اللقاء مع الزعيم مسعود بارزاني.. فرصة لتوحيد الصف الكوردي في سوريا

اللقاء مع الزعيم مسعود بارزاني.. فرصة لتوحيد الصف الكوردي في سوريا

حسن قاسم
يشكّل اللقاء الذي جمع الزعيم مسعود بارزاني، المرجعية السياسية للشعب الكوردي في عموم كوردستان، مع سكرتارية أحزاب المجلس الوطني الكوردي في سوريا، محطة سياسية ذات دلالات عميقة في هذا الظرف الحساس الذي تمرُّ به القضية الكوردية في سوريا. فاللقاء لا يمكن النظر إليه بوصفه مجرد اجتماع بروتوكولي، بل هو رسالة واضحة باتجاه إعادة ترتيب البيت الكوردي السوري على أسس من الحوار والتفاهم والشراكة السياسية.
لقد جاء هذا اللقاء متسقاً مع روح كونفرانس 26 نيسان الماضي الذي شدد على أهمية وحدة الصف والخطاب والموقف، وحماية هذه الوحدة من كل محاولات التشويش أو الشقاق التي تسعى بعض الأطراف إلى تغذيتها خدمةً لأجندات غير وطنية.
فالقضية الكوردية في سوريا لم تعد تحتمل مزيداً من الانقسام، خاصة في ظل التحديات التي تفرضها التحولات الإقليمية والدولية، ومحاولات قوى عديدة فرض رؤاها على حساب تطلعات الكورد في الحرية والمشاركة والاعتراف بحقوقهم القومية.
إنّ الزعيم مسعود بارزاني، بما يمثله من رمزية قومية ومكانة قيادية، استطاع أن يجمع الأطراف المتباعدة على طاولة واحدة، فاتحاً أمامها أفقاً جديداً للبحث عن المشتركات وتجاوز الخلافات. فالقضية اليوم ليست صراعاً على مواقع أو نفوذ، بل هي معركة وعي ومسؤولية تاريخية تجاه الشعب الكوردي في سوريا، الذي يعلّق آماله على توحيد الموقف والرؤية في مواجهة الاستحقاقات المقبلة.
وفي هذا السياق، تبدو الإدارة الذاتية أمام اختبار جدي في مدى قدرتها على ترجمة الشعارات إلى خطوات عملية، عبر إطلاق مبادرات ملموسة تُشرك جميع القوى والأحزاب السياسية في المؤسسات، وإعادة هيكلة بنيتها الإدارية على أسس ديمقراطية واقعية. فالإقصاء لا يبني استقراراً، والشراكة وحدها قادرة على صون التجربة وحمايتها من التآكل الداخلي.
كما أنّ عليها أن تولي اهتماماً خاصاً بملفات التنمية والخدمات والتعليم والقضاء، وهي قضايا تمس حياة الناس اليومية وتشكل مقياساً حقيقياً لنجاح أي تجربة سياسية. فالحديث عن مشروع وطني كوردي سوري لا يكتمل دون معالجة هذه الملفات بما ينسجم مع تطلعات المجتمع ومع مقتضيات المرحلة الجديدة التي تلوح في الأفق مع اقتراب التسويات السياسية في البلاد.
إنّ الحفاظ على السلم الأهلي والتعايش بين جميع المكوّنات في المنطقة يشكّل حجر الزاوية في أي مشروع مستقبلي، وهو ما أكده الزعيم بارزاني مراراً في دعواته إلى الحوار والتفاهم بين الكورد والعرب والسريان وسائر المكونات السورية. فالتنوّع هو ثروة، لا عبء، والوحدة لا تعني التطابق، بل التوافق في إطار احترام الخصوصيات والهويات.
في المحصلة، يمكن القول إنّ لقاء الزعيم مسعود بارزاني مع قيادات المجلس الوطني الكوردي أعاد الأمل بإمكانية بلورة موقف كوردي موحّد، قادر على خوض غمار المرحلة المقبلة بثقة ومسؤولية، ومواكبة التحولات المتسارعة في المشهد السوري. إنها فرصة تاريخية يجب اغتنامها، لأن وحدة الصف الكوردي لم تعد مطلباً سياسياً فحسب، بل ضرورة وطنية ومجتمعية لحماية الوجود وضمان المستقبل.