التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا عن شهر ايار 2020

التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا عن شهر ايار 2020

التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا عن شهر ايار 2020
تثار مسائل هامة عديدة في المشهد السياسي السوري، وهي في مجملها ضاغطة على النظام السوري باتجاه القبول بالحل السياسي عبر مرجعية جنيف1 والقرارات الدولية ولاسيما القرار 2254 و2118 وكل القرارات ذات الصلة بالشأن السوري، ولعل أبرز هذه المسائل التلويح الأمريكي بتطبيق قانون سيزر ( قيصر) المسمّى قانون حماية المدنيين في منتصف شهر حزيران هذا العام، وقد تم تحديد بضعة شروط وأسس إذا ما التزم النظام بها يمكن تفادي مخاطر تنفيذ ذاك القانون، من أبرزها تعهد النظام بالوقف الدائم لإطلاق النار، والإفراج عن المعتقلين السياسيين كافة، والقبول العملي للحل السياسي الدولي وفق ما ذكر أعلاه، وغيرها من القضايا والمسائل المكملة الأخرى، ولئن يطال تطبيق القانون كلَّ من يتعاون مع النظام إلا أن هناك - وكما يبدو- توافق الطرفين الأساسيين في المعادلة السورية ( أمريكا، روسيا) على معظم القضايا، حيث جعلت روسيا من سفيرها في دمشق ممثلاً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ما جعلته مثابة (المندوب السامي) أي الحاكم الفعلي لسوريا، هذا الى جانب العديد من الاتفاقات الجانبية مع بعض الدول الإقليمية، منها تركيا والسعودية وبعض دول الخليج ..الخ، وأمريكا لم تدخّر وسعًا في ترتيب الأوضاع لبعض المناطق وخصوصًا شرقي نهر الفرات كجزء من الحل السياسي المرتقب، كما أن المساعي المشتركة لإخراج القوات والميليشيا التابعة لإيران وحزب الله لاتزال قائمة، ومن المتوقّع وضع الحلول لقضايا أخرى قبل أي تغيير حقيقي في بنية النظام، أبرزها حل القضية الفلسطينية ومسألة هضبة الجولان السورية مع إسرائيل.

تركيا، غدت طرفاً أساسياً في الأزمة السورية، وتمارس دوراً متميزاً على طول حدودها مع سوريا، فهي تحتضن المعارضة السورية، وتعقد اتفاقيات مع كل من روسيا وأمريكا، وتمارس تدخُّلاتها الإقليمية الأخرى سواء في ليبيا عسكرياً باستخدام مرتزقة من الفصائل المحسوبة على المعارضة السورية، أو في قطر وغيرهما وهكذا، وهي تمثل بنظامها وجهاً بارزاً من الإسلام السياسي، وتمدُّ القوى الاسلامية أو ذات التوجُّه أو الخلفية الاسلامية في المنطقة بالمساعدات اللازمة، وتساهم بشكل أو بآخر في تأجيج الصراعات الدينية والمذهبية، كما لم تتوان عن التدخُّل أو مساعدة الشعوب التي تتحدث التركية بصرف النظر عن موقفها السياسي، بل تسعى لنسج أو تعزيز علاقاتها مع تلك الدول والشعوب، كل ذلك خدمة لإستراتيجيتها ومراميها باتّجاه استعادة أمجادها العثمانية الغابرة، وبالوقت نفسه ، تخشى تركيا من التحوُّلات المرتقبة في المنطقة، والتطوُّرات المتسارعة التي قد تستهدف تغييرات عميقة في المنطقة.

إيران، ليس لديها أي توجُّه بالانسحاب من سوريا حتى الآن، ربما تنقل جزءاً من قواتها أو تغيّر مواقع تمركزها من منطقة إلى أخرى، الا أنها قد تُعزّز من تواجدها في دعم النظام السوري، ما يعني أن إخراج القوات او الميليشيا الإيرانية من سوريا لا يكون بالسهولة واليسر، وقد تنجم عن تلك المساعي نتائج غير إيجابية لسوريا وللجهات المطالبة بإخراجها، لكن تبقى إيران مستنزفة لطاقاتها وإمكاناتها سواءً مع سوريا أو لتدخُّلاتها السلبية في شؤون العديد من دول المنطقة، أو في مواجهة العقوبات والضغوط السياسية والاقتصادية الدولية، فضلاً عن مطالبة الدول الأوربية المُوقّعة على الاتفاق النووي معها بضرورة إعلانها تأكيدات باستخدامها الطاقة النووية للأغراض السلمية، وإلا سيكون لها موقف ضاغط هي الأخرى حيال إيران، كل ذلك مضيفاً إليه الوضع الداخلي المتردي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، إلى جانب تفاقم جائحة كورونا تفشياً في إيران بشكل واسع، ما يعني أن إيران أمام أوضاع مزرية، وتفاعل النتائج قد يؤدّي إلى حالة لا تحمد عقباها.

