مستقبل مناطق شرق الفرات والسياسات الإقليمية

مستقبل مناطق شرق الفرات والسياسات الإقليمية

مستقبل مناطق شرق الفرات والسياسات الإقليمية

علي مسلم
تشير بوصلة الأحداث إلى أن معظم السيناريوهات المحتملة والتي تمس مستقبل القوى العسكرية والسياسية المسيطرة على المشهد في مناطق شرق الفرات، تعتمد على مدى تقاطعها مع مصالح الدول الخارجية، ولاسيما تلك الدول التي تمتلك تأثيراً مباشراً على الخارطة العسكرية والسياسية في مناطق شرق الفرات، وأهمها من حيث قوة التأثير حالياً (تركيا، والولايات المتحدة، وروسيا، وإيران)، بالإضافة لتأثير ثانوي لدول مثل فرنسا، وبريطانيا، إلى جانب أن شكل وحجم هذه المصالح قد تتفاوت بين كل دولة وأخرى، وهذا يتعلق كما هو واضح بطبيعة هذه المصالح، فالولايات المتحدة الامريكية كانت حتى الأمس القريب من أكثر الدول تأثيراً في جغرافية شرق الفرات، وكانت تدعي أن لها مصالح تمس أمنها القومي عندما كان تنظيم الدولة مسيطرًا على الرقة، والمحافظات المجاورة.

أما اليوم وبعد زوال خطر التنظيم نسبياً، تقلصت مصالحها في شرق الفرات فجأة، ومعها تقلصت أهمية تلك المناطق بالنسبة لها، مع عدم إهمال الحضور الإيراني القوي في هذه المنطقة، والذي ما زال يؤرق واشنطن على طول الخط، لكن التوقُّعات تشير الى أن الولايات المتحدة قد تخفف من خطورة الوجود الإيراني عبر الاتفاق مع روسيا لإبعاد ايران عن المشهد السوري، ومنعها من فتح طريق بري يصل طهران بلبنان عبر العراق وسوريا، كما فعلت إسرائيل حينما اتفقت مع روسيا على إبعاد الإيرانيين ما يقارب 80 كم عن حدودها ( إبرام "صفقة" بين روسيا وإسرائيل، وكالة سبوتنيك، 22 تموز 2018).

وبناء على ذلك يمكن اعتبار تركيا -حاليًّا-من أكثر الدول التي سيكون لها تأثير في مستقبل شرق الفرات، وذلك لوجود مصالح تدعي أنها تمس أمنها القومي، فوجود ما يقارب من 450 كم من حدودها تحت سيطرة وحدات حماية الشعب التي ترتبط بصلات وثيقة مع حزب العمال الكردستاني، الذي يقوم باستغلال تلك الرقعة الجغرافية لتهريب الأموال والمقاتلين للحزب من أجل إزعاج تركيا، وعلى اعتبار أن تركيا ملزمة بمسار (آستانا) وكذلك بتبعات (سوتشي)، فلابد لها أن تنسق مع الطرف الروسي لكي تضمن تفاهم موسكو معها في ملف (إدلب)، لهذا من الممكن أن تحاول روسيا إقناع تركيا بأن يكون للنظام السوري دور كبير في مستقبل المنطقة، مع احتمال أن يصطدم ذلك برفض الطرف الأميركي ودول التحالف إن بقي النظام السوري بشكله الحالي دون تغيير.

على العموم سيبقى مصير هذه المناطق، رهن التفاهمات الإقليمية والدولية، وسط غياب أي تأثير للمعارضة السورية التي فقدت مصداقيتها أمام الشعب السوري حين سلمت أوراقها كاملة لجهات لا يمكن لها ان تضع مصلحة الشعب السوري في مقدمة مصالح شعوبها. وللحديث بقية؟