التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا، عن شهر أيلول 2022

التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا، عن شهر أيلول 2022

التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا، عن شهر أيلول 2022
عقدت الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة اجتماعها الاعتيادي في دورتها (77) وتناولت الكلمات والمناقشات مختلف المواضيع والقضايا السياسية وبؤر التوتر في العالم أبرزها الحرب الروسية على أوكرانيا وتداعياتها الاقتصادية والخدمية، وما ينبغي لها من معالجة أو توفير البدائل الممكنة لموضوع الغاز والمواد الأخرى، كما تعرّض لعموم أزمات العالم وأزمات منطقتنا، ومن بينها الأزمة السورية، وما ينبغي لها من حلول سياسية ودبلوماسية جادة وفق مرجعية جنيف1 والقرارات الدولية في هذا الشأن ولاسيما القرار 2254، وما يعني عدا ذلك يعدُّ باطلاً أو في سياق المعالجات الوقتية، وإن التحرّك المريب لدول " سوتشي- استانا " هو لغايات خاصة وآنية، وكذلك موضوع الملف النووي الإيراني خاصة بعد تعثّر مفاوضات فيينا عاصمة النمسا، ونوقش باهتمام موضوع البحث عن سبل إنهاء السلاح النووي في العالم، كما أخذ موضوع حقوق الأشخاص والأقليات القومية والأثنية حيزاً هاماً من الاجتماع.

والجدير ذكره، جرت لقاءات هامة على هامش اجتماع هيئة الأمم المتحدة في نيويورك مع العديد من الشخصيات الرسمية، سواءً ما قام بها هيئة التفاوض أو رئاسة الائتلاف، وكان لمجلسنا أو حزبنا وجود في الوفود الملتقية، وآخرها كان لقاء لجنة العلاقات الخارجية لمجلسنا الوطني مع وزارة الخارجية الأمريكية في واشنطن.

أمريكا، تشغلها العديد من قضايا الوضع الدولي، منها الحرب الروسية على أوكرانيا، والملف النووي الإيراني، وتطوّرات الوضع الصيني، وهكذا أزمات منطقة الشرق الأوسط، وخصوصاً ملف الأزمة السورية، ورغم تلك المشاغل والاهتمامات، وفرضها المزيد من العقوبات الاقتصادية على العديد من الدول والشخصيات في مختلف بقاع العالم، إلا أنها ماتزال تحافظ على تقدم نمو اقتصادها باضطراد، تجلى ذلك في حفاظها على القيمة الحقيقية لوحدتها النقدية " الدولار الأمريكي " بل في ارتفاع مستمر أمام اليورو والعملات الأخرى، ومع تشعّب اهتماماتها ومشاغلها يبقى تحركها بطيئاً، واستراتيجيتها غامضة ولاسيما على المدى البعيد، لكن يبدو أهمية دورها في معظم إن لم نقل عموم قضايا الوضع الدولي، ومن بينها الأزمة السورية.

روسيا، بعد تورّطها في الحرب على أوكرانيا تحاول التفرّغ بشأنها خاصة بعد دعم الغرب اللامحدود لهذه الأخيرة، لذا تعمل لوضع ترتيبات للأزمة السورية بغية تأهيل النظام السوري من جديد عبر إيران وتركيا، مستغلة وضع الدولتين ومصالحهما، وما لهما من علاقة مباشرة بتلك الأزمة، وبزعم وحدة الأراضي السورية وسيادتها، دون اكتراث للعراقيل والعقبات الجمة التي تحول دون تحقيق هذه الرغبة الروسية الجامحة وطموح النظام السوري في هذا الاتجاه، علماً أن المجتمع الدولي ممثلاً بهيئة الأمم المتحدة مازال متمسكاً بخيار مرجعية جنيف1 والقرارات الدولية ذات الشأن " قرار 2254 " كحل سياسي شامل للأزمة السورية، ويرى الغرب في الوضع الروسي الحرج فرصة سانحة لفرض المزيد من الصعوبات أمام تحرّكه واعتداءاته على محيطه ولاسيما أوكرانيا.

تركيا، دولة مدنية قائمة على أسس ومبادئ علمانية منذ سقوط الإمبراطورية العثمانية، ولا تستطيع أية جهة سياسية تغييرها مهما كان شأنها، فالقوى والأحزاب السياسية بمعظمها، وحتى القوات المسلحة قائمة على هذه الأسس رغم العيوب والنواقص، ولئن كان حزب العدالة والتنمية الحاكم مبنياً على الإسلام السياسي إلا أنه لا يستطيع التحكّم وفق الشريعة الإسلامية، وعليه لا يمكنه تجاوز القوانين الوضعية ولا الدستور التركي ولا التخلّي عن الحلفاء التاريخيين " الناتو والغرب " لكنه يستطيع المناورة أو الاستفادة من هامش المصالح الآنية والمستقبلية القريبة، ومن هنا فإن علاقاتها سواءً مع روسيا أو مع ايران لا تعدو عن كونها في إطار تلك المصالح، ولذلك فإن تحرّكها الأخير بشأن التطبيع مع النظام السوري ومعالجة ملف المُهجّرين بوساطة روسية لا يخرج عن نطاق تلك المصالح والانتخابات البرلمانية المرتقبة.

