السوريون تحت حصار سياسات دولية ومجاعات جماعية!! هل من مغيث؟؟!

السوريون تحت حصار سياسات دولية ومجاعات جماعية!! هل من مغيث؟؟!

السوريون تحت حصار سياسات دولية ومجاعات جماعية!! هل من مغيث؟؟!

عزالدين ملا
دخل السوريون عام 2023، وهم يحملون على أكتافهم مآسٍ اقتصادية ومعيشية صعبة، ويتطلّعون إلى سياسات الدول المعنية بالشأن السوري أملاً أن تفضي هذه السياسات إلى فتح الطريق أمام حلول شاملة تنهي معاناتهم، وتحقق الحد الأدنى من الأمن والأمان والحياة المعيشية المقبولة.
لكن التحركات الأخيرة أربكت السوريين، في إعادة تدوير النظام، وهذا سيكون لها عواقب وخيمة على مستقبلهم في الاستقرار والأمان.
كما أن زيادة الضغط الأمريكي والغربي على النظام السوري دون الإطاحة به يزيد من معاناة المواطن السوري وخاصة أن الليرة السورية أمام الدولار تخطت حاجز الخيال، حيث كانت في مثل هذا الوقت من العام الماضي حوالي 3 آلاف ليرة، أما الآن فقد تجاوزت السبعة آلاف ليرة، في حين أن دخل المواطن السوري بقي على حاله، هذا يفتح المجال أمام مجاعة جماعية إن لم يتم وضع حدّ لهذا الوضع.

1- كيف تحلل التحركات الإقليمية والدولية المرتبطة بالشأن السوري خلال العام الماضي؟
2- برأيك، هل هذا الضغط وهذا التسارع في المناورات السياسية بداية حل سياسي وانهاء الأزمة، أم لا ؟ ولماذا؟
3- كيف تفسر إطالة الأزمة السورية كل هذه السنوات؟
4- ما نظرتك لعام 2023؟ هل ستكون كـ سابقاتها أم لا؟ لماذا؟

سبب اطالة الأزمة السورية، يعود إلى تغيير اسلوب تعاطي أمريكا وحلفائها مع الأنظمة المستبدة
تحدث عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، بشار أمين لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «منذ بداية الثورة السورية وحتى الآن التحركات الدولية والإقليمية بالشأن السوري قائمة ومستمرة، وخصوصاً بعد التدخل العسكري الروسي عام 2015 وحتى التدخلات التركية في الأعوام الأخيرة، وكذلك الإيرانية والأمريكية، وحتى الاسرائيلية ..الخ، وكل بحسب اجنداته ومصالحه السياسية أو الاقتصادية، جاء التدخل الروسي بذريعة التوافق مع النظام السوري، والتركي بدعوى دعم المعارضة السورية وحماية المهجرين، والأمريكي بحجة مكافحة الارهاب ولاسيما داعش، والإيراني على اساس التحالف الاستراتيجي مع النظام السوري، والاسرائيلي بحجة درء الخطر الإيراني المتواجد على حدودها مع سوريا، وهكذا.. اما التحركات الأخيرة التي تحصل من محور استانا- سوتشي " روسيا، تركيا، ايران " على انه مسار آخر متمم للمسار الدولي لحل الأزمة السورية الا انه اراد في مساعيه وتوجهه ان يتحول الى مسار بديل عن المسار الدولي المستند على القرار الدولي2254 ومرجعية جنيف1، علماً أن هذا المحور قد تأسس على اساس خفض التصعيد في مناطق التوتر من سوريا بالعمل على وقف القتال والمعارك وتأمين ممرات الاغاثة والعمل من أجل الافراج عن المعتقلين ..الخ، الا انه تحول الى مسار خدمة اجنداته ومصالحه، حيث الآن تسعى ايران لتعزيز دورها في سوريا، وروسيا تعمل ضمن مصالحها لصالح النظام السوري باستعادة سيطرته على عموم الأراضي من خلال قيامها بدور الوسيط للمصالحة والتطبيع بين تركيا والنظام.