العراق، بدا أن حكومة السيد مصطفى الكاظمي تخطو خطوات حثيثة وجادة، سواء في معالجة الوضع الداخلي بتناول الملفات المالية والاقتصادية، وبدأها بتخفيض رواتب ومخصصات الرئاسات الثلاث (الجمهورية، الحكومة، البرلمان) وكل ذوي الامتيازات من أجهزة الدولة إلى النصف كخطوة أولى، وبالاستمرار في تدقيق الملف المالي تبين بوضوح قضايا الفساد المستشري لدرجة وجود رواتب إضافية متعددة لبعض المتنفذين وبأسماء وهمية، ويبدو أن لدى السيد رئيس الحكومة خبرة في هذا الجانب، ولديه أجندة تساعده في الكشف عن ملابسات جوانب الفساد المالي والإداري، كما أولى الجانب السياسي اهتماماً متزايداً، وبدأ بموضوع التواجُد الأمريكي في العراق، ومدى أهمية هذا التواجُد من عدمه، وشكّل من أجل ذلك فريقاً للتفاوض مع أمريكا في هذا الشأن، وذلك بوضع معايير وضوابط في هذا الاتجاه، عموماً تبقى حكومة السيد مصطفى الكاظمي الجديدة موضع اهتمام معظم المكوّنات والكتل والقوى السياسية بمختلف انتماءاتها ومشاربها.

إقليم كوردستان، تعرب قيادة إقليم كردستان عن دعمها ومساندتها لحكومة السيد مصطفى الكاظمي في اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنهاء قضايا الفساد المالي والإداري وإنهاء المشاكل العالقة بين الإقليم والحكومة الاتحادية وخصوصاً قضايا المناطق المسماة (بالمتنازع عليها) فهي بمجملها مناطق كوردستانية ينبغي إدارتها من قبل حكومة إقليم كوردستان، هذا وتولي قيادة الإقليم اهتماماً متزايداً بالوضع الداخلي للإقليم والعمل لتوفير المزيد من أسباب التفاهم بين عموم القوى والأحزاب الكوردستانية، على طريق تحقيق عوامل التنمية المستدامة وعوامل تحقيق المزيد من الهدوء والاستقرار، كما تسعى رئاسة الإقليم والحكومة لتعزيز علاقات حسن الجوار مع عموم الدول والشعوب المجاورة، ولا تفتنا هنا مسألة اهتمام الإقليم (مشكوراً) بوضع الشعب الكردي في سوريا وحركته السياسية ودعمه لمساعي الأصدقاء في توحيد الصف والموقف السياسي الكردي، هذا إلى جانب مد يد العون والمؤازرة عند الضرورة والمحن سواء اثناء عمليات النزوح بعد الاجتياح التركي للعديد من مناطقنا أو عند تفشّي جائحة كورونا.

كوردستان سوريا، تعاني من غلاء المعيشة بشكل لم يسبق له مثيل، ذلك بسبب هبوط سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار وعموم العملة الصعبة، ما نتج عنه تدنّي القدرة الشرائية لدى شرائح واسعة من المجتمع وخصوصاً ذوي الدخل المحدود لدرجة العجز عن تأمين مستلزمات العيش ودرء مخاطر المجاعة الحقيقية، فيما المتوقّع ازدياد هذه المعاناة وتفاقمها مع الاقتراب من تطبيق قانون سيزر (قيصر) الأمر الذي يثير المخاوف بشكل كبير، إن لم تكن هناك تدابير أو إجراءات في مواجهة المخاطر الناجمة عن تطبيق ذلك القانون، هذا وتكون المعاناة مركّبة في مناطق كل من عفرين وكري سبي وسري كانييه بسبب الحالة المزرية جراء الانتهاكات المتواصلة من لدن الفصائل المسلحة التابعة للدولة التركية، وآخرها التطاول في عفرين حتى على النساء واختطافهنّ وأسرهنّ أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي، ما يقتضي الاحتجاج بشكل قوي لدى العالم الحر للتدخُّل بغية وقف تلك الانتهاكات التي يندى لها جبين الإنسانية وسحب تلك الفصائل وعودة الأهالي الى اماكن سكناهم وتسليم ادارة المنطقة لأهاليها.

من جانب آخر، ما تزال المساعي والجهود جادة باتجاه تحقيق وحدة الصف والموقف السياسي الكردي، تحضيراً لتحوُّلات مُرتقبة، وما يثير التفاؤل بإمكانية تحقيق ذاك الهدف المنشود هو وجود مؤشّرات أو بوادر تبدُّل ايجابي في الطرف الآخر من الحوار (الاتحاد الديمقراطي ب ي د)، ذلك مع تقدُّم الحوارات بشكل مُتواصل، ما يعني أن الجهود والمساعي تلك قد تعطي نتائجها الايجابية في زمن ليس ببعيد.
المكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا
قامشلو 7 / 6 / 2020