وأخيراً انتهت عملية الحرية الباقية في أفغانستان

وأخيراً انتهت عملية الحرية الباقية في أفغانستان

وأخيراً انتهت عملية الحرية الباقية في أفغانستان
علي مسلم
من جملة المصطلحات الملفتة للنظر، والتي أطلقتها الولايات المتحدة الامريكية على عملية غزوها لأفغانستان في 7 أكتوبر 2001، هي عملية الحرية الباقية، والتي استمرت من عام 2001 حتى عام 2014، فيما سميت الفترة الممتدة من عام 2015 حتى 2021 بفترة حارس الحرية، وقد تبين أن هذا الحارس لم يتمكن من حراسة هذه الحرية المنشودة، بل انها سلمت المحرس والحراس والقطيع الى الذئاب المتربصة في جبال قندهار ومغاور وتورا بورا.

وإذا كانت الأسباب المباشرة لتلك الغزوة هي ضرب معاقل الإرهاب بما في ذلك انهاء تنظيم القاعدة التي تبنت الهجمات المدمرة على مبنى التجارة العالمية في نيويورك عام 2011، وابعاد حركة طالبان المتشددة عن السلطة في افغانستان، فإن قرار الانسحاب المفاجئ قد فتح أبواب كابول على مصراعيها أمام حركة طالبان، لتخرج أمريكا وحلفاءها بنتيجة بعد عشرين عاماً وكأنهم كانوا يطحنون الهواء، فلا الإرهاب انتهى، ولا بقيت الحرية، ولا شيء قد تغير في أفغانستان.
واذا كانت بعض الأصوات الامريكية القليلة بقيت تنادي بضرورة البقاء لفترة زمنية قادمة، إلا أن الموقف الأمريكي الرسمي ذهب باتجاه اخر، فقد ترسخ لدى القيادة الامريكية “عدم الجدوى” في التواجد في الاراضي الافغانية منذ تولي الرئيس السابق دونالد ترامب الذي أبرم اتفاق مع حركة طالبان على سحب القوات الأمريكية بحلول مايو 2021، لكن بايدن أرجأ الموعد النهائي بعد أن تولى منصبه في يناير2021، الى جانب أن هذا الانسحاب لم يكن رغبة الإدارة الامريكية وحدها، فقد أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة دعما شعبيًا أمريكيا واسع النطاق لمغادرة أفغانستان، بعد أن وصلت تكلفة الصراع إلى مقتل أكثر من 2300 جندي أمريكي وجُرح أكثر من 20 ألفاً آخرين, كما إن التكلفة المالية المقدرة للصراع والتي تحملها دافعو الضرائب الأمريكيون اقتربت من تريليون دولار.

يضاف الى ذلك أن الولايات المتحدة زعمت انها حققت بعض الأهداف التي تطلعت إليها عقب غزو أفغانستان في 2001، فقد تخلصت من القيادات المركزية لحركة طالبان، وقتلت زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وهذا ربما يعد أحد أهم الاسباب التي استندت عليها القيادة الأمريكية في انتهاء مهمتها في الأراضي الأفغانية.

وفي النهاية يمكن القول ان الولايات المتحدة الامريكية تسعى عبر هذه العملية الى خلق الأجواء المناسبة للفوضى الخلاقة على غرار ما حصل في العراق عام 2011، وبخلاف توفير الخسائر المادية والبشرية فإن الانسحاب الأمريكي ربما يمثل معضلة أمنية لكل منافسيها من الروس والصينيين نتيجة التخوف من الجماعات الإسلامية وتسللها لجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة، أو تحالفها مع الإيجور التي تتمتع بالحكم الذاتي في الصين.