وتركيا تعمل عبر روسيا للمقايضة مع النظام "تخليها عن المعارضة السورية مقابل تخلي النظام عن ادارة ب ي د وحتى قوات سوريا الديمقراطية، وللعلم فإن تلك المساعي قد تواجه عراقيل وعقبات جمة، منها مسألة المهجرين السوريين وكيفية تأمين العودة الآمنة لهم، ثم أين يتم إيواؤهم؟ وهكذا جانب المعارضة وقوات سوريا الديمقراطية التي لا يبدو تخلي امريكا عنها في الآفاق المنظورة، هذا ناهيك عن الدور الأمريكي والأوروبي في لجم تركيا عن القيام بمثل هذه الممارسات المناوئة لدور التحالف الدولي ودور حلف الناتو، أي ان هذا التوجه قد لا يكتب له النجاح».
يعتقد أمين: «ان كل هذه المساعي المتسارعة سواء من جانب روسيا أو من جانب تركيا او من جانب ايران في هذا الظرف لن تجدي نفعاً باتجاه حل الأزمة السورية، لأن روسيا تعيش أزمتها مع أوكرانيا او أنها متورطة في مستنقع المواجهة مع عموم الغرب ولاسيما "حلف الناتو" وتركيا تعيش مع اقتراب موعد الانتخابات العامة حالة ضغوطات شتى، داخلياً تحت ضغط المعارضة والجماهير وتفاقم أزمة المهجرين السوريين، وخارجياً مع بعض الدول العربية ومساعيها ايضا للمصالحة معها ولاسيما مصر، وكذلك التوتر الجديد مع اليونان بخصوص القضايا الحدودية وخصوصا البحرية منها، اما ايران فان وضعها لا يحسد عليه حيث دائرة الاحتجاجات والمظاهرات تتسع يوما بعد آخر لتشمل اكثر من ثلاثين محافظة وهي مستمرة منذ حوالي اربعة اشهر، ورغم القمع الجائر فهي تزداد شدة، وتحظى بدعم دولي واسع، هذا الى جانب العقوبات الاقتصادية المتزايدة من التحالف الدولي "امريكا، أوروبا " ثم أن هذه الأخيرة لايزال دورها فاعل ورئيسي في الأزمة السورية وهي تعتمد في حل الأزمة السورية على القرارات الدولية " 2254 " ومرجعية جنيف1 ولم تتخل عنهما، وهذا برأيهم هو المسار الحقيقي للحل السياسي للأزمة السورية وليس سواه».

يرى أمين: «ان سبب اطالة الأزمة السورية، يعود إلى عدد من العوامل، أبرزها أن أمريكا ومعها التحالف الدولي قد غيرت اسلوب تعاطيها مع الأنظمة المستبدة ذلك بعد حربها على كل من العراق وليبيا واسقاط نظام كل منهما، وما خلفتها الحروب والمعارك من المآسي والويلات ونسف مؤسسات الدولة من الجيش والأمن وغيرها حيث فقدت كل منهما مقومات ومعايير قيام الدولة والى الآن، ورأت ان لا يتكرر هذا الأسلوب في سوريا، واعتمدت بدلاً عن ذلك اسلوب دعم القوى والجماهير الثائرة، أي الاعتماد على القوى داخل سوريا او من سوريا، وكذلك ظهور التطرف والارهاب " داعش " وقوى الاسلام السياسي التي طرحت كبديل عن النظام القائم ما أثار حفيظة امريكا والغرب وكي لا تكرر تجربة مصر وتونس وغيرهما، خاصة وأن المعارضة السياسية قد تصدرها الاخوان المسلمون وبدعم حزب العدالة والتنمية التركي المستند على الفكر الاسلامي، وهكذا المعارضة المسلحة بفصائلها المختلفة بدت ذات خلفيات اسلاموية سلفية، والنظام سعى منذ البداية ان يجعل الصراع من منطلق مذهبي طائفي، كما ان المعارضة قد تنازلت عن بعض حقها حينما قبلت بالمفاوضات مع النظام مما جعل الصراع للشراكة بالسلطة وليس التغيير باتجاه التحول الديمقراطي، وكل هذه العوامل مجتمعة ومعها الفيتو الروسي والصيني في مجلس الأمن لصالح النظام السوري والذي استمر حتى الآن ساهم في اطالة امد الأزمة السورية».

