ضمان إمدادات النفط من الخليج، ومنع الاتحاد السوفييتي من الوصول إلى منابع النفط والمياه الدافئة، والحفاظ على أمن إسرائيل، وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي السابق واستحواذ نظام عالمي أحادي القطب بقيادة اميركا والحلف الاطلسي للسيطرة على العالم، وورثت كوارث وحروب وازمات اقتصادية دون حل. والآن العالم يمر في لحظة تاريخية فاصلة حيث تتوضح ملامح تشكيل محور أو نظام عالمي جديد تقوده روسيا والصين وخلفهما دول ومنظمات داعمة بقوة اقتصادية واحتياط نقدي هائل. وقد اتخذ هذا المحور عدة أزمات ومنها الأزمة السورية كمنصة لإسقاط نظام الاحادية القطبية وفرض حضوره وإيقاعه السياسي بقوة على المسرح السياسي العالمي عبر عدة فيتوات مزدوجة في مجلس الأمن .

يتابع شيخاني: «لاشك أن الوجود الأمريكي لها دور قوي للردع والاستقرار، مازال تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" يسرح ويمرح، لم ينته بعد وعلى جانبي الحدود العراقية - السورية، كما أنه هو نشط جدًّا في مناطق الفراغ الأمني ولاسيما المناطق الكوردستانية خارج إدارة إقليم كوردستان والمحتلة من بعض الفصائل والميليشيات المحلية والأجنبية والتي تشكل خطراً محدقاً بالمنطقة بشكل عام وكوردستان بشكل خاص».
يؤكد شيخاني: «ان سبب اصرار الإقليم على التمسك بموقفه يعود إلى عدم جاهزية القوى الأمنية والعسكرية والاستخباراتية لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، كما نرى هجمات إرهابية على إقليم كوردستان من قبل جماعات إرهابية منفلتة محسوبة ضمن الحشد الشعبي والذي يتكون من (67) فصيلًا شيعيًا، و(43) فصيلًا سنيًا، و(9) فصائل أخرى مختلفة من داخل العراق وخارجه، بحجة استهداف المقرات الأمريكية والمتحالفة، وهذه العمليات تنطلق من الممرات الفارغة في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحشد الشعبي، وكما أشار الرئيس مسعود البارزاني الى أن أولويات واشنطن الحالية ربما تكون قد تغيرت، حيث تحتل الصين وأوكرانيا جدول أعمال الأمن القومي، مضيفا ان "هذا لا يعني أن الولايات المتحدة تأخذ الأمور على محمل الخفة" في العراق والشرق الاوسط».
يشير شيخاني: «إلى أننا كوردياً نحتاج إلى رصف الصفوف وتوحيدها أولاً، ربما يقول أحدهم ان هذا الطلب من المستحيلات، لنمد أيدينا ونتفق على نقاط نرتكز عليها جميعاً. نحتاج في هذا الوقت إلى مناضلين حقيقيين كالبيشمركة والقائد مسعود البارزاني رمز قومي ووطني لشعب كوردستان وللأحرار مدافعاً عن شعبه وأرضه من أجل تحقيق مطالبهم المشروعة.
نحتاج إلى المخلصين من أبناء شعبنا الذين أضحوا نزلاء دائمين في سجون ومعتقلات الظلام، أو المبعدون قسراً في ديارهم أو المنزوون عن شعوبهم، متقوقعين داخل أفكارهم، لا يجدون مساحة للتعبير عن ذواتهم.
هذا لا يعني أنه ليس لنا أبطال، بل هم كثر وفي كل العصور، غير أن ما ينقصهم هو الشجاعة الكافية لتقدم الصفوف، واقتناص قبس الشرارة من الشعب، ووضعها في المشعل ورفعه فوق الهامات، منارا يضيء دروب الساعين إلى الحقيقة والخلاص.. شباب كثر منتشرون في ساحات الجامعات والمستشفيات، يقومون بأعمال عظيمة، ويقدمون تضحيات جسيمة، يحملون الوعي وينشرون المعرفة، ويأخذون بأيدي المرضى والعجزة والأيتام، لكنهم عاجزون عن التقدم لقيادة الوطن.

