محمد إسماعيل: المنطقة الآمنة أو الأمنية المقترحة لم تتضح معالمها بعد، وهناك ضبابية في مواقف الدول المؤثرة في سوريا بشأنها

محمد إسماعيل: المنطقة الآمنة أو الأمنية المقترحة لم تتضح معالمها بعد، وهناك ضبابية في مواقف الدول المؤثرة في سوريا بشأنها

PDK-S: قال سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني في سوريا، و عضو هيئة رئاسة المجلس الوطني الكوردي محمد إسماعيل إن المنطقة الآمنة أو الأمنية المقترحة لم تتضح معالمها بعد، وهناك ضبابية في مواقف الدول المؤثرة في سوريا بشأنها.

وأضاف إسماعيل في حوار مع الجزيرة نت أن "شعبنا يتوجس من السيناريوهات المحتملة، سواء عودة النظام كما تسعى إليه روسيا أو التدخل التركي أو استقدام قوات عربية".

ومن جهة أخرى، اعتبر إسماعيل أن الوثيقة الموقعة بين المجلس الكردي والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، لا تلبي مطامح الكرد ونضالهم وتضحياتهم لعشرات السنين، لكنها تبقى أفضل صيغة تم التوصل إليها مع الائتلاف من بين كافة أطر المعارضة الأخرى.

تكثر الأحاديث والحوارات اليوم عن شرق الفرات، كيف تنظرون إلى الحل الأنسب للمنطقة وعموم سوريا، وما موقفكم من طرح المنطقة الآمنة أو الأمنية؟

المنطقة الآمنة أو الأمنية المقترحة لم تتضح معالمها بعد، وهي غامضة وهناك ضبابية في مواقف الدول المؤثرة في سوريا بشأن ذلك، وستشهد المرحلة القادمة تجاذبات بين تلك الأطراف.

ويبقى الحل الأمثل هو إنشاء تجربة تتشارك فيها جميع مكونات المنطقة، القومية منها والدينية والقوى والفعاليات الموجودة، في اتفاق سياسي إداري وعسكري مشترك، وبرعاية وإشراف دولي، تطمئن لها دول الجوار وكذلك المكونات، وتسهل عودة المهجرين وتتحقق الاستقرار النسبي لحين تقدم العملية السياسية في سوريا بشكل كامل.

ما موقف المجلس الكردي من السيناريوهات المطروحة للمنطقة، سواء التدخل التركي، أو جلب قوات عربية، وكيف يُمكن التقليل من المخاوف الشعبية من ذلك؟

الحقيقة أن شعبنا يتوجس من السيناريوهات المحتملة، سواء عودة النظام والمليشيات التابعة له كما يسعى الروس، أو تدخل تركيا ومليشياتها من المجموعات المسلحة، وتجربة عفرين شاخصة أمامنا بمآسيها، أو استقدام قوات عربية (مصرية سعودية) تجهل ظروف المنطقة وتنوعها.

وكل جهة من هؤلاء تنفذ أجنداتها وليست تسهل الوصول إلى الحل السياسي، ويمكن في النهاية أن تتوافق أميركا وتركيا، وعلينا جميعا أن نسعى لأن يكون ذلك بإشراف دولي وأممي؛ وتبقى التجربة التي ذكرتها أفضل صيغة لذلك.

يطرح المجلس الكردي مشروعا، باسم "إقليم كردستان سوريا"، وسبق أن أعلن أن الإقليم يمتد من نهر دجلة في المالكية إلى البحر المتوسط. إلى أين وصل مشروعكم القومي، وماذا عن عفرين، إضافة إلى أن المنطقة الآمنة أو الأمنية في شرق الفرات ستبدأ من جرابلس؟

المجلس الوطني الكردي لم يطرح مشروع إقليم كردستان اسميا فقط، بل نسمي المناطق التي تعيش فيها الغالبية الكردية ويعيش فيها تاريخيا أبناء الشعب الكردي قبل تشكيل الدولة السورية بحدودها الحالية "كردستان سوريا".

ولا نقول "كردية" نظرا لوجود مكونات أخرى فيها، ونؤمن بالتعددية والعيش المشترك بين جميع المكونات القومية والدينية في المنطقة.