يعتقد أمين أيضاً: «أن عام 2023 قد يختلف عن الأعوام السابقة، بل ربما يشهد تطورات هامة على مجمل القضايا والمواضيع ومنها الأزمة السورية، فعلى صعيد مسار " سوتشي – استانا " تركيا قد تواجه لجمًا قويًا من أمريكا وحلف الناتو في اتجاه التفاعل مع الدور الروسي، وقد تجبر على الانسجام مع الناتو حتى في الموقف من حربها على اوكرانيا، وروسيا هي الأخرى قد تواجه تصعيداً قوياً من الغرب في دعم اوكرانيا بالمال والعتاد ما يستنزف طاقات روسيًا وامكانياتها الاقتصادية، وهكذا ايران، فإنها أمام ازمات شتى داخليًا وخارجياً، فضلا عما تعانيها سياسيا واقتصاديا فسيكون المطلوب منها كف تدخلاتها في شأن الدول الإقليمية " العراق، اليمن، لبنان وسوريا " وعلى صعيد الأزمة السورية سيكون للمجتمع الدولي الدور الأساسي والأهم، ولئن كان مسار التفاوض واللجنة الدستورية متوقف، الا ان مسار محاربة النظام اقتصاديا هو المعتمد حاليا حيث قانون قيصر والعقوبات الاقتصادية، لجعل مناطق النظام بما فيها العاصمة دمشق تعاني من ازمات شتى اقتصادية وخدمية، فالمعيشة في أسوأ حالاتها لا وقود ناقلات ولا وقود تدفئة ولا كهرباء، وتأمين مستلزمات الحياة اليومية يلقى صعوبات كبيرة بسبب ارتفاع الأسعار، وتدنّي القدرة الشرائية لدى شرائح واسعة من المجتمع بسبب البطالة وعدم توافق الأجور- لمن يعمل – مع الأسعار، والانخفاض المستمر لسعر صرف الليرة السورية امام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، وأن حلفاء النظام عاجزون عن دعمه اقتصاديا، ما يعني أن النظام أمام كارثة حقيقية بسبب انهيار الاقتصاد وخصوصا في مناطق النظام، وهذا ما يراه الغرب كبوابة او سبيل نحو رضوخ النظام للحل السياسي وفق القرارات الدولية ومرجعية جنيف1، أي ان عام 2023 قد يختلف عن الأعوام السابقة وربما يشهد تطورات هامة، أو قد تتجاوز الأزمة السورية هذا العام ايضا، وربما تأخذ وقتا آخر نتيجة تطورات اخرى قد تطرأ على المشهد السياسي لهذا السبب او ذاك».