التعاون والتنسيق مع شعوب المنطقة اساس الأمن والسلام
تحدث الشاعر والروائي، إبراهيم اليوسف لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «من يراقب ما يجري الآن عالمياً، من أحداث كبرى، لم تعد أسيرة منطقة محددة ما، كما كان يراد لها، من قبل، أن تتم، ولاسيما بعد ما تابعناه ونتابعه في-أوكرانيا- من جهة، وما جرى من جهة أخرى في غزة- من جهة أخرى، فإنه يتأكد بحقيقة واقع الدفع نحو تغييرات كبرى وكأننا أمام حريق هائل عملاق، يكاد أحد ألاَّ ينجو من تأثيراته. الحرب الأوكرانية/ الروسية، دخلت بيوتنا جميعاً، وبات لفح ألهبتها يؤثر على مأكلنا ومشربنا وملبسنا ومسكننا، بل وعلى مصائرنا، أينما كُنّا.
وليس بعيداً عن المثالين المشار إليهما، فإن احتدام وتصاعد أو تصعيد الأحداث لايزال متواصلاً في مهادنا. في منطقتنا، لأن هناك إرادة وعقلاً يريدان لهذا السعير أن يكون على هذا النحو».
يتابع اليوسف: «حقيقة، إن التغييرات الجارية تطال مفاصل جد مهمة: الاقتصاد. الجغرافيا السياسية. هذه الوقائع باتت مراكز الدراسات والبحوث تتجاوز مرحلة تناولها الافتراضي، من خلال تتبع تمظهراتها في الحياة العامة، بالنسبة إلى المواطن الكوني، مخترقة كل حدود جغرافية. وقد آن لنا أن نتفهم دلالات هذه المجريات التي تتم على مستوى عالمي، كي نتلمس موقعنا في الخريطة المقبلة، وهذا ما يفرض علينا أن نكون في مستوى المسؤولية واللحظة الآيلة للانفجار، وإعادة رسم الخرائط».
يُبدي اليوسف رأيه الخاص في هذا المجال، يقول: «إذ إن أمريكا تتعامل وفق مبدأين تجاه الإرهاب، فهي التي تساهم في نشأته، ورعايته وإدارته، لتتنطع- بعدئذ- لمحاولة استئصاله. إنها المفارقة الحقيقية. فمن يعد إلى مذكرات بعض الساسة الأمريكان يجد أن مثل هذا الموقف ليس مجرد تكهُّن أو ضرب في المندل، وإنما حقيقة واقعية، ألم تتخذ أمريكا دور المراقب لتحركات تنظيم داعش وهو يتمدد في مثالين: الموصل وشنكال/ سنجار؟ ولقد تابعنا عبر الإعلام لقاءات بعض- نساء البغدادي- اللواتي اعترفن كيف أنه كان يتحرك على امتداد فترة زمنية محددة على هواه، يتنقل وهو الملاحق ما بين: الرقة والموصل وغيرهما، وكيف أن قوافل السبايا الإيزيديات تم نقلهن على مرأى الأقمار الصناعية التي ترصد حركة رفرفة جناحي أية بعوضة، أو لم توافق أمريكا على ممارسة الحشد الشعبي إرهابه في مناطق واسعة من كوردستان من بينها كركوك؟ وهكذا بالنسبة للإرهاب الذي يتم في عفرين وسري كانيية وتل أبيض إلخ؟ ألا يمارس ملالي إيران الإرهاب بحق الكورد والإيرانيين والمنطقة؟ ثمة شراكة هنا مع الإرهاب من لدن من يجد ذاته راعياً للأسرة الدولية، بيد أنه يخلق أدوات الإرهاب كي يسجل لذاته مأثرة مواجهتها، والتعامل الإعلاني عند الضرورة فحسب مع الدور الميداني لسواه في مواجهتها، ومواجهة طموحه ومستحقاته وجعل هذه الأدوات في مرمى أي إرهاب رسمي شريك كما حالتَي إيران وتركيا ضد المنطقة والكورد».

