البارتي ماذا بعد 64 عاما ؟

البارتي ماذا بعد 64 عاما ؟

البارتي ماذا بعد 64 عاما ؟
بقلم شريف علي
بات الرابع عشر من حزيران يشكل يوما مفصليا ف تاريخ كوردستان سوريا بالنظر لما شهده هذا اليوم من حدث تاريخي يبقى علامة بارزة في مسيرة النضال الكوردي من اجل الحرية . ففي هذا اليوم من عام 1957 كان الاعلان عن تأسيس اول تنظيم سياسي /حزب كوردي في سوريا على يد نخبة من المتنورين الكورد واضعا على عاتقه مسؤولية النضال من اجل تحرير الشعب الكوردي من نير المغتصبين لأرضه وحريته.

كثيرة هي الاقلام وكثيرة هي الحوارات والاحاديث التي تناولت تاريخ الحزب بغض النظر عنها ان كانت سردية ام نقدية ام غير ذلك فان غالبيتها تتوقف عند النقطة التي يجب على الحزب الانطلاق منها نحو الافضل الذي يخدم القضية الكوردية والشعب الكوردي في كوردستان الغربية بترجمة عملية بعيدة عن التمنيات او ال "يجب" الشفهية فقط .محطات عديدة مر بها قطار الحزب تشعبت عندها الاتجاهات وكان الاخفاق سيد الموقف دون ان يحرك القائمين على تسيير دفة الحزب بالاتجاه الصحيح للارتقاء بشأن الحزب ودوره المحوري لقيادة النضال الجماهيري الكوردستاني .دون ان نذهب بعيدا والخوض في غمار تلك المحطات لانها كانت امتحانات رسا عندها الحزب ولم يجتاز الاختبار بنجاح الى ان كانت (الثورة السورية) في مطلع 2011 عنما كان الشعب الكوردي ركنا اساسيا من اركانها بفضل ما اثبته الكورد كقوة جماهيرية مؤثرة في الشارع السوري من خلال انتفاضة نوروز١٩٨٦ في دمشق وانتفاضة قامشلو في اذار ٢٠٠٤ كأبرز حدثين تركا بصمتيهما في صفحات تاريخ نضال الكورد في كوردستان الغربية ولكن ما يدعو للأسف هو اغتراب الحزب عن كلا الحدثين. تاركا زمام المبادرة لعفوية الجماهير التي تفضي الى النتيجة الحتمية الا وهي اضمحلال الطاقة المنتفضة في غضون وقت قصير دون ان تحقق اية اهداف، او يتم استغلالها من جانب اطراف تسعى لتحقيق اهداف مغايرة ان لم تكن بالضد من اهداف الجماهير .و إذا كان العجز الحزبي كان واضحا في القدرة على لعب دوره المرسوم في تلك الاحداث فإن مسيرة العشر سنوات من الاحداث والتغيرات المتلاحقة التي شهدتها سوريا ولا تزال تعيشها ان كان في البدايات( الثورة الشعبية) او في مراحلها اللاحقة (الثورة المباعة) فان الحزب لم يفق من سباته ،ليتحمل مسؤوليته التاريخية في هكذا منعطفات ،نقول هذا بالنظر للزخم الجماهيري والتهافت المنقطع النظير على الانخراط في صفوف الحزب آن ذاك ما كان رؤية الجماهير لها و دون غيرها كطليعة تجسد آمالها وطموحاتها، وفي مراحلها اللاحقة كان الوضع الحزبي تردى الى الاسوأ مع تشتت تلك الامال وعدم مبالاة القيادات الحزبية تجاه التنظيم من جهة وعدم قراءة التطورات التي حصلت وما رافقها من تغيرات جذرية لتوجهات الثورة من جهة اخرى جعل من الحزب يتهاوى من جديد امام تشابك وتداخل المسؤوليات والمهام التي افرزتها المرحلة رغم الخطوات المحمودة التي اقدمت عليها بتوحيد عدة فصائل في إطار حزب واحد والتي تمت بتوجيه و رعاية مباشرتين من الرئيس مسعود برزاني، لكن رغم ذلك بقي الحزب اسير ارادات مسلوبة جعلت من الحزب والواجب الذي يفرضه عليهم مواقعهم همهم الاخير وهذا ما اثبتتها السوية المتدنية للنشاط الحزبي منذ انطلاقة العمل الموحد والذي كان النتيجة الحتمية للتشتت القيادة وهرولة معظمها وراء المكاسب الشخصية ما لم يعد متوفرا داخل الوطن وهو ما كان له تداعياته القاتلة للحزب وبالتالي الابتعاد عن مسؤولياته التاريخية التي باتت مختزلة في قضايا قد تعتبر ثانوية في مثل هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها القضية الكوردية عموما وفي جنوب وغرب كوردستان تحديدا. هنا تبدو الحاجة الملحة للمراجعة النقدية الصارمة لعمل الحزب والتحديد الدقيق لمواضع الخلل التنظيمي و البرنامجي و الانتقال بالحزب من موقع السير وراء الأحداث إلى موقع إدارة الحدث نحو الوجهة التي تجعله لخدمة المشروع القومي الكوردي الذي يجسد آمال وطموحات الشعب الكوردي في غرب كوردستان.

إن مسيرة ما يزيد عن ثمانية عقود من عمر الحزب مقارنة بما استطاعت أن ينجزه الحزب يكون الفرق شاسعا جدا وهذا ما يمكن إرجاعه إلى الأسباب الذاتية بشكل أساسي وعدم قدرة الحزب على تطوير نفسه وآليات عمله وإقتلاع مقومات الفساد المستشري في بنية الحزب والخروج ،من سلوكية قوقعة القيادات المعصومة للإنطلاق نحو مرحلة تكون سمتها الأساسية الشفافية والجدية لوضع الحزب في مساره الصحيح ولفظ كل ما يكون حجر عثرة أمام ذلك حتى لا يكون النهج الوطني والقومي نهج البارزاني الخالد للحزب قناعا يستمر من يتستر خلفه ليحاول عرقلة مسيرة الحزب من الداخل واضعا المصلحة العليا للشعب الكوردي متمثلا بالحزب وبرنامجه ومصداقيته لقيادة النضال خارجا ،وواضعا نصب عينيه مصالحه الشخصية ، وهذا بكل تأكيد ليس بالأمر المستحيل عندما تتوفر إرادة التجديد ومراجعة الذات وتحمل من هم في مركز القرار الحزبي لمسؤوليتهم التاريخية .