ستة وسبعون عاماً على إعدام واستشهاد قاضي محمد رئيس جمهورية كوردستان
PDK-S: يصادف يوم غد الجمعة، مرور 76 عاماً على إعدام واستشهاد القائد الكوردي التاريخي قاضي محمد رئيس جمهورية كوردستان، الجمهورية التي أعلنها الكورد في العام 1946 بشرقي كوردستان (كوردستان إيران)، وكانت عاصمتها مهاباد.
نبذة عن القائد قاضي محمد:
ولد قاضي محمد في مدينة مهاباد عام 1901. والده هو القاضي علي بن قاسم بن ميرزا أحمد، وأمه من عشيرة ‹فيض الله بك› الذائعة الصيت في مملكة موكريان.
ويعدّ قاضي محمد واحداً من ألمع الشخصيات في التاريخ الكوردي، إذ كان يتمتع بثقافة واسعة بسبب تبحره في أمور الشريعة والفقه الإسلامي والدين، وإتقانه اللغة العربية والتركية والفارسية والفرنسية والإلمام باللغة الإنكليزية والروسية إلى جانب لغته الأم الكوردية، فضلاً عن شخصيته الساحرة التي تثير محبة وتعاطف كل من يقابله، وتواضعه وشجاعته وإيمانه العميق بحقوق شعبه في الحياة وضرورة النضال من أجل تحقيق هذه الحقوق المشروعة.
وبالرغم من انحدار قاضي محمد من أسرة غنية في المنطقة، إلا أن ذلك لم يدفعه إلى الغرور أو الابتعاد عن معاناة شعبه، فتميز بعلاقاته الوثيقة بين أوساط الفقراء والمعدمين وحرصه على تلبية حاجاتهم ومساعدتهم في حل مشكلاتهم وتجاوز أزماتهم، من خلال حرصه على الاستماع إليهم والرد على أسئلتهم الدينية والشرعية والدنيوية.
كما كان يدعو إلى نشر التعليم والثقافة بين الكورد من أجل مواجهة الاضطهاد والظلم الذي كان يقع عليهم.
وخلال سنوات حياته كان قاضي محمد متفهماً للواقع المرير الذي تعيشه الجماهير الكوردية متلمساً معاناة الناس وإحساسهم بالغبن والتغييب الذي يقع على كامل القضية الكوردية، لذلك فقد كان يكرس كل وقته وجل اهتمامه في مصلحة الكورد والتطلع نحو مستقبلهم وحياتهم ليس في منطقة مهاباد فحسب، بل في مجمل المناطق التي تعيش فيها المجتمعات الكوردية.
في ثلاثينيات القرن المنصرم، انضم قاضي محمد إلى حزب ‹خويبون›، الذي أعلن نضاله في العام 1927 بمعاونة إحسان نوري باشا في كوردستان الشمالية.
وفي العام 1944 تشكلت منظمة كوردية باسم ‹جمعية الإحياء الكوردي›، مهدت لقيام الحزب الديمقراطي الكوردستاني في إيران، الذي أصبح قاضي محمد من مؤسسيه.
وكان برنامج هذا الحزب يتلخص بتحقيق الحرية في إيران، والحكم الذاتي لكوردستان داخل الحدود الإيرانية، والإخاء مع الشعب الأذربيجاني وكل الأقليات غير الفارسية.
وفي 16/12/1945 وسط جمع غفير في ساحة ‹جوار جرا› في مهاباد، وفي أجواء احتفالية كبيرة أعلن قاضي محمد في ذلك اليوم التاريخي انقطاع منطقة موكريان عن حكومة طهران، فنكسوا علم حكومة طهران من المؤسسات والمدارس ورفعوا علم كوردستان بدلاً منه.
وبتاريخ 22/1/1946 أعلن قيام جمهورية كوردستان بقيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني، وسط ظروف شائكة ومعقدة، وأصبحت مدينة مهاباد عاصمة للجمهورية الفتية.
وأمام العالم ووسط أكبر ساحة من ساحات العاصمة تم انتخاب قاضي محمد أول رئيس للجمهورية الكوردستانية، وكانت حاضرة في هذه الاحتفالات المهيبة وفود من جميع أطراف منطقة كوردستان.
وبعد أن ألقى الرئيس الجديد كلمته، تم ولأول مرة في التاريخ الكوردي رفع العلم الكوردستاني الذي يتشكل من اللون الأحمر والأصفر والأخضر، كما تم طرح البرنامج الكفاحي الشامل للجمهورية.
وقد تجسد الحلم المشروع في قيام دولة كوردية على أرض كوردية لشعب يتمتع بجميع مقومات الاستقلالية والدولة الحديثة من دون أن يؤثر هذا على سيادة أو كيان أي دولة من الدول المحيطة بها.
وعدّت اللغة الكوردية لغة رسمية يتعلم بها الشعب وتلتزم بها الدوائر الرسمية، وتم فتح المدارس وأنشأت الصحافة والمسارح، ودخلت المرأة في معترك الحياة الكوردستانية الجديدة، وقامت علاقات تجارية مع دول الجوار.
لم يكن عمر الجمهورية الكوردية طويلاً، إذ حاول قاضي محمد التفاوض مع حكومة طهران حول علاقة الجمهورية الكوردية بوصفها سلطة حكم ذاتي، بالحكومة المركزية، فرفضت إيران التفاوض، وأرسلت حملة عسكرية نجحت في قمع الحركة الديمقراطية في كوردستان إيران بوحشية، وقضت على الجمهورية الكوردية بدعم بريطاني – أمريكي، وتمكنت من استعادة مهاباد وبسط سيادتها على الإقليم.
وفي 30 مارس/ آذار 1947، وبعد محاكمة صورية، أعدم رئيس الجمهورية قاضي محمد وعشرات آخرون من قادة ومناضلي الكورد في ساحة ‹جوار جرا› بمهاباد، شنقاً حتى الموت.
رحل الشهيد قاضي محمد، لكن فكرة الحرية والحق والاستقلال ظلت حية في ذاكرة الشعب الكوردي، الذي واصل ويواصل كفاحه لنيل حريته وتحقيق تطلعاته الإنسـانية المشروعة إلى يومنا هذا.