ما بعد معاهدة لوزان.. وملء الحلقات الناقصة

ما بعد معاهدة لوزان.. وملء الحلقات الناقصة

ما بعد معاهدة لوزان.. وملء الحلقات الناقصة
عزالدين ملا

دخلنا المرحلة أو اللحظات الأخيرة من نهاية مئوية معاهدة لوزان التي رسمت خارطة الشرق الأوسط الحالية، وكانت تلك الخطوط والسياسات حسب رغبات الدول المنتصرة آنذاك فرنسا وبريطانيا. هذه الخارطة أسست لحلقات ناقصة في السياسة والمصالح وحتى في الحقوق والواجبات.
1- كيف تحلل كل ما يجري على الساحة الشرق الأوسطية من وجهة معاهدة لوزان؟
2- هل الأحداث تتكرر بين بداية ونهاية مئوية لوزان؟ أم لا؟ ولماذا؟
3- أين تجد الكورد بين بداية ونهاية مئوية لوزان؟
4- ما المطلوب من الكورد ليكون لهم موطئ قدم في المئوية القادمة؟

معاهدة لوزان ومراجعة ذاتية وموضوعية
تحدث عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، حسن رمزي لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «بعد الانتهاء من الحرب العالمية الأولى بقليل اتفق الحلفاء (المنتصرون) معاً على عدة اتفاقيات لتقسيم تركة الإمبراطورية العثمانية فيما بينهم أبرزها اتفاقية (سايكس_بيكو) بين بريطانيا وفرنسا عام 1916م، وبموجب مصالحهم الاقتصادية والسياسية انشأوا خرائط جيوسياسية في الشرق الأوسط، وحُرِمت على أساسها الكثير من الشعوب والمكونات من حقوقهم العادلة ومنها الشعب الكوردي الذي تم تجزئته بين أربع دول (تركيا. إيران. العراق. سوريا).

وتعدُّ معاهدة لوزان من أبرز المعاهدات التي قضت على حلم الشعوب التي ألحقت قسراً بتلك الدول الناشئة دون الأخذ برأيهم، ومراعاة خصوصياتها العرقية والدينية من جهة. ودعموا أنظمة الدول الشرق الأوسطية ليحافظوا على مصالحهم من جهة أخرى. حيث أصبحت دول المنطقة مسرحًا لصرعاتهم، وساحة لتصريف منتجاتهم المختلفة، والاستفادة من ثروات وخيرات تلك الدول في بناء وتطوير بلادهم. ومنذ عام 1923 وإلى يومنا هذا لم تهدأ الأوضاع في المنطقة والعالم. حيث الانتهاكات في حقوق الإنسان، ونشوب الحروب المدمرة، والظلم والاستبداد، والقضاء على حلم الشعوب المضطهدة وحقّهم في تقرير المصير. ورغم تبنّي الأمم المتحدة والمجتمع الحر العهود والمواثيق الدولية في مجال حقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها، إلا أنه مع كلّ هذه العهود والمواثيق الأممية لم تسمح الدول المتنفذة للأمم والشعوب المظلومة من تأسيس كيان سياسي خاص بهم في منطقة الشرق الأوسط».

يتابع رمزي: «خلال المئة عام حصلت كثير من الأحداث والتطورات على الساحة العالمية، وأهمها الحرب العالمية الثانية، وانهيار المنظومة الاشتراكية وتفكيك الاتحاد السوفييتي، وبموجبها انتهت سياسة القطبين إلى سياسة القطب الواحد برئاسة أمريكية، وتغيرت قواعد اللعبة في السياسة والاقتصاد، وأصبحت أمريكا تخطط لتغيير معالم المنطقة وفق مصالحها، وطرح مشروع الشرق الأوسط الجديد. تأمّلت الأمم والشعوب المغبونة بالحرية والديمقراطية والعدالة. ومع هذه كله ونحن في نهاية المئوية لمعاهدة لوزان حيث حدثت الكثير من الحروب والأحداث في المنطقة والعالم وتأثيراتها على الطاقة والأمن الغذاء العالمي كالحرب الروسية الاوكرانية وتداعيتها على العالم. وأيضاً بروز التنين الصيني المزاحم والمنافس للدور الأمريكي في إدارة العالم».

