من يجسِّد أهداف الثورة السورية؟

من يجسِّد أهداف الثورة السورية؟

من يجسِّد أهداف الثورة السورية؟
الدكتور: عبدالحكيم بشار
هناك الكثير من أجسام المعارضة في سوريا، وكلُّ جسم يرى أنه يُمثّل ضمير الشعب الثائر، لكن، هل سأل ذلك الجسم السياسي أو الثوري نفسه عن الأرضية التي يقف عليها في اعتقاده أنه يمثل وجدان المظلومين؟ وهل تساءل قادة الجسم ممّن حوله، وعرف حجم الناس المتفاعلين مع خطابه؟ وهل ثمة كتلة بشرية حقيقية تؤكّد له أنه الناطق باسمها؟ وأنه حقاً يمثلها؟ كم سيكون مفيداً أن تُطرح هذه الأسئلة على الذات مِن قبل الجهات التي تعتقد أنّها الأقرب إلى نبض الشارع، وتعدُّ نفسها الجسمَ الذي يُعتمد عليه في تحقيق مطالب السوريين في الحرية والكرامة والديمقراطية.

من البداهة، أن الهدف الرئيسي للمعارضة هو الوصول إلى السلطة في أي مكانٍ كان، وقد يكون برنامج المعارضة أكثر تطوراً كما هو الحال مع الثورات الأوروبية التي أزاحت السلطة الكنسية، وصار الاحتكام للقانون، وليس لمزاج رجال الدين، أو تكون عكس المتوقع فتكون أكثر سلبية من النظام السابق أو القائم كما حصل في إيطاليا مع وصول اليمين المتشدّد للسلطة، وكما هو الحال مع الثورة الإيرانية على حكم الشاه في إيران، حيث أن الإيرانيين بعد انتصار ثورة الخميني فقدوا حتى بصيص الأمل الذي كان موجوداً أيام حكم الشاه.

رغم تعدُّد تعريفات الثورة إلاّ أنها وفق المفهوم العام هي باختصار إحداث تغيير مهم أو جذري في النظام القائم إلى نظام أكثر تطوُّراً وأكثر عدلاً، ولا شك أن الثورة في سوريا هي سياسية واجتماعية وثقافية وفكرية، وإنها ثورة الحرية والكرامة التي تهدف إلى إحلال الديمقراطية محل الاستبداد، إحلال العدالة والمساواة محل الظلم والتمييز، والشفافية محل المحسوبية والفساد والرشوة، وحرية الرأي والتعبير محل قمع الحريات، وحماية حقوق الأفراد وممتلكاتهم وكرامتهم محل الانتهاكات بحقهم، والقضاء المستقل والعادل محل القضاء المُسيّس، وإقرار مبدأ التعددية القومية والدينية محل الصهر القومي، إحلال الفعل والعمل محل الشعارات الديماغوجية.

باختصار: اقتران الأقوال بالأفعال
السؤال الذي يطرح نفسه:
يا ترى، هل هناك جهة رسمية قادرة على تجسيد هذه القيم عملياً في الميادين، وليس في الأدبيات المكتوبة فحسب؟ وهل ثمّة جهةٌ من بين كلّ الجهات التي تدّعي تمثيل السوريين فعلاً قادرة على أن تحقّق هذه القيم على أرض الواقع، ولو في أضيق الحدود؟! وذلك بعد أن قدّم السوريون عشرات الآلاف من الشهداء، ومثلهم من المعتقلين وملايين المُهجّرين من أجل تحقيق تلك الأهداف؟