الانتخابات الرئاسية في سوريا.. وأجندات النظام والمعارضة والكورد

الانتخابات الرئاسية في سوريا.. وأجندات النظام والمعارضة والكورد

الانتخابات الرئاسية في سوريا.. وأجندات النظام والمعارضة والكورد
د عبدالحكيم بشار
سيكون موعد الانتخابات الرئاسية في سوريا منتصف العام القادم أي 2021
فهل ستجري هذه الانتخابات كسابقاتها، وسيتمُّ تجديد البيعة لرأس النظام وفق انتخابات صورية معدّة النتائج مسبقاً أم ستكون هناك مستجدات في الأزمة السورية لن تسمح بحصول ذلك؟

وفقاً للدستور السوري الذي تم إقراره في 2012 فإنه يحقُّ لرأس النظام من ترشيح نفسه لولاية رئاسية جديدة مدتها سبع سنوات، ولكن هل سيتم ذلك؟ وماذا سيكون موقف المجتمع الدولي أصدقاء الثورة وأصدقاء النظام؟ وهل من تحرُّك وطني أو دولي لإبطال ذلك؟

وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254 لعام 2015 والذي ساهمت في صياغته الدول العظمى على طرفي الصراع فإن حلّ الأزمة السورية يتم وفق جدول زمني محدد كما جاء في نص القرار وفق التسلسل التالي:
1- إقامة حكم ذي مصداقية يشمل الجميع، ولا يقوم على الطائفية.
وبهذا المعنى فإن الحكم الجديد كي يكون شاملاً يجب أن يضمَّ النظام والمعارضة وكافة المكونات القومية والدينية. يقوم هذا الحكم حسب القرار بتوفير البيئة الآمنة والمحايدة لكتابة دستور جديد في البلاد.
2- كتابة دستور جديد للبلاد بعد ستة أشهر من تحقيق البند الأول.
3- إجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف دولي بعد 18 شهراً من كتابة الدستور ووفقاً للدستور الجديد.
وقد تم اعتماد البند الثالث بهذا الشكل لأن شكل وطبيعة الانتخاب يتعلق بمضمون الدستور الجديد.
هل الدستور يعتمد النظام الرئاسي أم البرلماني أم المختلط؟
وكيف يتم انتخاب الرئيس في كل حالة؟ هل من البرلمان أم من الشعب؟ وما هي صلاحياته؟
وبهذا المعنى لو انطلق الحل السياسي وفق ماجاء بالقرار 2254 اعتباراً من اليوم ووفق الجدول الزّمني المعتمد فإننا نحتاج إلى أكثر من سنتين لتحقيق ذلك كحدٍّ أدنى، وبذلك نتجاوز المدة القانونية للانتخابات الرئاسية في سوريا المقررة في منتصف العام القادم وفقاً للدستور السوري، ولكن حتى اللحظة إن كل ما تم اعتماده عملياً من خلال المبعوث الأممي الجديد السيد بيدرسون هو البحث في المسار الدستوري الذي هو إحدى السلال أو المحاور الأربعة التي تم طرحها في جولة جنيف الرابعة من قبل المبعوث السابق السيد ديمستورا وهي: (سلة الحكم - سلة الدستور - سلة الانتخابات - سلة الارهاب)
ورغم حصول المبعوث الجديد على الموافقة من قبل النظام والمعارضة على جدول عمل الجولة القادمة للجنة الدستورية إلا أن إمكانية عقدها فيزيائياً ضمن هذه الظروف تبدو مستحيلة، وكذلك فإن الاجتماع الافتراضي لن يكون مجدياً، ولن يحرز أي تقدُّم حتى لو وافق النظام على عقد مثل هذا الاجتماع الافتراضي، وهو أمر مستبعد.
إذاً: ما الحل؟ كيف يمكن لكلّ طرف أن يتصرّف، ويخطط النظام والمعارضة وأصدقاء كل طرف.
1- النظام السوري:
سيماطل، وسيعرقل كعادته في إحراز أي تقدُّم على المسار السياسي، وسيعطل العملية السياسية برمّتها لأن أي حل سياسي في سوريا سيكون في حدّه الأدنى تحديد صلاحية رأس النظام وإنهاء حكم الاستبداد في سوريا.
2- المعارضة:
تسعى كلٌّ من هيئة التفاوض واللجنة الدستورية الى الدفع باللجنة الدستورية للأمام وإحراز التقدُّم فيها كجزء من مسار الحل السياسي الكامل وفق قرار مجلس الأمن 2254 ولكن حصول ذلك يحتاج الى تعاون الطرف الاخر، وهذا غير وارد وفق المعطيات الحالية، فهل تملك المعارضة أدواتٍ وأوراقاً للدفع بالعملية السياسية للأمام اعتقد على المعارضة اجراء مراجعة شاملة لوضعها وسياساتها وبرامجها والعمل لتحقيق حل سياسي يفضي الى انهاء الاستبداد في سوريا والى تحقيق نظام ديمقراطي تعددي من خلال برامج وطنية ودولية جادة وذلك قبيل موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة
3- أصدقاء النظام السوري:
ونعني بهم الاتحاد الروسي وإيران ومليشياتها.
فإيران، وبوجود هذا النظام ستبقى داعمة للنظام السوري، وترفض أي حل سياسي، أما روسيا، فلا نعتقد من مصلحتها إطالة أمد الأزمة، وهي تواجه ظروفاً اقتصادية صعبة والتي ستزداد بالتأكيد مع انتشار فيروس كوفيد 19
فهل سيحدث تغير جذري أو تغيير ما في الموقف الروسي باتجاه الضغط الجاد على النظام لقبول الحل السياسي؟
نرى أن ذلك مرتبط بعوامل عدة منها الوضع الاقتصادي في روسيا، وكذلك الوضع الاقتصادي في سوريا الذي لم يعد قادراً على الايفاء بأي من التزاماته تجاه روسيا.
4- أصدقاء الشعب السوري:
حتى الآن بعض القوى العظمى من أصدقاء الشعب السوري يعتمدون نهجاً تستند الى إدارة الأزمة وليس حلها، ويبدو أن مصلحتهم تقتضي ذلك حتى لو كان الثمن مئات الألوف من الشهداء والسجناء في سوريا، ولكن، ألم يحن الوقت لتلك القوى الانتقال من استراتيجية ادارة الازمة الى البحث عن حلول لها؟
باعتقادنا، ثمّة تطوُّرات جديدة تلوح في الأفق منها إن قانون قيصر يفترض أن يدخل حيّز التنفيذ في حزيران من هذا العام والذي إذا نُفذ بشكل دقيق، ستكون هناك عقوبات اقتصادية جديدة على روسيا، وكذلك موضوع السجناء السياسيين وضرورة إطلاق سراحهم بسبب وباء الكورونا.

