شريف علي: إيران في مهب الضربة الأمريكية

شريف علي: إيران في مهب الضربة الأمريكية



القرار الأمريكي الاخير بفرض حزمة جديدة من العقوبات على المنظومة الامنية الحاكمة في طهران، وأذرعها المنتشرة اقليمياً وعالمياً، والذي تزامن مع السعي الامريكي لإقامة المنطقة الآمنة على امتداد الشمال السوري- فيما اصطلح عليه منطقة شرق الفرات - الممتدة بين نقطتين دخول نهري دجلة والفرات للأراضي السورية، عكس دلالات الموقف الامريكي الرافض للتواجد الايراني المباشر وغير المباشر في المنطقة عموما والمثلث الشمال الشرقي من سوريا تحديدا، وهو ما جعل النظام الايراني يعيش حالة هستيرية متخبطا يميناً وشمالاً وسط ادعاءات إعلامية صرفة بجاهزيتها للرد على تلك العقوبات الأمر الذي دفع بالإدارة الامريكية لتأكيد جديتها في التعامل مع ملف النظام الايراني، وصنيعاته من التنظيمات الميليشاتية في العراق وسوريا ولبنان واليمن، من خلال حشد قوة عسكرية ضخمة بما فيها البوارج وحاملات الطائرات تعتبر الأحدث في القوة الجوية الأمريكية، في مياه المتوسط والخليج.

ما يعزز احتمال الضربة العسكرية الأمريكية لإيران او اية جهة عاملة لحسابها في المنطقة. هذا التعزيز تجلى أيضا في القلق السائد في الشارع الإيراني على المستويين الحكومي/ العسكري، والجماهيري الممتعضة أساساً من سياسات حكومتها، وتبحث عن بصيص ضوء يوحي بدعم خارجي لضرب النظام ومؤسساته الاقتصادية والعسكرية والأمنية، يضاف إلى ذلك ما تبديه الدول الأوروبية من مساندة واضحة للخطوات الامريكية وتحذيرات متوالية النظام الإيراني وضرورة التزامها ببنود الاتفاق النووي، والكف عن تدخلاتها في شؤون بلدان المنطقة، ودعم التنظيمات الإرهابية.
لكن يبقى السؤال الذي يطرح نفسه: هل تقود هذه الجدية الأمريكية إلى مواجهة عسكرية بين أمريكا وايران؟
المعطيات الملموسة وعلى ضوء مسيرة الصراع الظاهري بين الدولتين منذ تبديل نظام الشاه بنظام الملالي يستبعد احتمال المواجهة الجبهوية على حساب احتمال ربما ضربة عسكرية خاطفة، ولكن واسعة النطاق - بالنظر إلى كون هذا التحرك العسكري الامريكي الضخم لا يمكن أن يكون نزهة للبحرية الأمريكية، وقد تستهدف البنية التحتية النظام الى جانب مراكز السيطرة والقيادة العسكرية للمؤسسات النظام ووكلائه داخل بلدان المنطقة لبتر أذرعه قد تجاوزت الخطوط المرسومة لها، وباتت تشكل خطراً على المصالح الامريكية وحلفائها الاقليميين، وبالتالي إعادة توجيه وترتيب مسار التغيرات المرسومة للمنطقة في أعقاب ما شهدته من تفكك وانهيار القواعد والنظم بفعل عوامل داخلية وخارجية خرجت من سيطرة أبناء المنطقة ذاتهم بدخول لاعبين دوليين وإدخال آخرين بصفة ادوات منفذة ووسائل تعينهم لتنفيذ ما يصبون اليه بموجب تفاهمات واتفاقات تتوزع فيها الادوار من وراء الكواليس. ليتم خلالها استبعاد من فقد صلاحيته كأداة منفذة، ولا يصلح للعب اي دور في السيناريوهات القادمة بخصوص مستقبل المنطقة، على غرار ما تشهدها المناطق التي سميت بمناطق خفض التصعيد في السوري.

وإذا كانت الحالة هذه في المناطق المحتلة من قبل تركيا او من جانب وكلائها المحليين، فإن الأمر يختلف في باقي المناطق خاصة تلك الواقعة تحت النفوذ الايراني بشكل او بآخر حيث السعي الايراني لوضع الأوراق الرابحة تحت يده، وبالتالي حالة تهديد مباشر للمصالح الأمريكية ومشروعها في المنطقة بما يبرر اتخاذ الإجراءات اللازمة بما فيه الاعمال العسكرية التي يلاحظ الاستعداد لها بالتنسيق مع الدول الاوربية والحلفاء الاقليميين في المنطقة.