ضرورة التفاهمات السياسية مع راعي التقارب الكردي

ضرورة التفاهمات السياسية مع راعي التقارب الكردي

ضرورة التفاهمات السياسية مع راعي التقارب الكردي
موسى موسى
لم تشكل الانقسامات السياسية والتنظيمية بين الحركة الكردية أزمة حادة، ولم تلق بظلالها على المجتمع الكردي بالانقسام والتشرذم مثل ما ألقى بظلاله خلال السنوات العشر الماضية، كما لم تلق تلك الانقسامات التصفيق أبداً من شرائح المجتمع المختلفة، فكانت أصوات المنادين بإعادة التقارب تصل الى كل محفل وكل زاوية ولكن دون جدوى، بعكس مرحلة الثمانينيات والتسعينيات التي شهدت أشكالاً مختلفة من التحالفات كالتحالف والجبهة والتنسيق في مراحل ليست بحساسة ومصيرية كالمرحلة التي تمر بها الحركة الكردية اليوم من انعطافات حادة قد تقرر فيها مصير الكثير من القضايا، كما ان التفافات بعض اطراف الحركة الكردية التي حصلت في هذه المرحلة حول بعضها لم تكن كافية، ولَم تكن على مستوى المرحلة، لأن المطلوب كان ضرورة التفاف الطرفين المختلفين، وليس تخندق الحركة في جبهتين متناقضتين متحاربتين على مستويات مختلفة بوجود المال والسلاح والسلطة في يد طرف حارب به ضد الاٍرهاب وضد داعش، كما ضيّق الخناق به على الطرف الكردي الآخر أيضاً.

مرحلة الانعطاف الحادة هذه، والتي تحترق بنارها المناطق الكردية في سوريا من عفرين الى ديريك وبأشكال مختلفة ودرجات متفاوتة، وتستهدف القضية في عمقها تطلبت التقارب الكردي الكردي ومصالحة حقيقية إنقاذاً لما هو مستهدف وإعادةً للمفقود بسبب الاحتلالات من عفرين الى رأس العين.

لا شك أن المساعدات الامريكية وقوات التحالف كانت منقذة، مع ما يعيب عليها من تعاون عسكري دون سياسي، الذي كان من شأنه أن يبعث الأمل في نفوس الكرد والمكونات القومية في المنطقة في مستقبلٍ آمن مستقر، كما كانت الانتقادات للجانب الكردي أيضاً مكثفة بسبب اقتصارها على الجانب العسكري دون السياسي مع قوات التحالف وامريكا، بغضّ النّظر عن ظروف القبول أو الرفض من الجانب الامريكي.

الغاية من أية مصالحة أو تقارب يجب أن يرتكز على أسس سليمة يطمئن لها الشعب وكافة الاطراف المتحاورة والمتفاوضة فيما بينها، وهي ضرورة آنية ومستقبلية للكرد ولمكونات المناطق الكردية، والضرورة تستدعي تسهيلها من كافة الاطراف المعنية لما لها من أهمية، كما ان للأطراف الدولية الراغبة والراعية لهذه المفاوضات مصلحة فيها، والمهم في الأمر أن تكون المصالحة ونتيجة التفاوض للطرف الكردي لأنهم أصحاب القضية، كما انه ليس من الخطأ إن تداخلت -المصلحتان- الكردية والأمريكية معاً، لذلك على الطرف الكردي أن يحاول وبشدة على تفاهمات سياسية فيما بينه وبين أمريكا في المفاوضات الجارية بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي بناء على مبادرة السيد مظلوم عبدي وبرغبة غربية وبرعاية أمريكية.

يبقى الأمل في مستقبل آمن مستقر مفقوداً حتى وإن تحقق ذلك التقارب المنشود ووضع موضع التنفيذ إن لم يتكلل ذلك بتفاهمات سياسية مكتوبة بين الكرد وامريكا لضمان حل قضية الشعب الكردي حلاً يضمن له العيش بسلام في مناطقه دون تهديد من أي طرف.