المصير الكوردي في سوريا إلى أين؟

المصير الكوردي في سوريا إلى أين؟

شكري بكر ( جريدة كوردستان)
إن تحرر الشعوب يأتي عن طريق الأحزاب، فالحزب هو أداة نضالية بهدف انتزاع حقوق الشعوب المهضومة.
يتميز الحزب بوجود وثيقتين:
النظام الداخلي وعلى أساسه يتشكل الحزب من الهرم إلى القاعدة. البرنامج السياسي، وفيه يطرح وجهة نظر الحزب حول حل قضايا السياسية للشعوب المهضومة الحقوق.
الشعب الكوردي جزء من الشعوب المهضومة الحقوق، إذاً ما هو أفضل وسيلة أمام الشعب الكوردي باستعادة حقوقه ؟ يبقى الحزب هو الوسيلة الأساسية أمام الشعب الكوردي بإستعادة حقوقه المهضومة.
لهذا، نشأت منذ ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي جمعيات ثقافية وصحف كوردية، كصحيفة كوردستان في مصر والتي أصدرها الأمير جلادت مدحت بدرخان، وجمعية خويبون، وما إعلان الحزب الديمقراطي الكوردستاني ـ سوريا عام 1957 أن أحد الضرورات الملحة لتأسيسه كأول نواة تنظيمية عبرت عن إرادة الشعب الكوردي بقيادة نخبة من المثقفين في ذلك الحين.
في فترة الإعلان اتسمت سوريا بفترة الانقلابات السياسية منها والعسكرية. ثم قيام الوحدة بين مصر وسوريا التي لم تدم طويلا، وانفصال سوريا عن مصر عبر انقلاب حزب البعث بقيادة ميشيل عفلق وأمين حافظ وحافظ الأسد، الذي كان وزيرا للدفاع، ثم قيام حافظ الأسد بحركة التي سماها بالحركة التصحيحية، وبها وضع يده على كافة مقاليد السلطة في سوريا.
في غمرة التحولات التي مرت بها سوريا قد تعرضت قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا إلى الاعتقال من قِبل المكتب الثاني العائد لاستخبارات النظام في ذلك الحين، والتي مارست كافة صنوف التعذيب بحق قيادة الحزب التي دفعت البعض إلى المساومة على برنامج الحزب الذي انطلقوا منه، بعد التباين في آراء القيادة تم الإفراج عنهم ، هذا التباين أدى إلى الانشقاق الأول في عام 1965 بين اليمين واليسار، وقد تدخل الخالد مصطفى البارزاني لإصلاح البين بعودة الطرفين إلى ما بدؤوا، وعلى هذا الأساس دعي الطرفين إلى مؤتمر ناوبردان، إلى أن الطرفين لم يُبدوا أي تعايش بينهما، بناءً على ذلك تم تكليف السيد دهام ميرو من قِبل الخالد السير بالحزب عبر الإعلان عن القيادة المؤقتة والقيادة المرحلية وانطلاق الحزب من جديد باسم الحزب الديمقراطي الكوردي في سوريا (البارتي) عام 1972 .
قاد أول انشقاق في البارتي شيخ باقي الذي شكل فيما بعد الحزب الديمقراطي الكوردي السوري (الكونفرانس).
ثم قاد الانشقاق الثاني السيد محي الدين شيخ آلي والمرحوم عبدالرحمن عثمان، حيث شكلوا حزب العمل الديمقراطي الكوردي في سوريا.
ثم عقد حزب العمل مع حزب الشغيلة بالإضافة لقواعد من حزب التقدمي مؤتمرا توحيديا وإطلاق حزب الوحدة الديمقراطي الكوردي في سوريا (يكيتي).
خلال هذا التحول في الحركة فقد تعرض حزب اليساري الكوردي في سوريا أيضا إلى الانشقاق، وفي عام 1980 عقد الحزب اليساري الكوردي بقيادة صلاح بدرالدين مؤتمره وخرج الحزب باسم الإتحاد الشعبي الكوردي في سوريا.
في عام 1985 كان عدد الأحزاب الكوردية في سوريا ستة أحزاب، وبعد جهود مضمرة تم الإعلان عن التحالف الديمقراطي الكوردي في سوريا من خمسة أحزاب هي:
الحزب الديمقراطي الكوردي في سوريا (البارتي)
الحزب الديمقراطي التقدمي الكوردي
حزب الإتحاد الشعبي الكوردي في سوريا
حزب اليساري الكوردي في سوريا
الحزب اليمقراطي الكوردي السوري (الكونفرانس)
وبعد إعلان التآلف بعامين تقريبا تم دعوة حزب العمل بالانضمام إلى التحالف، وتم قبول الدعوة من قِبل حزب العمل: وانضم إلى التحالف.