يضيف اليوسف سؤالاً، الآن ماذا علينا أن نعمل؟، فيقول: من الطبيعي أن نحدد ككورد موقعنا في معادلة الصراع، ومن أكبر الأخطار في هذا السياق أن نضع (كل البيض في سلة واحدة) كما يقال، أي رهن مصيرنا بشكل مسبق بنفوذ هذا الطرف أو ذاك، فالتوازنات التقليدية القائمة تتغيّر كما بات واضحاً، والأهم من كل ذلك أن" الاتفاق" و"تحديد" ما نريده في هذه المرحلة، وأقول في هذه المرحلة وفق قراءة اللوحة: دولة - فدرالية - حكم ذاتي ....، رغم وضوح الحق القومي في أوسع أمدائه بما يتطابق وحق الاستقلال، وترتيب بيتنا الداخلي ومن ثم تحديد الموقف من كل القوى على أساس الموقف الفعلي لتلك القوى من حقوقنا».

يشير اليوسف: «إن إدراك العلاقة بين الثابت والمتغير: التحالفات الدولية- كما يقول الباحث عصام حوج- مهما كانت فهي معطى عابر، والجغرافيا السياسية معطى ثابت، وبعبارة أوضح فإنه لا يمكن ومن باب العقلانية السياسية على الأقل- وفي ضوء الجاري- تجاهل حقيقة أن أية دولة كبرى لن ولم تطيح بدولة بوزن تركيا كرمال عيوننا ككورد، وهكذا بالنسبة إلى إيران، إن الطريق الوحيد أمام الشعب الكوردي هو التعاون والتنسيق مع شعوب المنطقة وقواها الحية من أجل تهدئة الأوضاع والحلول السياسية العاجلة، في إطار نيل حقوقه القومية كاملة، كمدخل لعملية تغيير جذرية شاملة تقوم بها شعوب المنطقة على أساس الاعتراف المتبادل بالحقوق ووحدة التاريخ والمصير، من دون أن ننسى أن كوردستان هي حقيقة وواقع ومستقبل، في آن واحد، إلا إن مستلزمات قراءة اللحظة لابد من فهمها- تماماً- وأهلنا في كوردستان العراق- أحسنوا القراءة، رغم استعادة أولي الأمر في بغداد ما قام به سلفهم الطاغية صدام حسين من إفراغ لاتفاقية الحكم الذاتي، كما تحاول الحكومة الاتحادية الآن إفراغ الفيدرالية من أسسها وشروطها والانقلاب عليها».

يتطرق اليوسف: «إلى أن ثمة مهمة كبرى أمام الأسرة الدولية وهي إعادة النظر في خرائط المنطقة التي حرم بموجبها أكبر شعب حي يعيش على أرضه منذ آلاف السنين وهو الشعب الكوردي من إقامة دولته، بعيداً عن استثمار هذا الاحتلال لضرب شعوب المنطقة بعضها ببعض، فقد شهدنا أن أمريكا رغم وجودها في المنطقة سكتت بل وافقت تركيا على احتلال مناطق كوردية: عفرين وسري كانيية.. إلخ. أجل، إنه في حال إنجاز هذه المهمة التي كان الغرب نفسه سبباً في توزيع خريطة كوردستان على دول ذات خرائط مستحدثة. بعد إنجاز هذا المطلب وإعادة الحق لأصحابه، فإن القاعدة الذهبية يجب أن تكون هي المعتمدة، من خلال اعتبار كل أشكال التدخل مرفوضة بلا شك: الأمريكي منها والروسي والتركي والإيراني و.. و...في آن، ولكن عند الحديث اليوم عن رفض التدخل الإيراني أو التركي في شؤون دول مجاورة، فإنه لابد من الحديث عن التدخل الأمريكي المباشر، الذي شرّع لنفسه القدوم من 12000 كيلو متر، فهو بهذا يشرعن لـ الدول المجاورة جريمة التدخل في شؤون الآخر .. المشكلة في التدخل كمبدأ بغض النظر عن الطرف الذي يرتكب ذلك».

يختم اليوسف: «إن الإجرام الإيراني والتركي والتدخل الوقح لهما، في الشأن العراقي عموماً والكوردي خصوصاً هو الوجه الآخر للوجود الأمريكي، وهو أحد تجليات الفوضى المهيمنة. إن الدور الرئيس للأسرة الدولية يكمن في الدفع تجاه إعادة رسم خرائط المنطقة على ضوء حضورها التاريخي والواقعي، كمواجهة لما يجري من جينوسايدات وتغييرات ديمغرافية، والتعاون من أجل وضع أسس صارمة تكرس ثقافة وواقع ديمومة السلام والوئام.