كمال اللبواني مرة أخرى

كمال اللبواني مرة أخرى

كمال اللبواني مرة أخرى
علي مسلم
يحاول الدكتور كمال اللبواني أن يضعنا مرة أخرى أمام معضلة الإرهاب الفكري المبطن وذلك في معرض تناوله لمسالة مستقبل الحق الكردي في سوريا، حيث يشير بكل وضوح أن لا جدوى من أي حوار بين الكرد والعرب حول مستقبل سوريا فهو بذلك يحاول أن يضع العصي أمام عجلات الحوار ناسياً أو متناسياً أن العيش المشترك الذي تقاسمه السوريون من كرد وعرب وغيرهم خلال القرون المنصرمة انما كانت تنم عن أسطع اشكال الحوار، وإذا كان الحوار على المستقبل سيقود الى شجار في الجولة الأولى كما يزعم، فإنه سينتهي في الجولة الثانية الى نظرة ازدراء، وفي الجولة الثالثة سيفضي الى تفاهم وقبول، لأن الواقع الحقيقي يثبت ان المكونات كلها كانت وما زالت متساوية في حضورها على الجغرافيا السورية ولو بنسب عددية متفاوتة، وقد ساهم كل من جهته في بناء الدولة السورية بعيداً عن الضغينة والاكراه.

أما مسألة تعصب كل مكون الى حقوقه والذي اسماها زورا بالتعصب الأيديولوجي، فذلك أمر طبيعي، وإلا لحاولت المجتمعات البشرية أن تتفادى كل اشكال الحروب التي حدثت على مر التاريخ، لكن المعضلة الحقيقية تكمن في أنه لا يجوز ترجيح أيدلوجية على حساب ايدلوجيا أخرى، بحجة أن ذلك سيقود الى تناقض وصراع، فالصراع والتناقض هما صنوا التطور، ولا يخلو أي مجتمع من ارهاصات التناقض والصراع، وإذا كان يقر في مدونته الأخيرة أن سايكس بيكو مهد في رسم حدود الظلم لدول مصطنعة عديدة، وهذه الدول تغافلت عن قصد حقوق الشعب الكردي في إقامة كيانه القومي، لماذا لا يدعو هذه الدول الى طاولة الحوار حتى نتفادى جميعاً ويلات الحروب التي من الممكن أن تحصل، بدل دعوته على الإبقاء على هذه الكيانات، وبالتالي دعوة الكرد للارتهان لمفاهيم بالية أكل عليها الدهر وشرب، من قبيل دعوة الكرد للقبول بوهم المواطنة المتساوية وانتظار رياح الديموقراطية حتى تهب، وقد لا تهب بعد قرن، أو ربما بعد قرنين او أكثر.

من جانب أخر يعتقد أن الانزياحات السكانية التي حصلت خلال المراحل التاريخية المنصرمة ستشكل عائقا امام التطلعات القومية للكرد على اعتبار ان ذلك سيفضي الى تهجير وجرائم تطهير في كل مكان، في ذات الوقت يلغي الحل الفيدرالي الذي يطالب به الكرد كحل استراتيجي للقضاء على تبعات الانزياح والتداخل الحاصل، فهو يعتبر أن ذلك ليس ممكناً ويطرح بدلاً عن ذلك الحل التدريجي السلمي عبر تطوير وإنضاج الديموقراطية والاكتفاء ببعض الحقوق الثقافية على اعتبار أن العولمة قد وضعت حداً لعصر القوميات، وأن الحل يسير مع التاريخ وليس عكسه، عموماً يمكن القول أنه استطاع ان يتغلب على هواجسه عبر قلب الحقائق، فهو كالليث الهرم يحاول أن يخفي انيابه خلف ابتساماته الماكرة.