الكورد في سوريا وسياسات التهميش

الكورد في سوريا وسياسات التهميش

الكورد في سوريا وسياسات التهميش
فيصل نعسو
إن مواقف البعض سواء في الموالاة او المعارضة السلبية، من القضية الكوردية في سوريا كقضية شعب يعيش على ارضه التاريخية والتي هي بالأصل قضية وطنية بامتياز، لأن الكورد في سوريا جزء اساسي من النسيج الوطني السوري، ولا يمكن حل اية قضية وطنية بدون ايجاد حل قانوني ودستوري لهذا الشعب، لكن البعض وبشكل متعمد ولغايات عنصرية ولمصالح فئوية وشخصية يحاول تهميش هذا الشعب والالتفاف على حقوقه المشروعة التي لا تتعارض مع مصلحة سوريا كوطن جامع لكل السوريين، ويحاولون حشر الكورد في زوايا ضيقة من خلال اتهامهم بالعنصرية تارة، وبالانفصالية تارة اخرى، ويمارسون كافة اشكال العنصرية بحق هذا الشعب المسالم من خلال الكثير من المشاريع العنصرية وإصدار الكثير من المراسيم الاستثنائية بحق هذا الشعب.

كل تلك المشاريع والمواقف العنصرية خلقت لدى افراد هذا الشعب حالة من الاغتراب نتيجة طبيعية لكل تلك السياسات غير العقلانية، تلك السياسات التي لم تجلب لسوريا سوى الخراب والدمار، فالسنوات الثماني العجاف التي مرت على بلدنا سوريا أكبر شاهد على فشل تلك السياسات وتلك العقلية التي اخذت البلد الى المجهول، حيث تحولت سوريا الى بلد شبه فاشل، والجميع خرج منهزماً من هذه الازمة مهما حاول البعض من خلال التسويق بانه خرج منتصراً من هذا الحرب الذي اكل الاخضر واليابس بعد تدمير نصف سوريا ومئات الالاف من القتلى ومثلهم من المعاقين والمفقودين والمساجين، وملايين من المهجرين داخل سوريا وخارجها.

لا يستطيع كائن من يكون أن يزاود على الكورد أو ان يشكك بوطنية هذا الشعب وحبه لوطنه وحرصه على سوريا كوطن، والحركة الكوردية في سوريا لم تكن يوماً جزءاً من اية مؤامرة ضد سوريا كوطن على الرغم من ما لحق بهذا الشعب من غبن وعدم الاعتراف بهويته القومية، والكثير من الاحداث التي اهتزت فيها سوريا، وهنا نذكر على سبيل المثال الازمة التي مرت بها سوريا في بدايات ثمانينات القرن الماضي، والصراع الذي دار بين الدولة السورية وتنظيم الاخوان المسلمين والذي راح ضحيتها عشرات آلاف من السوريين، وعلى الرغم من كل محاولات هذه الجماعة استمالة الكورد من اجل الوقوف معها ضد الدولة السورية فالكورد والحركة الكردية وقفت بالضد من كل تلك المحاولات، وكذلك الحال بالنسبة للأحداث التي وقعت في آذار 2011 وخروج الكثير من ابناء الشعب السوري الذين خرجوا مطالبين بالإصلاحات الديمقراطية وبشكل سلمي وقف الشعب الكوردي وحركته السياسية الى جانب تلك الاصلاحات، ولكن بطريقة سلمية وديمقراطية ولكن تعامل النظام مع هذه المطالب بطريقة امنية بحتة ادت الى كوارث حلت بسوريا، ولكن بقي الكرد كشعب كوردي وحركته السياسية بعيدين عن حالة تلك العسكرة على الاقل في مناطقهم، ولم يفكروا يوماً بانهم سيحكمون الاغلبية العربية من دمشق.

الحركة الكوردية في سوريا حركة ناضجة وهذه الحركة لم ترفع منذ اكثر من خمسة عقود اي شعار طوباوي او خيالي بخصوص الكورد وحقوقهم، وكان دائماً الكرة في ملعب الانظمة التي تعاقبت على الحكم بل في ملعب الكثير من القوى السياسية التي كانت جزءاً من المعارضة السورية، والتي لا تؤمن بالتعددية ولا بالعيش المشترك مع الاخر المختلف معه، وكان الشعب الكردي وحركته السياسية كانوا من المتضررين من عسكرة المظاهرات السلمية، حيث تحقق للكورد بعض من مطالبهم مثل تجنيس واعادة الجنسية لمئات الاف من الكرد المجردين من الجنسية، انها كانت ثمرة تلك المظاهرات السلمية.

الحركة الكردية استفادت كثيراً من تجربة كوردستان العراق عندما رفعوا شعارات منطقية ومعقولة خلال صراعهم مع الحكومات العراقية عندما كانوا يطالبون بالديمقراطية للعراق والحكم الذاتي والحقيقي لكوردستان، حيث ابتعدت الحركة الكردية عن رفع الشعارات البراقة، بسبب فشل تلك الشعارات من تحقيق اي شيء لشعبنا، وان الحركة الكردية ترى في دمشق المكان الانسب والافضل لحل هذه القضية بعيدة عن التجاذبات الاقليمية والدولية، لان القضية الكردية في سوريا لها خصوصية سورية، لهذا وذاك يجب ان نؤمن بان سوريا لكل السوريين دون تفرقة او اي اشكال تمييز مع مراعاة خصوصية كل طائفة وقومية لان سوريا تكفي وتسع كل السوريين.