الحزب الديمقراطي الكوردستاني - سوريا.. الاستمرارية والثبات

الحزب الديمقراطي الكوردستاني - سوريا.. الاستمرارية والثبات

بقلم: عبدو أحمد

في الحديث عن تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني - سوريا والعوامل التي أدّت إلى ظهوره على الساحة في كوردستان سوريا، يعود بنا الزمن إلى بدايات تبلور الفكر القومي الكوردي وتناميه شيئاً فشيئاً لتشهد الساحة الكوردية حزباً اتّخذ من نهج البارزاني الخالد درباً قدّم فيه الكثير من التضحيات لنيل الحقوق المشروعة لشعبٍ أصيل يعيش على أرضه التاريخية، فما هي العوامل التي ساعدت في تأسيس أول تنظيمٍ سياسي كوردي بكوردستان سوريا؟

عاش الكورد الويلات بعد اتفاقيتي سايكس – بيكو عام 1916 ولوزان عام 1923 اللّتين قسّمتا جغرافية كوردستان بين عدة دول مارست على هذا الشعب أقسى أنواع الاضطهاد في محاولةٍ منها لطمس هوية شعبٍ يعيش على أرضه التاريخية، وكردّة فعلٍ طبيعية حاول الكورد في أجزاء كوردستان الحفاظ على هويتهم القومية من الانصهار في بوتقة القوميات الأخرى، حيث نشطت الجمعيات الثقافية والفكرية في كوردستان سوريا التي ساهمت في إغناء العقل الكوردي، وتبلوُر الفكر القومي على مستوى الفرد والمجتمع، وفي الرابع عشر من حزيران أعلن مجموعة من المثقفين والسياسيين الكورد عن تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني - سوريا الذي طالب بحقوق الكورد السياسية والاجتماعية والثقافية بالإضافة إلى مساندة الكورد في نضالاتهم بأجزاء كوردستان الأخرى.

*الثبات

واجه الحزب الوليد في الأعوام اللاحقة شتّى أنواع الاضطهاد السياسي من قبل السلطات التي تعاقبت على حكم سوريا، أشدّها كانت بعد وصول حزب البعث لسُدّة الحكم في البلاد وتنفيذه للعديد من المشاريع العنصرية الكورد كالحزام العربي والإحصاء الشوفيني وتجريد الكورد من الجنسية السورية، والعديد من الممارسات الشوفينية الأخرى، وقف الديمقراطي الكوردستاني - سوريا في وجه هذه السياسات الشوفينية بمواقفه الثابتة النابعة من النهج القويم، وتعرّض أعضاؤه وقادته للاعتقال والتعذيب الوحشي في معتقلات النظام السوري، لم تثنِه ممارسات النظام عن المطالبة بالحقوق المشروعة للشعب الكوردي إنما تناوبت الأجيال على حمل مشاعل الحرية التي حملها الحزب منذ تأسيسه ولا يزال أعضاؤه وقياديوه في معتقلات إدارة PYD التي استلمت سلطة مناطق كوردستان سوريا من النظام وفق اتفاقياتٍ أمنية فضلاً عن الشهداء الذين دفعوا حياتهم في سبيل القضية الكوردية.

*إيصال القضية الكوردية إلى المحافل الدولية

بعد انطلاق الثورة السورية وتأسيس المجلس الوطني الكوردي في سوريا الذي أخرج القضية الكوردية في سوريا من القوقعة الضّيقة إلى المحافل الدولية كونه جزءاً من المعارضة السورية، لذا فإن الديمقراطي الكوردستاني - سوريا الذي يعد أهم مكونات المجلس كان ولا يزال يعملُ على تعريف العالم بمعاناة شعبٍ عانى أشد أنواع الاستبداد من جهة ومن جهةٍ أخرى لا يزال الحزب من خلال قاعدته وجماهيره على الأرض في مختلف مدن كوردستان سوريا صامداً في وجه جميع المحاولات التي تستهدف الوجود الكوردي، وقدّم في سبيل صموده هذا التضحيات الجسام.

خلق الحزب منذ تأسيسه توازناً بين الواقع الكوردي والمطالب التي أطلقها، لم يطلق شعاراتٍ واهية تستنزف قدرات الشعب بل كانت مطالبه معقولة تلائم الواقع من جهة وتحفظ الحقوق القومية المشروعة من جهةٍ أخرى، من هذا المنطلق تصدّر الساحة السياسية في كوردستان سوريا واتّسعت قاعدته الجماهيرية لتضم الوطنيين من كافة فئات المجتمع.

الحزب الديمقراطي الكوردستاني - سوريا وليد تبلور الفكر القومي، ينهل الثبات والاستمرارية من نهج البارزاني الخالد والتضحيات التي يقدمها في سبيل مواقفه، يجدّد أدواته النضالية بما يلائم الواقع والجماهير.