ميلاد البعث هو كذبة نيسان الكبرى

ميلاد البعث هو كذبة نيسان الكبرى

ميلاد البعث هو كذبة نيسان الكبرى
نوري بريمو
1-4-2020
أعتقد بأن معظم الناس في هذه المعمورة سمعوا بكذبة نيسان التي يفتتحون بها نيسانهم في كل سنة، وأظن بأن كثيرون منهم يمارسونا من قبيل ممازحة بعضهم البعض كباراً وصغاراً ونسوة ورجالاً, وأراهن بأنّ لا أحد يبدي أي إنزعاج حينما يُداعَبُ منْ قِبَل غيره بهذه الأكذوبة التي قد تأتي أحياناً مباغتة وثقيلة الظل وبشكل يبعث على القلق ويؤدي إلى حدوث بعض ردّات الفعل البسيطة التي لا تلبث أن تهدأ بمجرّد التذكير بأنها من قبيل ممارسة طقوس كذبة نيسان التي يبدو أنها أخذت طابعاً طبيعياً مع مرور الأيام.

لكنني أجزم بأن بنات وأبناء شعوب بلداننا الشرق أوسطية وخاصة سوريا والعراق ولبنان واليمن، الذين عانوا من أعباء سنوات إنقلاب حزب البعث على بلدانهم يعتبرون بأن موعد هذه الكذبة ليس دقيقاً، وكم يحلو في نفوسهم أن تنتقل من موعدها في الأول من نيسان إلى يوم السابع من نيسان الذي شهدَ ولادة البعث الذي إستبدّ في هذه البلدان بقوة الأمن وعلى مركوب شعاراته الكذوبة (الوحدة والحرية والأشتراكية) التي لم يتحقق منها أي شيء لا بل إنها تـُرجمَتْ من الناحية العملية بشكل معكوس, فشعار الوحدة مثلاً تحول إلى بدعة بعثية للتفرقة التي تجلّت مظاهرها بإحداث شروخات لاحصر لها، وشعار الحرية تحوّل تحت سطوة العرفي وحالة الطوارىء إلى أداة قمعية لتحويل هذه البلدان إلى سجون جماعية لأهلها المحبوسين بالجملة, أما عن شعار الاشتراكية فحدّث بلا حرج بعد أن أحرَق البعثيون أخضر ويابس هذه البلدان عبر تأميم الممتلكات الخاصة وتحويلها إلى قطاع عام أو بالأحرى إلى أملاك دولة تعرّضت للعبَث والنهب والسرقة على يد دوائرهم الساطية وفق مبدأ: حاميها حراميها!.

وبهذا الخصوص لا أجد نفسي بأنني أتجنى على البعثيين والبعث الذي يدّعي الوحدانية لنفسه، حينما أن أسمي يوم ميلاده بـ " كذبة نيسان الكبرى" التي يمكن إعتبارها نقطة بداية حبل الكذب والنفاق الذي يمتد طوله الزمني منذ يوم التأسيس في السابع من نيسان عام 1946م إلى يومنا هذا، حيث أمسك البعثيون بطرف حبل كذبهم الذي طال طوله وإمتد أمده على مدى نصف قرن ثقيل ملؤه اللف والدوران والعربدة والفوقية وتخوين الآخرين وإعدام الحياة بشتى مناحيها والأهم من هذا وذاك هو التغني بالعروبية وتخريب وتدمير كل من سوريا والعراق ولبنان واليمن وغيرهم.

ففي سوريا مثلا ومنذ أكذوبة السابع من نيسان، قد أفلـَحَ البعثيون أحسن إفلاح في مسعى مراكمة حلقات مسلسلهم الكاذب الذي إفتتحوه بالتأسيس المشؤوم ودشنوه بإنقلاب آذار الأسود 1963 ونسجوه بحركتهم التصحيحية 1970 وحبكوه بمسيرة الإصلاح والتحديث التي افتعلوها ليتمسكنوا حتى يتمكنوا من توريث الحكم عبر تعزيز القبضة الأمنية على البلاد والعباد، فأدخلوا السوريين في دوامة أشبه ما تكون بزوبعة دونكيشوتية في فنجان فارغ من أي محتوى سوى المسجونية للجميع عدا البعثيين الذين تصرفوا مع الناس وكأنهم فوق الجميع ومن أصحاب الدم الأزرق، حيث جرى الدّوس على الحريات الأساسية بالإحتكام لطبائع الإستبداد الذي يتنافى مع ألف باء حقوق الأفراد والشعوب، وتحوّل العفالقة والأسديون وأتباعهم إلى جلادين طاغين ومفسدين أفسَدوا كل شيء بما فيه ملح سوريا وأعدموا كل مَليحةٍ في مؤسسات الدولة والمجتمع الذي تحوّل بسبب ديمومة سلطى البعث سجن كبير أو مجمّع إستهلاكي مرعوب سياسياً ومتردّي إقتصادياً وفاسد إدارياً، بمعنىً آخر فإنّ رحى أكذوبة البعث طحنت رؤوس السوريين الذين يجترعون يومياً وعلى مدى تسعة سنوات من عمر هذه الأزمة السورية كأس القتل من سموم والتشريد الجماعي وتخريب البنى الفوقية والتحتية وطالت يد التدمير البعثي كبريات المدن وصغرياتها وبلدانها وقراها وجرى قصف البشر والحجر ببراميل الموت وأخواتها، وأخير وليس آخرا قد يودي حكم بالبث بالوضع السوري إلى هاوية التقسيم الذي بات على الأبواب السورية.

وبناء عليه يحق لشعوب بلدان كالعراق ولبنان واليمن وبشكل خاص سوريا التي لا تزال مبتلية أشد البلاء بجبروت وطغيا سلطة البعث التي دمّرت سوريا أرضا وشعبا، بتقديم مقترَح مفاده تثبيت يوم مولد حزب البعث كموعد جديد ودائم لكذبة نيسان, ففي مثل هذا اليوم وُلِدَتْ الكذبة الكبرى في شرق أوسطنا, من دون أنْ يعطي البعثيون أي إعتبار لمقولة أهلنا الأولين: حبل الكذب قصير ولا بد له أن ينقطع ويودي بأصحابه إلى مستنقع السقوط في مزبلة التاريخ الذي لا ولن يرحم الطغاة.