نوشين محمد ابنة ديريك... فنانة تشكيلية تتألق في السعودية

نوشين محمد ابنة ديريك... فنانة تشكيلية تتألق في السعودية

PDK-S: نوشين خيرالدين محمد، فنانة تشكيلية لها تميزها وبصمتها الخاصة، خاصةً في الفلكلور الكوردي، وموهبتها التي صقلتها مع الزمن جعلتها تحلق إلى فضاء واسع لتحقيق جملة من الطموحات والآمال التي تسيطر عليها وهي من ديركا حموكو بغربي كوردستان (كوردستان سوريا)، حاصلة على بكالوريوس في الإعلام تخصص علاقات عامة، لها معارض عديدة وهي عضوة في نادي الفن التشكيلي وعضوة في جمعية الثقافة والفنون في السعودية.

تقول الفنانة الكوردية: «مواضيع لوحاتي هي خليط من مشاعر وقضايا وذكريات وثقافة، أو حالة أمر بها، أو مشاعر أشخاص أُجسدها في لوحة ... برأيي هذا هو سر من أسرار تفاعل الجماهير مع اللوحة».

وتضيف «أول لوحة رسمتها بالفحم للملا مصطفى بارزاني لأنه رمز من رموز الكورد الذي يقتدى به، وأيضا تعلمت من سيرته العطرة، الشجاعة والتمسك بالحقوق والإنسانية وحب الوطن.. وكذلك أن لا ننسى من ضحوا بأرواحهم لأجل أن نعيش بسلام ومحبة وحياة كريمة .كثيرٌ هم من طلبوا مني اقتناء اللوحة سواء من عرب أو كورد، لكني فضلت الاحتفاظ بها لأنها غالية جداً على قلبي ولا استغني عن وجودها في مرسمي».

وتسهب بالقول: «اللون الأسود والرمادي أستخدمها كثيراً في لوحاتي، للتعبير عن الحالة الرمادية التي نعيشها حالياً، بدأت أُدخل بعض الألوان إلى لوحاتي بشكل قليل جداً على حسب موضوع اللوحة أو الحالة التي أمر بها، أو لأعطي القليل من الأمل. أما بالنسبة للكتابات الشعرية الموجودة في لوحة ملاي جزيري فهي أبيات من شعره الجميل وكان المغزى منه التعريف بالثقافة الكوردية والتي لاقت استحسان كثير من الفنانين والسفراء والناس عامة».

وتتحدث نوشين محمد عن بعض أعمالها، قائلة: «لوحة الفتاة رسمتها لأعبر عن حالة إنسانية يمر بها الكثيرون ممن يحتاجون إلى إغاثة، سواء كان اعتداء أو حاجة أو قهر أو أي شكل من أشكال الظلم، تعبير عن صرخة صامتة ظاهرة على ملامح فتاة حتى من دون أن يكون لها صوت يسمع، فملامحها أوصلت مئات الصرخات عن مدى ذلك الألم والحزن والخيبة. اللون الأزرق والبرتقالي كان له جانبان، الأول ما يخص الألوان في اللوحة، لأعطي بعض التوازن اللوني فيها، والثاني متعلق بحالة الفتاة التي ما زال عندها القليل من الأمل، وهذه اللوحة عُرضت في أكثر من معرض، في إيطاليا ثلاث مرات وعرضت في لندن، وكذلك في المعرض المقام على هامش المنتدى الإنساني الثاني في الرياض».

وعن الرموز والأشكال في لوحاتها، تردف «الفانوس أو ما نسميه بالكوردي فنر، هو بالنسبة لي ليس فقط مصدر قديم لإضاءة المكان فهو يعني لي الكثير، الفنر أرسمه كلما تذكرت جدتي (رحمها الله)، فهو يعني لي الحب، الأنُوثة، الدفء العائلي، والأمل،

أما بالنسبة للوحة الدعسوقة ( الخالخالوك) هي فعلاً في ثقافتنا رمز للحظ والحب، وفي قصص وأغاني التراث الكوردي ذُكرت، مثل أغنية الفنان تحسين طه، التي كتبت بعض من كلماتها في اللوحة، من قصص الدعسوقة القديمة والجميلة أنها كانت توضع على أصبع اليد وإلى أي اتجاه تتجه فمنزل الحبيب أو الحبيبة يكون بذلك الاتجاه».

