نيران صديقة

نيران صديقة

نيران صديقة
علي مسلم
يقول الباحث والسياسي الكردي علي عوني العضو البارز في المكتب السياسي للحزب الديموقراطي الكوردستاني في إحدى مداخلاته التاريخية حول الآفاق المستقبلية للنضال القومي الكردي في عموم كوردستان (إذا كان نضالنا الديموقراطي في سبيل نصرة قضايا شعبنا القومية تضعنا في خانة الاتهام بالخيانة فنحن خونة أولاد خونة)، أجل هكذا ينظر إلينا شركاؤنا في الوطن، فطالما نحن منشغلون عن قضايانا فنحن كرد جيدون، وغير ذلك لسنا جيدين، ومن المفارقة أن نفس اليافطة ظلت تلاحقنا منذ استلام البعث الشوفيني لمقاليد الحكم في سوريا حتى أيامنا هذه.

ففي الامس كنا نتهم بأننا كنا نعمل باتجاه وهن نفسية الأمة، وكنا نسعى حسب ما كانوا يذهبون اليه في اقتطاع جزء من الوطن، والحاقها بدولة أخرى، وقد اشتد سعيرهم الآن وذلك على خلفية حوارات التقارب الكردي - الكردي التي تجري بدعم وتأييد من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية هذه الحوارات التي بدأت في شهر نيسان المنصرم، والتي افضت الى جملة من التفاهمات الأولية حول دور الكرد في سوريا المستقبل، ففي الوقت الذي تسعى الأطراف الكردية الى ترتيب بيتها من الداخل، يسعى الشركاء الى تأجيج سعير خطابهم الشوفيني تجاه الكرد، هؤلاء الذين ما زالوا يعيشون وهم عروبيتهم المتعالية، فتارة يتهموننا بالتقسيم وتارة أخرى بالخيانة.

الواقع السوري كما هو معروف يمر بمراحل شديدة التعقيد، وباتت الجغرافيا السورية مقسمة بين العديد من الجهات الدولية والإقليمية، فكل هذه الامور بمخاطرها وتبعاتها الكارثية لم تحرك وجدانهم اليقظ، فقط حين تحرك الكرد للالتفاف على مشاكلهم الذاتية، استيقظوا من سباتهم، واستشاطوا غضباً، وباتوا يرمون بنيران شوفينيتهم المقيتة على الكرد، نحو اليمين تارة، وتارة أخرى نحو الشمال، وكأنهم أمطروا الدنيا بالنار والسجيل، ليتهم انتبهوا الى ما يفعله الاوغاد في ادلب باسم الثورة والدين، وبنوا إمارتهم الإسلامية بعيداً عن إرادة الجميع، وبالرغم من إرادة الجميع، وليتهم استذكروا ما يجري من جرائم تقشعر لها أبدان الانسانية في عفرين، لكنهم تناسوا كل ذلك في غفلة من الزمن، وتحركت فيهم النخوة العربية؟ وباتوا بين ليلة وضحاياها غيورين حتى الثمالة، فما زرعه البعث من تشوهات في الفكر خلال عقود، سيبقى يدغدغ عواطفهم لعقود مضاعفة، وسيبقى خطاب الكراهية ماثلة في وجدانهم، لكن الحقيقة ستطغى في نهاية المطاف.
فالكرد كانوا، وما زالوا، وسيبقون شركاء في هذا الوطن، شاء من شاء، وأبى من أبى.