ماذا بعد إعلان السفارة الأمريكية بدمشق عن البدء بتنفيذ قانون قيصر؟

ماذا بعد إعلان السفارة الأمريكية بدمشق عن البدء بتنفيذ قانون قيصر؟

ماذا بعد إعلان السفارة الأمريكية بدمشق عن البدء بتنفيذ قانون قيصر؟
نوري بريمو

البارحة 16-6-2020م، أعلنت سفارة الولايات المتحدة الأميركية بدمشق رسميا عن انطلاق تنفيذ قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين، وكان المصور العسكري "قيصر" المنشق قد تمكن من التقاط عشرات الآلاف من الصور التي كشفت عن "المجازر" التي إرتكبها النظام في سجونه، وقام توثيقها وتهريبها إلى فرنسا ومنها إلى أمريكا وسلمها باليد للرئيس السابق باراك أوباما في البيت الأبيض الأمريكي.

واليوم 17-6-2020م، يبدو أنّ الجَدّ قد جدّ فعلاً وأنّ العقوبات بدأت تتوالى على رأس النظام وعلى الرؤوس المتحالفة معه، ولذا فإنّ الكثيرين من المهتمين بالشأن السوري بدأوا يراهنون فعلاً على مدى جديّة الأمريكان والمجتمع الدولي في مسعى تكثيف الضغوط على النظام وحلفائه الذين يدعمونه بالمال والسلاح ويحاربون معه وفي خندقه ضد السوريين.
ومع دخول قانون قيصر حيّز التطبيق، يبدو أنّ حلفاء النظام قد يُحْشَروا في خانة ضيقة وقد يتصرف البعض منهم كروسيا مثلاً بشكل براغماتي وقد تنحو سلوكاً وقائياً لإنقاذ نفسها من تداعيات تطبيق هذا القانون الذي سيشملها حكما بإعتبارها وقفت وتقف مع الأسد، وقد تضطر للإمتثال للإرادة الدولية وخاصة الأمريكية والإسرائيلية ولقرارات مؤتمرات جنيف المنعقدة بالشأن السوري، وفي هذه الحالة فقد تتخلى روسيا عن النظام وقد تنتقل إلى خندق محاربة النفوذ الأيراني في لبنان وسوريا، وقد تتوافق مع الأمريكان بقطع الطريق البري الواصل بين طهران وبيروت، مما قد يضطر النظام إما لفك إرتباطه مع حليفته إيران والإلتحاق بركب روسيا وبالتالي إنقاذ نفسه من هاوية السقوط، أو قد يتعنّت ويكمل مشواره تحت عباءة إيران وحينها قد يتنحى الأسد ويهرب ويترك وراءه تَرِكة سوريّة مقسّمة إلى مناطق نفوذ عديدة وتديرها جهات دولية وإقليمية مختلفة.

وللتذكير فقط فإنّ قانون قيصر "سيزر" الذي صادق عليه الكونغرس الأمريكي ووقّع عليه الرئيس دونالد ترامب، يُفترَض به أن يحمي المدنيين السوريين وأن يستهدف النظام السوري وأسياده وأعوانه بالدرجة الأولى، وأن يفرض عقوبات إقتصادية على الذين قدّموا ويقدموا الدعم العسكري واللوجستي والمالي للنظام سواءّ أكانوا أشخاص أو شركات أو دول، وعلى سبيل المثال فقد أعلنت الإدارة الأمريكية أن "المصرف المركزي السوري" لن يُعفى من العقوبات، ولعّل أهمية قانون “قيصر” تكمن في أنه وضع كل اقتصاد النظام وأعوانه وأسياده تحت المجهر، وبالتالي فإنه من غير الممكن لأي شركة عالمية من توَرِّط نفسها بأية علاقات تجارية من الآن فصاعد مع النظام خوفًا من شمولها بالعقوبات.
وللعلم فإنّ كل المؤشرات الميدانية تشير إلى أن قانون قيصر قد أضحى سيفاً مسلَطاً على رقاب نظام الأسد وحلفائه، وقد بات يفعل فعله في الساحة السورية قبل أن يتم تنفيذه، وبمجرد التلويح بإقتراب تنفيذه يُسرِعُ النظام إلى بيع الأراضي والمؤسسات والشركات والمعامل التي تعود ملكيتها لقطاع الدولة، وتشهد الليرة السورية إنهياراً بالترافق مع إرتفاع جنوني للأسعار وتدني دخل الفرد وهبوط معدلات الأجور والرواتب، مما قد يجعل السوريين ينتفضوا على شكل ثورة للجياع في المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام على غرار ما يحصل حالياً في السويداء.