عفرين: العَين لا تقاوم المخْرَزْ

عفرين: العَين لا تقاوم المخْرَزْ

عفرين: العَين لا تقاوم المخْرَزْ
نـوري بـريـمـو
هل يجوز لمنطقة عفرين (جبل الكُرد ، كُرداغ) التي تنطبق عليها مقولة: العين لا تقاوم المخرز !، أن تبقى ضحية تأجيل وتسويف الحلول من جهة والتجييش رفع شعارات التحرير من جهة أخرى؟، وإلى متى سيدوم وقوعها بين مطرقة إنتهاكات المسلحين الأغراب وسندان صمود أهلها الكُرد؟، في الوقت الذي بات فيه جرحها مفتوحاً ونازفاً، فمنذ إبرام صفقة عفرين المشينة لم يَرَ العفرينيون النور ولم تتنشّق رئتهم أي شهيق لأي مناخ إنفراجي، بل إبتلوا بالزفير الملوّث لجموع المسلحين المتسلطين على المشهد والساعين لكبت أنفاس الكُرد الذين أمسوا خائرو القوة وفاقدوا الحيلة قرباناً لتمسّكهم بخيار البقاء في ديارهم التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم.

وبهذا الصدد المأزوم وبإنتظار التوصل لأي مخرج يُمهِّد الطريق لعودة نازحي ولاجئي عفرين إلى منطقتهم، ومن قبيل التعامل بواقعية مع مايجري في الميدان، فإنّ منْ حقّ الرأي العام العفريني أنْ يحمّل الدولة التركية مسؤولية ما يجري بإعتبارها السلطة الحالية ولا يجوز لها أن تتستّر على ما يجري في هذه المنطقة من إنتهاكات لحقوق البشر والحجر وحتى الشجر، ولنفرض جدلاً بأنّ البعض يلقي بالمسؤولية على عاتق مسلّحي المعارضة السورية وليس على تركيا، ولكنّ العقل والمنطق يؤكدان بأنه بمقدور الجانب التركي أن يضبط الأمور ويوقف هذه الإنتهاكات حينما يريد.

ولمّـا كان المسلحون المتسلطون حالياُ على عفرين هم البادون في مظالمهم والبادي أظلم كما يُـقال، فإنّ من حق العين العفرينية أنْ تحاول مقاومة المخرز مهما كانت درجة حديّـته وكائناً مَنْ كانَ صاحبه ومستخدمه وحاميه والمتستّر عليه، وإنّ من حق هذه العين الجريحة أن تختار خيار إقتلاع هذا المخرز بحسب الممكن والمتاح وبالشكل الذي تراه مناسباً.

وبما أنّ عفرين باتت حالياً منطقة مستقطعة عن سورياً ولا أحد يستطيع أن يتكهّن بمصيرها في الأفق المنظور، ولأنّ عناوين هذه المرحلة السورية توحي إلى أنّ سوريا أضحت بلداً مهدّداً بالتقسيم وبتقاسم الكعكة بين أمريكا وروسيا ودول الجوار كتركيا مثلاً، فلا خيار أمام العفرينيين سوى الإحتكام لجادة صواب العقلانية والتمسك بالأرض والبحث عن الأساليب السلمية ريثما يتم الضغط على الطرف التركي لحثه على ضرورة التوصل إلى حلول من شأنها إخراج المسلحين الأغراب وإعادة الحقوق والإدارة لأهلها.

وإنطلاقاً من هكذا راهن إنتقالي إحتقاني لا يُحتَمَل، وبما أنّ الحقّ يؤخذ ولا يُعطى ولا يموت حق وراءه مطالب، فإنّ الواجب يقتضي على المجلس الوطني الكردي باعتباره حامل للمشروع القومي الكردي في كردستان سوريا وعلى جميع الأطراف المعنية بالأمر أن يواصلوا العمل صوب إستكمال مستلزمات الأخذ بخيار ايقاف حملات التغيير الديموغرافي الجارية على قدم وساق وإخراج هذه الجماعات المسلحة من ربوع عفرين، وقد تكون هذه المهمّة شاقة ومكتظة بمختلف التضحيات والقرابين ولكنّ العِبرة تكمن في الخواتيم.

وفي كل الأحوال فإنّ قوى الخير وأصحاب الضمير الحي مدعوّون اليوم وغداً إلى تشجيع كافة المجالس البلدية المحلية والجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الأهلية الفاعلة على الأرض للتوصل مع الجانب التركي إلى توافقات مبدأية من شأنها تسليم إدارة المنطقة لأهلها الكُرد الأصلاء.