الغرب ومن يدور في فلكهم لا يختلفون في الاجرام بحق الشعب السوري سوى بالشكل
تحدث المستشار القانوني، موسى موسى لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «منذ الأشهر الأولى من احتجاجات الشعب السوري والتي عمّت كافة المناطق، تشعبت وتعددت وتداخلت عُقَدها، من سياسية واقتصادية وعسكرية، وتضاعف حجم المعاناة من اعتقالات وقتل وهدم المناطق السكنية والمشافي والمدارس وتهجير وتشريد السكان، ومن تدخلات إقليمية ودولية عمّقت الأزمة بعدم استطاعتها أو عدم رغبتها في ردع النظام عن جرائمه المقترفة بحق الشعب السوري، ولَم يكن الحراك الدولي في سوريا حراكاً ضاغطاً أو عقلانياً من أجل إيجاد حل سياسي يحفظ كرامة الشعب السوري وحقوقه وحرياته، وإنما كان حراكاً من أجل المزيد من الهدم والدمار لطرفي الصراع، وتحويل البلاد إلى تِلَلٍ من الخرائب، المجتمع الدولي ونفاقه الناعم وعدم رغبة مجلس الأمن الدولي من إصدار قرار ملزم تحت البند السابع جعل أبواب الخراب والدمار مفتوحاً أمام كافة الدول والأفراد للمشاركة فيها، كما للجميع حصته في جلب قوى الاٍرهاب والقتل من كافة بقاع الأرض وتسهيل دخولهم إلى سوريا ليجعلوا منها ساحة قتال الكل ضد الكل، وكانت للقوى الدولية والإقليمية الكبرى حصتهم الأكبر في هذا الصدد، بدءاً من تأسيس داعش وتوجيهها للهجوم على الموصل وما نتج عنها من كوارث وبخاصة على الإيزيديين في شنكال وسهل الموصل، ومن ثم توجيهها إلى الرقة وكوباني، ولولا الدعم الدولي والإقليمي من ناحية، وسياسة غض الطرف من ناحية أخرى ما كان لداعش من هذا التوسع والانتشار والقدرة على ارتكاب ما ارتكب من جرائم وحشية، ويعملون على بقاء وجود داعش ووجود خلاياها النائمة لكي تكون مطية يعلقون عليها اسباب تواجدهم في سوريا وعدم إيجاد حل سياسي لها، كما ان الانفتاح على جبهة النصر وعدم محاربتها لجعلها قوة شرعية وطرف في المعادلة السياسية والعسكرية في سوريا بجانب المعارضة والنظام، ولا يخفى على أحد أن القوى الدولية والإقليمية بمعسكريها الغربي والشرقي ومجموعة دول عدم الانحياز كان لهم الدور الأكبر في حماية نظام الأسد الأب والابن والتكتم على جرائمهم خلال حكمهم منذ عقود من الزمن، ومازالت تلك الحماية مستمرة الى اليوم».

يتابع موسى: «حقيقة الأمر لا شيء يشير إلى وجود أي ضغط على النظام السوري سوى العقوبات التي لا تؤثر عليه، كما ليس هناك مناورات أيضاً لأن القوى الدولية والإقليمية ليس لديهم نية في وصول الأزمة السورية إلى نهايتها عبر حل سياسي في إطار القرارات الدولية، وبخاصة قرار مجلس الأمن الدولي ٢٢٥٤، كما ليس هناك جديّة لدى النظام، وأي من حلفائه أو من طرف المجتمع الدولي وخاصة أمريكا في إنهاء الأزمة بما يكفل حرية وكرامة وحقوق الشعب السوري، وما نشهده من تحركات في هذا الجانب أو ذاك لا يخرج من إطار بعض الإرهاصات على النظام ومن ثم انفتاح عليه وهكذا دواليك، فمنذ بداية الأزمة طريق دمشق الدبلوماسي مفتوح للجميع وما زال النظام يضع شروطه وكأنه هو المجني عليه والبقية جُناة يحب معاقبتهم، هذا هو التفكير السائد منذ أحد عشر عاماً».

يضيف موسى: «ثورة الشعب السوري أو ما يسمونها الآن بالأزمة السورية لا شك في انها اندلعت بإرادة الشعب السوري وإن كان للربيع العربي الأثر المباشر في اندلاعها، ورغم المبادرات التي قدمتها جامعة الدول العربية، لكن الرفض من المجتمع الدولي كان مخططاً له، لإيصال سوريا إلى وضع لا يقوم لها قائمة، مع الحفاظ على طبيعة النظام، وقد فعلوا ذلك، لأنه لا أحد يريد للشعب السوري من أن يتمتع بحريته، فالنظام وحلفاؤه، والغرب ومن يدور في فلكهم لا يختلفون في الاجرام بحق الشعب السوري سوى بالشكل، وهنا يكمن السر في إطالة الأزمة لأن الطريدة لازالت تكافح، والصياد لازال يملك الكثير من الذخيرة المخصصة لرحلة صيده الثمين».