بهذا يكون التحالف قد شمل جميع الأحزاب الكوردية في سوريا.
فترة التسعينيات كانت الفترة الأشد التي تعرضت لها الحركة الكوردية إلى الانشقاق. رغم ذلك ومع نشوب الثورة السورية، كانت قد وصلت عدد الأحزاب الكوردية في سوريا إلى 17 حزبا بما ذلك حزب الإتحاد الديمقراطي السوري pyd الجناح السوري لحزب العمال الكوردستاني.
في هذه الأثناء أطلقت عدة صيحات تدعو إلى وحدة الحركة الكوردية ضمن إطار سياسي للتعبير عن إرادة الشعب الكوردي في سوريا، وقد صدر أكثر من بيان باسم الإجماع الكوردي دعت إلى عقد مؤتمر كوردي والخروج بممثل عن الشعب الكوردي في سوريا.
وقد لوحظ أن أطرافاً إقليمية لا ترغب وحدة الإرادة لدى الشعب الكوردي، وبعد تدخلات هنا وهناك، وضع حزب الإتحاد الديمقراطي شروطاً تعجيزية أمام عقد المؤتمر، في هذه الأثناء ذهب إلى المؤتمر 16 حزباً، وأعلنوا عن المجلس الوطني الكوردي.
بينما عمد حزب الاتحاد الديمقراطي إلى الإعلان عن مجلس سوريا الديمقراطية أحادي الجانب.
يمكنني القول أن بعد انسحاب النظام من المناطق الكوردية وتسلم مهام الإدارة ل pyd ، حقق pyd ما عجز عنه النظام في انقسام وتشتت الحركة الكوردية عبر استخدامه للقوة المفرطة بحق أحزاب الكوردية، وفتح باب الارتزاق، من تطوع في القوات ال ypk و ypj ، والتحاق المواطن للخدمة في مؤسسات الإدارة الذاتية، بهذا يكون قد أقدم ال pyd إلى شراء ذمم الموطنين الكورد، به يكون قد ساهم ال pyd بإحداث شرخ كبير في صفوف الشعب والحركة معا .
بهذا يصبح الشارع السياسي الكوردي في سوريا إلى توجهين:
ال pyd حافظ على ماء وجهه مع النظام ووقوفه إلى جانبه الذي كان المساهم الأكبر في استمرار النظام حتى الآن، جاء هذا على ألسنة العديد من قيادات pyd والقنديليين أيضا.
فيما التحق المجلس الوطني الكوردي بصفوف المعارضة التي شكلت هيئة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية.
اشتد النزاع السوري بين قوتين رئيسيتن على الصعيد الوطني السوري عموما بين النظام ذي الصبغة العلوية، والمعارضة ذات الصبغة السنية، والكوردي خصوصاً بين الإدارة الذاتية والمجلس الوطني الكوردي.
هنا يتبادر إلى ذهن المواطن الكوردي السؤال التالي:
أين مصلحة الشعب الكوردي؟
هي تكمن في وحدتهم أولاً، ثم التحاقهم بأحد قطبي الصراع على السلطة في سوريا.
فالانقسام الكوردي هو ضعف لهم أمام المعارضة العربية السورية، لا شك أن الطرفين ليس لديهم رؤى تجاه الشعب الكوردي، كالاعتراف به ثاني قومية في البلاد، وحل قضيته حلا عادلا ومشروعا بما أقره العهود والمواثيق الدولية بحق الأمم في تقرير مصيرها.
تجدر بي الإشارة هنا إلى أن بقاء الكورد خارج أطر الصراع الدائر منذ أكثر من ثلاثة عشر عاما والذي لا يزال الحبل على الجرار وغير معروف المدى سيخرجون من المولد بلا حمص، لأن حل هذه الأزمة ستأتي عبر القرار الأممي 2254 الذي أجبر الطرفين على الخوض في عملية التفاوض لإنبثاق الحل المنشود، في نهاية المطاف سيتدخل المجتمع الدولي لإنهاء هذه الأزمة إما تفاوضا أو جبرا، عندئذ من الذي سيتمسك بالورقة الكوردية في حال استمرار الغياب الكوردي في جولات إنجاز الحل السوري السوري برعاية أممية ماذا سيكون مصير الكورد؟
أعتقد أن المطلوب يكمن في قيام أغلبية الأحزاب الكوردية بمراجعة نقدية ناجعة في تصحيح مساراتها، وتجميع قواها الذاتية في إطار جامع، والوقوف على المصلحة الكوردية العليا، وأخذ الأزمة السورية بعين الاعتبار بما يضمن حق الشعب الكوردي في تقرير مصيره بنفسه.