يضيف رمزي: «في منطقة الشرق الأوسط مازالت الملفات والأزمات دون حل سياسي، والرسم الجغرافي على حالها، ولا شيء جديد في الأفق المنظور بالنسبة للمشروع الأمريكي في المنطقة. وكان نصيب الأمة الكوردية من معاهدة لوزان وإنكار وجودها القومي وإلغاء معاهدة سيفر عام 1920 والتي خصصت جزءاً منها للشعب الكوردي وحقوقه المشروعة، وألحقت كوردستان قسرًا بالدول الناشئة دون الأخذ في رأي الشعب الكوردي وحقه في تقرير مصيره. ‬‬ونزولًا عند رغبة مصطفى كمال رئيس جمهورية تركيا. واكتشاف النفط في كركوك تنصلت الدول المنتصرة (بريطانيا وفرنسا) بوعودها للكورد، وعملوا بالضد من طموحات الكرد وآمالهم، وعلى إثرها ناضل الشعب الكوردي وحركته السياسية بكافة الوسائل المتاحة لنيل حقوقه ومطاليبه والعيش بحرية في أجزاء كوردستان الأربعة. نتيجة لتلك السياسة الخاطئة والصراعات الدامية وطويلة الأمد لم تستطع الأنظمة المتعاقبة على سدة الحكم القضاء على الشعب الكوردي وصهره في بوتقة القوميات السائدة، ولم تستطع الحركة التحررية الكوردية كسب حقوقها المشروعة. وفي المحصلة كان مصير الشعوب المعمورة والسلم الاهلي المتضرر الوحيد من تلك الممارسات الشوفينية تجاه الشعوب المظلومة».
يرى رمزي: «المطلوب من الشعب الكوردي بعد مرور مئة عام على معاهدة لوزان، ومن الأنظمة الحاكمة مراجعة الذات وأخذ بمصلحة الشعوب المعمورة ومنها الشعب الكوردي بعين الاعتبار والاستفادة من تجارب الشوب. والتفكير مليًا في الحلول السلمية والديمقراطية، واتباع سياسة صحية لمعالجة القضية الكوردية وفق العهود والمواثيق الدولية وبما يتناسب مع الأوضاع الذاتية والموضوعية في إطار الحوار والايمان بالحل السياسي. وفي الوقت ذاته يتوجب على الحركة الكوردية التحرك السياسي والدبلوماسي لكسب أصدقاء وحلفاء للقضية الكوردية وللشعب الكوردي دوليا واقليميا وداخليا، وذلك لتعزيز الشراكة والسلم الاهلي والعيش المشترك وتثبيت حقوق كافة المكونات في دستور عصري متقدم، ليضمن لهم الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة وبناء دولة ديمقراطية اتحادية متعددة الأطراف».
خلاصة القول، يقول رمزي: «يتطلب من الشعب الكوردي العمل لتأمين عاملين أساسيين: العامل الأول ترتيب البيت الكوردي، وتوحيد الخطاب السياسي، والنضال من أجل الاعتراف بوجوده القومي وحقوقه المشروعة. والعامل الثاني العمل على تأمين الدعم الدولي للوقوف إلى جانب الشعب الكوردي ومناصرة عدالة قضيته. لان المشكلة أو القضية الكوردية هي ضحية المصالح الدولية الاقتصادية منها والسياسية، وبحاجة إلى حل ودعم دولي وإلى إرادة الدولية لإنجاز الحل السياسي المنشود. وبحسب رؤية الأكاديمي التركي اسماعيل بيشكحي ( كوردستان مستعمرة دولية )».