يردف موسى: «يوماً بعد يوم تتوضح الكثير من الأمور، وتتحول الكثير من الأوضاع، والشيء الوحيد الذي يتحول من سيئ إلى أسوأ هو وضع الشعب السوري، حيث لا تقدم ولا نتائج لصالحه لا في اللجنة الدستورية ولا في مسار استانا ولا في محاولات التقارب التركي السوري، وقد أتت الحرب الروسية الاوكرانية لتجعل من الأزمة السورية شيئاً هامشياً مقابل ما هو أولى أمريكياً وروسياً مع ما يشير إلى استمراريته لسنوات قادمة، لذلك لا أرى أن يختلف عام ٢٠٢٣ عن الأعوام السابقة من بؤس وشقاء الشعب السوري، ومن نفاق وعداوة المجتمع الدولي والاقليمي».

الانعطاف العسكري للثورة السورية السلمية كانت استدراجاً ممنهجاً
تحدث الكاتب والسياسي، وليد حاج عبدالقادر لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «بدا واضحًا خلال العام الفائت أن البعد العسكري لازال له حضوره وإن عهدة كيري ولافروف والملخصة تحت عنوان صريح وهو خفض التصعيد مع سياسة خفض القوة، وفي الواقع فإن الخارطة السورية لازالت هي ذاتها رقعة الشطرنج، وقد وصلت إلى مرحلة انكشاف الدول المنخرطة فيها، وكل يعلن بلا مواربة عن سوريا المفيدة له، وعليه واستنادًا إلى الوقائع على الأرض وانعكاساً لذات المفهوم أي خفضي التصعيد والقوة، وأيضا تداخلات الصراع، وأيضًا الغايات، فقد غيَّب تمامًا أو جمَّد في الواقع أية محاولة لا بل طمست أية مظاهر جدية للوصول بالمتصارعين إلى طاولة مفاوضات أو حوارات حقيقية وإن ظل بيدرسون بين الفينة والأخرى يذكر العالم بمهامه، وباختصار يبدو ان سوريا لا تزال هي ذاتها الحاضنة لتصفيات كثيرة».

يتابع عبدالقادر: «منذ الانعطاف العسكري للثورة السورية السلمية وإلى اللحظة مازالت لقناعة تامة بأنها كانت استدراج ممنهج، وأنها كانت مخططا حيث أصبحت سوريا حاضنة حقيقية لأطراف وتنظيمات متطرفة عديدة غالبيتها من الراديكال الديني ورغم فورة الصراع المسلح، وتعدد مشاربهم المنخرطين فيها، وأيضا ما رافقها من مبادرات ولقاءات لا بل ومنصات عديدة في سوتشي مثلا وجينيف وقبلها تونس ومبادرات الامم المتحدة ولكن وباختصار شديد: فان الوقائع تؤكد بان كل تلك الخطوات وبكل عناوينها ليست الغاية منها سوى إعادة تموضع وجرد عملي لمتواليات خفض القوة وفق منظور كل الدول المنخرطة، وعليه فإن كل المناورات السياسية هي فقط غايتها إعادة تموضع على قاعدة استراحة وقتية للأطراف المنخرطة لا اكثر».

يضيف عبدالقادر: «إن إطالة الأزمة السورية وباختصار هي ليست نتاج تعقيدات الصراع وحديتها بين المتصارعين بقدر ما هي عنف تضارب المصالح بين الأطراف والدول المنخرطة فيها وما يرونه أو يريدونه وباختصار، سوريا المفيدة لهم. وكمثال، استدراج إيران وإخراجها من طوق الداخل وبالتالي تمديدها السهل في جغرافيات عديدة، وحجم الصدمات المتتالية ماديا وبشريا إلى درجة ان ذلك التدخل أصبح العنوان الأبرز للثورة الخضراء في إيران ( لا سوريا ولا لبنان روحي فدا إيران )، وباختصار فإن سوريا أصبحت في الواقع قطع من شطائر متعددة والجميع وضع نصب عينيه الأهم والألذ له في تلك القطعة، ولهذا كله فإن جميع اللقاءات والمبادرات والقرارات الدولية لم تصل بعد إلى مرحلة خفض التصعيد وإن خفتت حدة الصراع العسكري العنيف».