وتتابع «الفرشاة رقيقة وإذا كُسرت جناحها لا تُدمي، جميلة وهشة وفي نفس الوقت تحب الحرية والانطلاق، تبقى مدة في شرنقتها ولكن حين تخرج منها تكون بكامل جمالها وقوتها، وربما كل هذه الصفات جعلتني أتخذها توقيعاً لي في كثير من لوحاتي، وأرسمها كثيراً، وأيضاً لها معاني كثيرة في تراثنا منها أنها تجلب معها بشارة خير».

وتمضي محمد قائلة: «تأثرت لوحاتي من حيث اللون بالصحراء فقد يلاحظ الكثيرين عدم وجود الألوان القوية والدافئة بكثرة في لوحاتي، ويطغى عليها الألوان الباهتة مع مزيج من الألوان الرمادية والترابية، لوحاتي الواقعية التي من خلالها دخلت عالم المعارض كنت قد رسمت التمر والقهوة السعودية ولاقت إعجاباً في الوسط الفني، وكانت أول لوحة أشارك بها وأول لوحة تباع في نفس المعرض ولله الحمد».

وعن انتقالها من الواقعية إلى التجريد، تقول: «دائما أردد في كل مقابلاتي ولقاءاتي عندما أُسأل هذا السؤال، الفنان حتى يصل لبصمة خاصة به لابد أن يتعلم كل شيء ويكون على اطلاع ويجرب، بقيت سنة كاملة أجرب وأغذي بصري بفيديوهات تعليمية حتى استطعت الانتقال لهذه المرحلة، الفن بحر وأنا أبحر فيه لا أعرف ماذا مخبئ لي، المهم أن أتعلم واستمتع بما أتعلم وأرسم بشغف وأطور ما أرسمه».

وعن حياتها في السعودية، تقول: «أنا مقيمة في الرياض منذ 17 عاماً، أول ست سنوات كانت أصعب أيام حياتي، بغض النظر عن البيئة إن كانت منغلقة أو منفتحة، البيئة كانت مختلفة تماماً في العادات والتقاليد والجو الحار والتربة وحتى الأشجار، أشغلت نفسي بالدراسة الجامعية وتعلم الرسم وتربية أولادي والتفكر والتدبر، رغم صعوبتها لكنها شكلت لي شخصية قوية».

وتتابع «لا أنكر فضل النادي التشكيلي الذي رحبَّ بي بكل صدر رحب، وكان سبباً في وجودي الآن في الوسط الفني والتقيت بأشخاص مقدرين للفن والفنانين في السعودية، أنا عضوة في النادي التشكيلي وأيضاً في جمعية الثقافة والفنون، وأؤمن بشدة، إن كنتَ تعمل بجد وإخلاص وتثبت نفسك، ستلقى الترحيب والاحترام من البلد المضيف».

وعن جائحة «كورونا» تقول: «في الحقيقة جائحة كورونا جعلتني أرتب الكثير من الأمور والأفكار المبعثرة، بدأت أقرأ أكثر، أتعلم أكثر، أثرت بالإيجاب والحمد لله، لأن الفنان بطبيعة الحال عندما يرسم يعتكف في مرسمه ولا يختلط كثيراً بالآخرين، فلا أعتقد أنها أثرت على لوحات الفنانين بالسلب»، وختمت قائلة: «كنت مشاركة بعدة معارض داخل وخارج السعودية وتم تأجيلها، وأنا في صدد عمل مجموعة من الأعمال المتعلقة بالوضع الراهن وستكون مفاجئة في الأيام القادمة بإذن الله».
باسنيوز