الرئيس بايدن والسير على خطى أسلافه الـ (45)

الرئيس بايدن والسير على خطى أسلافه الـ (45)

الرئيس بايدن والسير على خطى أسلافه الـ (45)
نوري بريمو
جرت العادة أن تكثر التكهنات قُبيل وأثناء الإنتخابات الرئاسية الأمريكية، وأن تجري الأحاديث والمناقشات حول ماهية الدور الذي قد يلعبه الرئيس الفائز بخلاف أسلافه، وفي هذه الدورة الإنتخابية أيضاً والتي فاز فيها الرئيس جو بايدن على سلفه دونالد ترامب الذي يحاول التمسّك بكرسي الرئاسة حتى الرمق الأخير من الوقت البدل الضائع في لعبة التداول الأمريكي لسدّة الرئاسة، كَثُرَت المراهنات والرهانات وباتت فوق عادية لدى الكثيرين من الذين يتوقعون بأنّ بايدن قد يسير بعكس ترامب وقد يجري تغييرات بل إنقلابات في السياسة حيال مختلف الملفات العالمية والإقليمية، علماً بأنّ تجربة تبادل الرئاسات في أمريكا تؤكد بأنّه مهما تغيّر الرؤساء فالسياسة واحدة وتبقى كما هي ولا تتغير وكل الدروب في واشنطن تؤدي إلى طاحونة الكونغرس والبنتاغون وخاصة مجلس الأمن القومي الذي يُعتبَر الرئيس الفعلي والعقل المدبّر الحقيقي الراسم والمخطط والمنفذ لإستراتيجية الأمريكان في كل زمان ومكان.

ولعلّ المراهنة الأكثر عجباً لا بل تعجباً في هذه المرّة التي يجري الترويج لها في منطقتنا، هي أنّ بايدن سيبدّل منحى سياسة دولته بـ (180) درجة لصالح الفقراء والدراويش الذين دعوا له من بعيد بالتوفيق وصفقوا لفوزه أكثر من أهله، وأنه سيقلب الطاولة فوق رؤوس كافة الرؤساء الذين سبقوه وبالأخص على رأس سلفه تراب المصاب بجنون الرئاسةّ، وأنه سيُجري فور تسلـُّمه لمهامه انقلاباً جذرياً ليس في بلده فحسب وإنما على صعيد العالم أجمع، وأنه سوف يغيّر قواعد اللعبة الدولية وسيفعل كذا وكذا وكذا وإلى ما هنالك من التصورات الواهية.

في حين وجدنا ونجد بأنّ قافلة الأمريكان تسير وفق سيناريوهاتها المرسومة مسبقاً، كائناً مَنْ كان ربانها، وأنّ تجربة العالم تثبت بأنّ أية مراهنة سلبية أو إيجابية على أن الرئيس الفلاني سيجري انقلابات في السياسة الأمريكية هي هرطقات خاسرة وقد ينقلب السحر فيها على الساحر الذي قد يصطدم بالواقع ويتحوّل إلى مسحور لا حول له ولا قوة.

وبالمقابل فإن الرئيس الأمريكي الجديد بايدن المطوّق بتركة ثقيلة من التحديات الداخلية والخارجية المتعددة الأشكال والألوان، قد بانَ مرجه قبل أن يذوب ثلجه، وها هو يَعِدْ ويتوعّد ويدلي بتصريحات ولم ينتظر حتى يتسلم مهام الإدارة بشكل رسمي، ويقال بأنه قام بتكليف فرقاء عمل مختصون في كافة المجالات ومطلعون على صغائر الأمور وكبائرها في كل بلدان العالم وخاصة في بعض بلدان الشرق الأوسط المعروفة بسخونة الأوضاع فيها كإيران وسوريا ولبنان وغيره.

في كل الأحوال فإنّ معظم القراءات السياسية وليس الرهانات، توحي إلى أنّ بايدن قد يعيد قدراً من المرونة والعقلانية إلى أروقة البيت الأبيض بدلاً من الصخب والضجيج اللذان كان يفتعلانه ترامب، ولكنه في الغالب لن يحيد قيد أنملة عن سياسات أسلافه الـ (45) الذين تناوبوا على إدارة بلدهم بشكل ديمقراطي سلمي وساهموا رئيساً تلو الآخر في إستكمال مستلزمات بناء وتطور هكذا دولة كبرى وكانت وستبقى قوية وتحكم العالم كسلطان المعمورة بلا منازع.