وهذا لا يعني بأي شكل من الأشكال الانفصال عن سوريا الذي تتذرع به كل من تركيا وإيران وسوريا، مبررين قمعهم واضطهادهم لشعبنا الكردي، وعدم الاعتراف بوجودنا القومي الأصيل في هذه المنطقة الزاخرة بالقوميات والأعراق المختلفة.

يتردد اسم المجلس الكردي وقوات بشمركة روج آفا، لإدارة المنطقة الآمنة، فهل الحل يكمن في استلام المنطقة على حساب باقي الأطراف؟

للمجلس الوطني الكردي في سوريا قوة احتياطية هي بشمركة روج من الشباب الكرد السوريين الذين فروا من الجيش السوري أو من الملاحقات، تدربوا في إقليم كردستان بمهنية عالية، وهي القوة الوحيدة التي لها اليد البيضاء في الثورة السورية، بعدم ممارسة القتل أو الخطف والنهب والسلب، وغيرها من الممارسات التي اتبعتها المجموعات المسلحة الأخرى.

بل إنهم يحمون شرف وكرامة السوريين في منطقتنا بمختلف انتماءاتهم، بالاشتراك مع كافة القوات لجميع مكونات المنطقة في حماية المنشآت والمرافق الحيوية والإدارة التي ستتشكل.

كيف يُمكنكم وصف العلاقة مع المعارضة السورية المدعومة من قبل تركيا؟

نحن جزء من المعارضة الوطنية السورية ومن ضمن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية. بعد تشكيل هيئة التفاوض في الرياض باتت تركيا من الدول الرئيسيّة التي تهتم بالائتلاف، وعلاقاتنا جيدة مع كافة المكونات القومية والدينية والأيديولوجية المختلفة في الائتلاف، ونعتبر تركيا دولة جارة ومؤثرة في الملف السوري بحكم موقعها الجيوسياسي، نقدر مصالحها ولها معاناتها الداخلية، لكنها لم تتمكن من الإثبات للرأي العام أنها ضد الإرهاب أو "بي كي كي" (حزب العمال الكردستاني) و"بي يي دي" (حزب الاتحاد الديمقراطي) فقط، وليست ضد الشعب الكردي وقضيته التي هي قضية إنسانية وسياسية ليست متعلقة بالإرهاب.

هل تلبي الوثيقة الموقعة بين المجلس والائتلاف الطموحات الكردية؟

يؤكد الائتلاف التزامه بالاعتراف الدستوري بهوية الشعب الكردي القومية، واعتبار القضية الكردية قضية وطنية سورية، والاعتراف بالحقوق القومية للشعب الكردي ضمد إطار وحدة البلاد. هذه الصيغة ليست ما يطمح إليه الكرد نتيجة النضال والتضحيات لعشرات السنين من القمع والاضطهاد، لكنها تبقى أفضل صيغة تم التوصل إليها مع الائتلاف من بين كافة أطر المعارضة الأخرى.

كيف تُقيّمون العلاقة بينكم وبين الاتحاد الديمقراطي، خاصة بعد تفرده بالحوار مع النظام، وعدم تقبله للشراكة السياسية معكم، وهل المجلس الكُردي مستعد للحوار مع النظام؟

علاقة الاتحاد الديمقراطي سيئة مع كافة القوى الكردستانية وليس فقط معنا، وهو جزء من "حزب العمال الكردستاني" ذي الطبيعة الماركسية التي لا تقبل الشراكة مع أحد، وهو يحاور النظام دون علم من معه في ما يسمى "بمجلس سوريا الديمقراطية"؛ أما المجلس الوطني الكردي فيفضّل الحوار كأسلوب نضالي أفضل من أي خيار آخر.

لكن النظام ليس لديه أي توجه للاعتراف، لا بحقوق الكرد ولا غيرهم، وهو فقط يطلب حقوق المواطنة (المواطن الصالح وفق معاييره)، ونحن نفضل الحوار لكن بوجود طرف دولي ضامن، ومن جهة أخرى نحن جزء من هيئة التفاوض السورية نفاوض النظام بإشراف دولي وأممي.

كثيرا ما يردد المجلس الوطني الكردي ضرورة قبول الاتحاد الديمقراطي بمبدأ الشراكة السياسية، فكيف سيتم العمل مع طرف سياسي مُتهم من قبل تركيا بالإرهاب، وليس لكم استعداد لعداء تركيا؟

لم نطلب الشراكة السياسية مع الاتحاد الديمقراطي، لكننا نطلب مشاركة جميع المكونات في المنطقة باتفاق سياسي وإداري وعسكري مشترك وليس باتفاق سياسي فقط، وألا يكون للاتحاد الديمقراطي ومسلحيه الدور المحوري.