يردف عبدالقادر: «إن تشعُّب الدول وتداخُل المصالح، وبالتالي استدراج سوريا وجعلها الحاضنة لا بل وساحة عالمية لتصفية الحسابات، وبالتالي اعتماد سياسة الاستئصال الجذري لكثير من الأطر الراديكالية المنغمسة وبعمق في الإرهاب، هي من أهم الأسباب التي أدت إلى إطالة الأزمة السورية وبالتالي فهي لم تزل الساحة المثلى لاستدراجهم أو للقضاء عليهم، وبما أن الهدف الرئيس هو الاستئصال فطبيعي ان تكون الفترة الزمنية منكشفة وبالتالي الزمن مفتوح، ولعلها من أهم أسباب الجمود والتصعيد المفاجئ لبقع ومناطق غير محددة، وستبقى كذلك إلى حين وصول الوضع تلاقيها مع إرادة دولية حقيقية، والوصول بالسوريين إلى مرحلة تفاهمات حقيقية، وفي الواقع لا شيء يوحي بأن الحالة السورية ككل ستتجاوز ما هي عليها سوى ما قد سينعكس عليها من مخرجات الحرب الروسية الأوكرانية من جهة، والأهم فيها مصير بوتين، وبالتالي حدوث متغيرات حقيقية وجوهرية، وبتصوري حتى هذه ستبقى أيضا رهينة لحدية الأطماع الروسية ورغبتها القديمة - الجديدة في الوصول إلى المياه الدافئة والتي لم تستطع حربان عالميتان من حسمها، وباختصار شديد لا يزال الصراع العالمي يناور وبشدة، ولـ يلف في ذات دوامة المسألة الشرقية والتي بدأت من القرم وها هي تتفاعل تصاعديا في ذات الجغرافيا».

وضع السوريين منذ تدويل الملف السوري اخرجهم من المعادلة كطرف فاعل ووضع قضيتهم تحت رحمة اللاعبين الكبار
تحدث رئيس فيدراسيون منظمات المجتمع المدني في كوردستان سوريا، حسن قاسم لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «ان وضع السوريين منذ تدويل الملف السوري وتحويل الأرض السورية إلى مستنقع لتصفية الحسابات الدولية وتحويل كل من المعارضة والنظام إلى أدوات في أيدي اللاعبين الاقليميين والدوليين، اخرجهم من المعادلة كطرف فاعل في قضيتهم ووضع القضية تحت رحمة هؤلاء اللاعبين، ويبدو أنه لا فكاك للقضية السورية عما يجري من صراع في العالم، حيث لا تزال الأراضي السورية مستنقعا لتصفية الحسابات الدولية رغم ادعاءات القوى انها تحاول تحييدها، لكل الوقائع يمكن القول أن سوريا وارضها وما يجري فيها هي ساحة صراع دولي، وكل الحراك السياسي العربي والإقليمي والدولي من أجل تحريك الملف السوري ربما يحكم عليه بالفشل لافتقاده التوافق الأمريكي- الروسي الذي يشهد توتراً متصاعدًا على وقع الحرب الأوكرانية، فقد تراجع عام 2022 الاهتمام السياسي والدبلوماسي نسبياً في الملف السوري مما عزّز حالة الجمود السياسي والعسكري التي تمرّ بها البلاد منذ عام 2020، ولن يكون عام الـ 2023 بأفضل منه إذا بقيت الأحداث لما عليه رغم وجود تحركات عربية وإقليمية في هذا الصدد، فقد أظهرت تركيا رغبة شديدة في تجاوز حالة الجمود العسكري كونها لم تستجب إلى متطلباتها الأمنية بإبعاد حزب العمال الكُردستاني وأذرعه العسكرية عن الشريط الحدودي، ورغم أنها لم تستطع شن عملية عسكرية جديدة في سوريا إلا أنها وسعت من استخدام العمليات الجوية وهو اختراق عسكري قد يمكنها لاحقا من محاكاة النموذج الإسرائيلي والأمريكي في سوريا، فضلا عن تهديداتها المستمرة بشن هجوم بري على مناطق تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية. كذلك ما يعتري المشهد السوري أن تراجعت وتيرة تطبيع العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين النظام السوري والدول العربية وهو مسار لم يحقق اصلا أي اختراقات جديدة، كدعم النظام اقتصاديا أو السماح له بحضور القمة العربية التي انعقدت في الجزائر».

