التخوين والتخوين المضاد

التخوين والتخوين المضاد

التخوين والتخوين المضاد
نوري بريمو
أصبحت ظاهرة التخوين والتخوين المضاد تنتشر بشكل خطير في ساحة الحراك الكردي في الوطن والمهجر وعلى أرض الواقع وفي العالم الإفتراضي "الفيسبوكي" على وجه الخصوص، ورغم أنّ هذه الظاهرة هي آفة خبيثة للغاية لابل مدمّرة للذات والآخر، فهي ما تزال تفعل فعلها السلبي وتُفْشِل كل محاولة لتجميع القوى وترتيب البيت الكردي، والمؤسف أنها تجد مناخات ملائمة تنمو فيها وتستفحل، وأصبح كل طرف عنده القابلية لتصديق أي شائعة ضد الطرف الآخر.

وقد وصل بنا الحال لدرجة أنّ كل من لديه صفحة على الفيس بوك أو تويتر، وإستطاع أن يجمع حوله عدداً من المعجبين أو الأصدقاء، بات يشعر وكأنه أصبح محلل سياسي وخبير إستراتيجي ومخابراتي أيضاً، وأنّ بمقدوره أن يشم من على مسافة مئات الكيلو مترات بأنّ فلان من الناس "جاسوس وعميل" ومشكوك في تاريخه ومدفوع من التوجه الفلاني لاختراق الساحة لصالح الأعداء!؟، ومع الأسف كلما كتب أحدهم على حسابه الفيسبوكي هلّل له المهللون وعلقوا وكبّروا الأمر، والأنكى من هذا وذاك هو أنّ بعض وكالات الأنباء ووسائل الإعلام، تعتبر تغريدات وبوستات رواد العالم الإفتراضي مصدرا إخباريا، وتنشرها بلا أدنى درجات التأكد من المصداقية، وقد أصبح هذا السلوك تقليدا إعلامياً جديدا ينافي كل معايير الصحافة والإعلام.

ووفق هذا المنوال الفيسبوكي ينتقل الكلام المنقول بالأساس من صفحات التواصل الإجتماعي التي أضحت مشهورة بالقيل والقال!، وتنتشر معها على وجه السرعة ظاهرة التخوين والتخوين المضاد، بحيث يتلقفها كل إنسان بحسب ما يعزز ويؤكد لديه التشكيك بالطرف الآخر، والمشكلة هي أنّ البعض يتوهم ويتشكك ثم يبني على هذا الشك الذي لا أصل له مواقف عاجلة وأحكام تخوينية، دون أن يبذل أدنى جهد ليفرق بين المعطيات والتحليلات، وبين الشك واليقين، وبين مجريات الواقع الميداني وغياهب الفرضيات الفيسبوكية.

وللعلم فإن ظاهرة التخوين المستفحلة في هذه الأيام هي من أخطر الظواهر السياسية على الإطلاق، وهي كفيلة بالتشكيك بالجميع وبإنهاء كل جهد حقيقي لخدمة المشروع القومي الكردي، وإذا أردنا النجاح في سعينا لخدمة قضيتنا العادلة، فعلينا أولاً وأخيراً الكف عن التشكيك بالآخر وبذل المساعي لبناء جسور الثقة المتبادلة للتخلص من جائحة التخوين والتخوين المضاد.