تعوّل المعارضة على مسار الحل في جنيف، وهو المسار المتعثر منذ حوالي عامين، وفي حال الانسحاب الأميركي وعودة الحل إلى مسار أستانا أو سوتشي، أين أنتم كمجلس وائتلاف من الحل السلمي في سوريا؟

نحن مع الحل السياسي السلمي في سوريا، ونحن جزء مشارك في العملية السياسية برعاية دولية وفق مرجعية جنيف والقرار الأممي 2254، ونحن مشاركون في جميع اللجان من الدستور واللجنة الانتخابية وغيرها. لكن حتى الآن جميع المسارات بطيئة لأن الأمر يعود لتفاهمات الدول المؤثرة، خاصة أميركا وروسيا.

بكل الأحوال، سواء هيئة التفاوض أو الائتلاف، فإنهما يمثلان الطيف الواسع والشامل للمعارضة السورية الذي يمثل المجتمع السوري الذي سنعيش معه ونبني معا مستقبل سوريا.

تتحدثون دوما في مواقف المجلس عن حقوق باقي المكونات، فكيف يتم التعامل معها وسط رفضها مشروع إقليم كردستان سوريا، وإلى أيّ حد يُمكن وصف المجلس الكُردي بالمظلة الجامعة مستقبلا لكل المكونات؟

نؤمن بحقوق جميع المكونات، ونؤمن بالعمل المشترك، كما أننا نفضل العيش المشترك على أي خيار آخر يتاح لنا. والمجلس الوطني الكردي كيان سياسي يملك رؤية سياسية حول مستقبل سوريين إضافة إلى حقوق الكرد، ولسنا مليشيات يتوجس منا أبناء الشعب السوري. وتسمية مناطقنا باسم "كردستان سوريا" هي إقرار بوجود الغير ودورهم، وليس لها خلفيات انفصالية أو عدائية لأي مكون سوري آخر، وابتعدنا عن كلمة "الكردية" كي لا تفسر بأنها نظرة قومية بحتة.

في كل لقاءات رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، يؤكد على قلقه بشأن مصير الكُرد في سوريا، فأين دور المجلس من طمأنة البارزاني حول مستقبل المنطقة، وهل لا يزال المجلس الكردي يتمتع بالثقل السياسي الذي امتاز به في بدايات تأسيسه وخاصة في علاقته مع إقليم كردستان؟

نعتز بعلاقاتنا الجيدة مع الإخوة في إقليم كردستان، ونقدر دور الرئيس مسعود البارزاني لاهتمامه بكل مكونات المنطقة خاصة شعبنا الكردي. ونحن حريصون على دقة وصوابية مواقفنا وعلاقاتنا ووضوح رؤيتنا، بذلك تتم طمأنة السيد البارزاني وكل غيور على قضيتنا ووطنا وشعبنا. والمجلس الوطني الكردي يحظى بتأييد شعبي وسع ضمن المجتمع الكردي في سوريا، نتيجة النضال التواصل على مدى 62 عاما، بذلك نحظى بتأييد جميع المناضلين الغيورين على القيم والمبادئ النضالية سواء في إقليم كردستان أو غير ذلك.

أنتم كمجلس كُردي، والطرف الآخر "الاتحاد الديمقراطي"، تسعون لتمثيل الكُرد في أي محفل دولي أو إقليمي، بينما نشاهد أن غالبية الدول صاحبة القرار في القضية السورية، تُناقش مصير الكُرد في سوريا مع السيد مسعود البارزاني، فأين أنتم من ذلك؟

الحقيقة أن السيد الرئيس مسعود البارزاني رمز قومي كردي وليس فقط لكرد العراق، وعندما تكون خيوط التواصل الدولي بيده يعتبر اطمئنانا للكرد على أن القضية في أيد سليمة، وأن سيادته يؤيد ما نتفق عليه فيما بيننا من الشأن الكردي، ولا يملي علينا شيئا بل هو في مجال المشورة، ويهمنا الدعم المعنوي من جنابه.

م : الجزيرة