كذلك فإن استمرار الأسد في الحكم بات يشكّلُ عبئاً ثقيلاً على روسيا الاتحادية اقتصادياً وسياسياً، فلا الاقتصاد السوري قادر على الايفاء بالحدّ الادنى من التزاماته سواء تجاه روسيا أو تجاه الشعب السوري في مناطق سيطرة النظام، ولا النظام قادر على تحقيق الوحدة الوطنية أو المصالحة الوطنية أو أن يكون حاكماً لكل السوريين.

إضافة الى انتشار ظاهرة الفساد والمليشيات والمحسوبية وفقدان الكثير من المواد الحياتيه الضرورية وارتفاع البطالة، وتدنّي مستوى الليرة السورية بشكل غير مسبوق وحالة الفقر المدقع التي تعيشها شرائح واسعة في منطقة النظام والتي بدأت تعبر عن سخطها وامتعاضها.

كل هذه العوامل مجتمعة قد تُسبّب في إحداث خرق لمعالجة الأزمة السورية باتجاه إنهاء هذا النظام الدكتاتوري، ولكن ليس من الضرورة أن تكون من خلال الأجندة المطروحة من خلال الامم المتحدة حالياً. وهذا ما يُفترض أن تكون المعارضة جاهزة لكافة السيناريوهات.

إزاء هذه التطوُّرات التي ستحصل في المشهد السوري، ينبغي أن يكون للحركة الكردية عموماً والمجلس الوطني الكردي خصوصاً التحرك على ثلاث مسارات:
الاول: العمل على وحدة الخطاب الكردي في سوريا على أسس وطنية وقومية سليمة بعيداً عن اية اجندات خارجية.
الثاني :تعزيز البعد الوطني للقضية الكردية لأنها تعتبر الركيزة الأساس لحل القضية الكردية في سوريا. وذلك من خلال التواصل مع مختلف الاحزاب والقوى والفعاليات المجتمعية السورية التي تؤمن بالديمقراطية والانتقال السلمي للسلطة.

الثالث:التواصل النشط مع الدول الاقليمية والعالمية خاصة ذات التأثير والنفوذ في الملف السوري، وتجاوز الإرهاب الفكري والإعلامي الذي يمارسه البعض ضد هذا التحرك، وبذلك سيتمكن الكرد من المساهمة الفعالة في رسم مستقبل سوريا، وبما يضمن تحقيق الديمقراطية والحقوق القومية المشروعة للكرد.
19-4-2020