يتابع قاسم: «بالمقابل منحت روسيا النظام السوري اختراقات جديدة بإقناع تركيا بنقل المباحثات معه إلى المستوى الدبلوماسي بعدما كانت تقتصر على المستوى الاستخباراتي، في وقت يواجه فيه النظام أكبر أزمة اقتصادية منذ اندلاع النزاع في سوريا، حيث انهار سعر الصرف بشكل انعكس على الأسعار والسلع والخدمات في الاسواق، وزاد من تردي الأوضاع المعيشية بشكل غير مسبوق بالتوازي مع العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كأداة للضغط على النظام وحلفائه لتعديل سلوكه».

يضيف قاسم: «أثار لقاء وزير الدفاع التركي ورئيس جهاز الاستخبارات ونظرائهم الروس والسوريين في موسكو مؤخرًا حالة من الغضب الشعبي والشعور بخيبة الأمل في تركيا إلى حد إنعدام الثقة بتعاملها مع الملف السياسي لصالح المعارضة السورية، وشكّل تصريح اردوغان مؤخرا حول إمكانية عقد لقاء مع نظيره السوري بشار الأسد برعاية روسية الذي قال فيه أنه لا توجد خصومة دائمة في عالم السياسة صدمة كبيرة في أوساط السوريين الذين يرون أن هناك استعجالا تركيا نحو المصالحة بسبب الانتخابات البرلمانية والرئاسية التركية التي ستعقد في منتصف هذا العام بالرغم من وجود رفض أمريكي وأوروبا لهذا التقارب، في وقت تفاوتت التفسيرات والتحليلات بخصوص موقف إيران من التقارب بين تركيا والنظام السوري، وعدم رضاها عن المسار بسبب عدم مشاركتها في رعايته، ففي البداية طرح الكثير من وسائل الإعلام فكرة عرقلة إيران لهذه المصالحة إلا أنه يوجد في المقابل رأي بأن إيران طرف فاعل في الحوار بين البلدين، وأنها لن تقف يوما ضد هذا التحرك لأنها جزء من أزمات النظام السوري الذي ترعاه، وتسعى لتقريب وجهات النظر بين النظامين التركي والسوري مع حرصها على عدم الأضرار بمصالحها، خاصة في ظل وجود ضغوطات روسية تمارس على دمشق لا تناسب المصالح الإيرانية والتحركات الإقليمية والدولية التي قد تحد من النفوذ الإيراني في جنوب سوريا خاصة بعد ما وقعت الإدارة الأمريكية على مشروع محاربة النظام السوري كمصدر للمخدرات».

يرى قاسم: «من جهة ثانية تلتقي إيران وتركيا في عدة ملفات من بينها الملف السوري على الرغم من أن كلا منهما كانت تقف على طرفي نقيض من الأزمة السورية، وقد انخرطتا في مسار استانا التفاوضي بصفتهما دولتين ضامنتين للإتفاقيات التي تم التوصل إليها ومنها اتفاق خفض التصعيد، لكنهما تلتقيان أكثر في الملف الكوردي حيث تقصف تركيا معاقل حزب العمال الكُردستاني بينما تستهدف طهران منظمات كوردية إيرانية مسلحة».

أخيراً:
إذاً، أن اطالة الأزمة السورية كانت بإرادة دولية، التي حولت الثورة السورية السلمية إلى أزمة، حملت في طياتها تعقيدات خطيرة، وأدخلت الشعب السوري في دوامة القتل والتشريد والتهجير، وزاد فوقها الأعباء الاقتصادية الخطيرة التي قد تنذر بعواقب وخيمة.