إيران، نظام الملالي في أسوأ مراحله حيث الاقتصاد المتدهور والوضع المعيشي المتردّي لمعظم أرجاء البلاد، بعد كمّ أفواه الجماهير،وكبت الحريات العامة حيث وصلت درجة الاحتقان لدى الشعب الإيراني بغالبية مكوّناته القومية والدينية والمذهبية إلى حد لا تطاق، وجاء الموقف البطولي للمناضلة الكردية الأصيلة مهسا (جينا أميني) يوم 16 أيلول 2022 وكانت تعلم يقيناً أنها ستكون الشهيدة الضحية فأبت الخنوع والرضوخ لإرادة نظام الملالي، واستمرت في إبائها لتكون شرارة الانتفاضة العارمة لعموم إيران، حيث نهوض كوردستان الشرقية، ومعها التضامن الواسع من البلوش و الأحوازيين وغيرهم، وبدعم دولي قل نظيره، والعديد من المراقبين والمحللين السياسيين يرون أن لا بد من تغيير النظام الإيراني رغم قمعه الشديد ومساعيه لتحويل الانتفاضة السلمية الى مواجهة عسكرية مع المنتفضين، وقصف مناطق من إقليم كوردستان بذات الدافع، ويرون أن المشروع الإيراني آيل الى السقوط، ومعه العديد من بؤر التوتر ستنطفئ لتكون المنطقة بل العالم برمته أمام مرحلة جديدة من الحياة السياسية.
العراق، قضايا الخلاف تأتي من تضارب المصالح الشخصية، وتصادمها مع المصلحة الوطنية العليا، بمعنى أن الصّراع الدائر في العراق هو بين من يدافع عن مصلحته عبر المحاصصة وبين من يمثل المصالح الوطنية، بين من يريد استمرار الفساد والمستفيد منه وبين من يريد استئصاله، بين الانتماء للعراق وبين الانتماء لخارجه والأجندات المريبة، ومع أن الوضع اليوم يسير بين المد والجزر إلا أن الحل الحقيقي قد يكون في هولير، وعلى يد صاحب الحكمة الرئيس المناضل مسعود بارزاني، لأن قيادة اقليم كوردستان لا تقبل إلا ان تكون جزءاً من الحل، وليس جانباً من المشكلة، تجلّى ذلك باستمرار في العديد من المواقف والمنعطفات الحادة، فكان مسعى قيادة الإقليم دائماً هو المنقذ المرتجى.

إقليم كوردستان، وسط ابتهاج جماهير كوردستان بالذكرى الخامسة للاستفتاء التاريخي الذي جرى في 25 أيلول 2017 والذي وضع الإقليم على عتبة استقلاله، في هذه الأجواء تحرّكت قيادة الإقليم على أكثر من صعيد، في الخارج حيث دعوة رئيس الإقليم المناضل نيجيرفان بارزاني مراسيم تشييع ملكة بريطانيا الراحلة اليزابيت، ليشارك تلك المراسيم الى جانب قادة معظم دول العالم، ويلتقي على هامش التشييع مع العديد منهم، ولاسيما البارزين في العالم، وفي الداخل هناك لقاءات و ترتيبات الاستعداد للانتخابات البرلمانية الكوردستانية، والتحضيرات للمؤتمر الرابع عشر للحزب الديمقراطي الكوردستاني الشقيق، هذا إلى جانب مساعي التوافق مع الاتحاد الوطني الكوردستاني للتأسيس لاتفاق استراتيجي بين الحزبين الرئيسيين كما السابق، وقد يحصل التوافق بينهما على مرشح لرئاسة جمهورية العراق يرضي الجانبين والأطراف الكوردستانية الأخرى، وربما يكون ذلك جانباً من حل قضايا الخلاف في العراق عموماً، كما أن مساعي حل قضايا الخلاف بين بغداد و هولير لا تزال قائمة بما هي موضوع المناطق الكوردستانية المستقطعة والتي تدار من المركز، وموضوع النفط والغاز والموازنة العامة للإقليم ..

غرب كوردستان، يتعرّض للمزيد من الضغوط والصعوبات الاقتصادية والمعيشية والخدمية، حيث الحصول على المواد والسلع الضرورية للحياة ليس بالأمر السهل سواءً لفقدان بعضها أو غلاء البعض الآخر مع تدنّي القدرة الشرائية لدى شرائح واسعة من المجتمع سواء بسبب حالة البطالة الواسعة أو بسبب قلة الأجور دون توافقها مع الأسعار المرتفعة باستمرار، هذا الى جانب الوضع الأمني السيئ سواء للقلاقل الناجمة عن تعرّض المنطقة للقصف التركي المستمر، أو بسبب الاعتقالات الدائمة او ملاحقة الشباب للتجنيد الإجباري واختطاف القاصرات من أهاليهن لنفس السبب، أما الجانب الخدمي فهو بلا شك دون الحد الأدنى من معايير العالم وحياة تليق بحياة الإنسان، فمعظم المدن والبلدات تعاني من تلوث البيئة بسبب مولدات الطاقة وعوادم سيارات المازوت الى جانب إهمال القمامة وتراكمها لتكون مجالاً واسعاً لتفشّي الأمراض والأوبئة وخصوصاً السرطان والجلطات القلبية والدماغية والأمراض المعدية الأخرى، الى جانب قطع مياه الشرب عن مدينة الحسكة لأشهر خلت، كل ذلك يشكل عامل أساسي للضغط باتجاه الهجرة إلى الخارج أو النزوح الداخلي..

ومما لا شك فيه أن المناطق الأخرى " عفرين، سري كانيه، كري سبي " هي أكثر معاناة بسبب الانتهاكات التي تتعرّض لها من الفصائل المسلحة المسيطرة على الحالة القائمة هناك، وتعرّضها للمزيد من السلب والنهب، ما يقتضي تضافر الجهود والمساعي لدى الأصدقاء من المجتمع الدولي أو لدى لجان حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني لإيجاد حل منصف للحالة المزرية والمتفاقمة التي يعيشها أهالي المنطقة والبحث بجدية من أجل إنهاء حالة التغيير الديمغرافي الجارية هناك ..
المكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا
قامشلو 4 / 10 / 2022