قراءة سريعة في لقاء بوتين – أردوغان 5 من آذار 2020

قراءة سريعة في لقاء بوتين – أردوغان 5 من آذار 2020

قراءة سريعة في لقاء بوتين – أردوغان 5 من آذار 2020
شاهين أحمد

بعد التصعيد العسكري الخطير منذ حوالي أكثر من شهر والذي شهدته جبهات محافظة إدلب وأرياف المحافظات التي تجاورها والمصنفة كمنطقة خفض تصعيد والمسمى بـ " منطقة خفض التصعيد الرابعة " واليتيمة المتبقية من بين مناطق خفض التصعيد التي تم قضمها من جانب النظام واحدة بعد أخرى بعد تهجير القسم الأكبر من سكانها ونقل وتجميع العناصر الراديكالية في محافظة إدلب ، التقى اليوم الخميس الـ 5 من آذار 2020 في موسكو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يرافقه وفد تركي رفيع (سياسي وعسكري وأمني ) مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبمشاركة فريق ( سياسي وعسكري وأمني ) من الجانب الروسي ، وتباينت التوقعات حول النتائج المتوقعة للقاء المذكور ،وصدر بروتوكول إضافي لخص النقاط الأساسية لما تم التوافق عليها والتي يمكن إيجازها على النحو التالي :

1 - جاءت النتائج مخالفة لتوقعات غالبية المحللين الأتراك وكذلك أكثرية أوساط المعارضة العربية السنية السورية .
2 – ورد في البروتوكول المذكور " إذ يشير إلى مذكرة إنشاء مناطق خفض التصعيد في الجمهورية العربية السورية اعتباراً من 4 مايو 2017 ومذكرة بشأن استقرار الوضع في منطقة إدلب التصعيدية اعتباراً من 17 سبتمبر 2018 " . علماً أنه لم تبقى من تلك المناطق المذكورة إلا المنطقة اليتيمة الرابعة التي أصبحت مسرحاً للعمليات العسكرية منذ أكثر من شهر .
3 - إعادة تأكيد الطرفين على التزامهما القوي بسيادة سورية واستقلالها ووحدتها وسلامتها الإقليمية.
4 – ورد في البروتوكول المذكور " وإذ تؤكد من جديد تصميمها على مكافحة جميع أشكال الإرهاب ، والقضاء على جميع الجماعات الإرهابية في سوريا على النحو الذي حدده مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ..." وهنا نقطة بالغة الأهمية إذ أن الجماعات المصنفة إرهابية من قبل مجلس الأمن الدولي والتي أصدر المجلس قراراً بحقها يقضي بمنع تمويل "الجماعات الإرهابية" في كل من سوريا والعراق، والمعروفة باسم "داعش"، و"جبهة النصرة " – هيئة تحرير الشام حالياً - ، التي تُعد أحد أذرع تنظيم القاعدة.وحمل القرار الذي تقدمت به روسيا بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وصدر بإجماع أعضاء مجلس الأمن ، وحمل الرقم 2199 لسنة 2015، ويُعد مكملاً لقرار سابق رقمه 2170 لسنة 2014، والذي نشر على الموقع الرسمي للأمم المتحدة .

وهنا نلاحظ أن الرئيس الروسي بدهائه المعروف ترك هذا البند الذي تكرر في جميع البيانات التي صدرت من اجتماعات محور أستانة – سوتشي كحجة قائمة ودائمة لمواصلة هجماته على المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة المسلحة المقربة من تركيا .

5 – لم يتضمن الاتفاق انسحاب قوات النظام إلى حدود اتفاق سوتشي السابق ، وتم تثبيت الواقع الحالي بعد التقدم الكبير الذي أحرزه النظام بمساعدة روسيا مؤخراً .

6 – يشوب الغموض جوانب كثيرة من الاتفاق ، وتشكل هذه الجوانب ليست ثغرات قاتلة وقنابل موقوتة تبقى مهددة الاتفاق فحسب بل ربما مسببة لإفشاله في أية لحظة .
7 – النقطة الإيجابية المؤقتة في الاتفاق هي وقف إطلاق النار على طول خط الاتصال في إدلب إعتباراً من منتصف هذه الليلة ، والذي سيتيح للمدنيين أخذ قسط من الراحة النسبية بعد شهر دموي وتهجير قسري في ظل الظروف المناخية القاسية .

8 – النقطة الإيجابية الأخرى هي : تأكيد الطرفين على العملية السياسية بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254 ، يفهم من هذه النقطة إقراراً ضمنياً من الطرفين بفشل مسار أستانة – سوتشي ، والعودة إلى المظلة الأممية .

9 - إنشاء ممر أمني بعمق 6 كم في الشمال و 6 كم في الجنوب على جانبي الطريق السريع M4 الرابط بين حلب واللاذقية . وهنا أيضاً نقطة في غاية الأهمية لمصلحة محور روسيا والنظام ، لأن الممر المذكور سيترك قسم من المعارضة المسلحة محاصرة في جيب صغير حنوب الطريق M4 وغرب الطريق M5 ( الذي بات بالكامل تحت سيطرة النظام ). وبالتالي ستكون المعارضة المتبقية في الجيب المذكور مضطرة للانسحاب إلى شمال الطريق M4 ممايعني مكسب إضافي جديد للنظام دون أية تكاليف .

10 - في الـ 15 من آذار الجاري 2020 ، ستبدأ الدوريات التركية - الروسية المشتركة على طول الطريق السريع M4 من مستوطنة ترومبا (2 كم إلى الغرب من سراقب) إلى مستوطنة عين الحفار. ...بغياب أي ذكر للمعارضة المسلحة على هذا المسار الحيوي .
وهنا سؤال هام يطرح نفسه على مختلف المراقبين والمعنيين وهو : هل سيكتب النجاح لهذا الاتفاق الذي يشوبه الغموض والإملاء أكثر من الوضوح والقبول ؟.