معاهدة لوزان والاضطهاد الشعب الكوردي
تحدث عضو الهيئة السياسية لحزب يكيتي كوردستاني- سوريا، بهجت شيخو، لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «بداية أوّد أن أشكر صحيفة كوردستان لإتاحتها الفرصة لنا بالتعليق على هذا الموضوع الهام الذي يمس مصير الشعب الكوردي ووجوده على أرضه التاريخية. كان الشعب الكوردي أحد الشعوب القابعة تحت نير الاحتلال العثماني كبقية الشعوب الشرق أوسطية كالعرب والأرمن وغيرهما، ولكن ومع نشوب الحرب العالمية الأولى ( 1914 - 1919 ) ومشاركة السلطنة العثمانية إلى جانب المانيا وشركائها (دول المركز) في الحرب، وأمام إظهار خسارات دول المركز، بدأ الحديث أو التفكير عن تفتيت السلطنة العثمانية وتوزيع تركتها بين دول الحلفاء وخاصة انكلترا وفرنسا. مع استسلام تركيا في مودرس 30 تشرين الأول 1918 بدأ العمل جدياً على تقسيم الإمبراطورية العثمانية وخاصة بعد ظهور كميات ضخمة من النفط في ولايات الحجاز والموصل.
لذا عقدت الاجتماعات بين الحلفاء والوفد العثماني في مدينة سيفر الفرنسية، وشارك الكورد بوفد غير رسمي برئاسة شريف باشا في هذه الاجتماعات، وتمخضت عنها معاهدة سيفر في 10 آب 1920، حيث احتلت القضية الكوردية مكانة هامة في هذه المعاهدة، إذ خصص القسم الثالث من الباب الثالث من المعاهدة لمعالجة المسألة الكوردية، وحمل هذا القسم عنوان (كوردستان) ، ويتألف من المواد 62 - 63 - 64 التي هدفت إلى إنشاء دولة كوردية مستقلة في تركيا، يمكن أن ينضم إليها كورد كوردستان العراق (ولاية الموصل) إذا أرادوا ذلك.
ولكن ومع بروز دولة الاتحاد والترقي التركية، وإنهاء حكم السلطنة والحروب التي خاضتها تركيا في اليونان وبناء علاقات جيدة مع الحكم الشيوعي السوفيتي، كل هذه المعطيات الجديدة بالإضافة لعدم اعتراف كمال اتاتورك بمعاهدة سيفر أدى إلى إعادة النظر في المعاهدة، حيث كانت تركيا في موقف المفاوض القوي مع انكلترا وفرنسا فتم إلغاء معاهدة سيفر وثبتت عنها معاهدة لوزان في 24 تموز عام 1923، حيث اعترفت بحدود تركيا الحالية مع بعض الامتيازات الهامة لدول الحلفاء، وبهذه المعاهدة اعتبرت القضية الكوردية شأنا داخلياً تركياً، وفي هذا المجال كان يقول كمال اتاتورك معاهدة سيفر هي بمثابة حكم الإعدام على تركيا.
وانطلاقاً من هذا الواقع الجديد، وبعد معاهدة لوزان بقيَ الشعب الكوردي مضطَّهداً بين أربع دول شرق أوسطية هي تركيا وإيران والعراق وسوريا، وحاولت تلك الدول بشتى الوسائل قمع ثوراته وانتفاضاته التحررية، وانصهار قوميته في بوتقة شعوبها، وتعرض الكورد نتيجة ذلك لأقسى انواع الاضطهاد العرقي والإنساني، وجرى بحقه المئات من المجازر والتغيير الديمغرافي، ولم يسلم حتى من الأسلحة الكيماوية والمحرمة دولياً. ولكن الشعب الكوردي لم يستسلم خلال المئة عام الماضية، والذي أظلمه قوى التحالف في المطالبة بحقوقه القومية المشروعة في أجزائه الأربعة، ودفع الغالي والنفيس في سبيل حريته، ولكن كل هذه المعاناة السابقة واللاحقة بالتأكيد تتحمله الدولتان بريطانيا وفرنسا كواجب أخلاقي وإنساني تخلَّتا عن الشعب الكوردي حينها، ولم ينصفاه كبقية الشعوب المنطقة في السلطنة العثمانية ».
يتابع شيخو: «كما أسلفنا سابقا لم يستسلم الشعب الكوردي ورغم توزعه بين أربعة دول ذات منشأ قومي يتسم بطابع عنصري عن المطالبة بحقه المشروع في حق تقرير مصيره بنفسه وذلك وفق العهود والمواثيق الدولية. وفي هذا المجال، الدول التي تضطهد الشعب الكوردي لم تستطع حتى الآن أن تبني ديمقراطية حقيقية لبلدانها، وحكمتها أنظمة عسكرية دكتاتورية قزمت دولها، واضطهدت حتى شعوبها. لذا أصبحت هذه الدول عرضة للتدخل الخارجي كما حدث في العراق وسوريا بشكل مباشر والتهديد بالعقوبات لكلا من إيران وتركيا.
لا أستطيع القول إن الوضع الراهن في المنطقة يشبه بدايات لوزان لأن الوضع على الأرض خلال المئة عام متغير تماما، فهناك تقسيم آخر للشعب الكوردي / عراقي - سوري / بعد ان كانت اغلب جغرافية كوردستان تحت الهيمنة العثمانية ناهيك عن تعرض الكورد إلى المئات من المجازر والقتل العام. كما انه هناك صعوبة بالغة في الوقت الراهن بتجزئة الدول الحالية بسبب مصالح الدول الكبرى في المنطقة.
إلا إنه يشهد ومنذ العقدين الماضيين تقدماً ملحوظاً باتجاه إيجاد حلول للقضية الكوردية بشكل عام وخاصة في إقليم كوردستان العراق، الذي يعتبر الآن العمود الفقري لبقية الأجزاء، وذلك بفضل السياسة الجريئة لجناب الرئيس مسعود البارزاني، وتحمله واجب الدفاع عن المشروع القومي الكوردي في كل المحافل الدولية والإقليمية».
يضيف شيخو: «بعد توزع الشعب الكوردي بين أربع دول مع بداية لوزان، اصبح مصير هذا الشعب مرتبطاً مع مصير شعوب تلك الدول، ولم يبقَ للكورد تمثيل سياسي ككتلة واحدة، وباتت كوردستان وشعبها مقسماً، مما عقَّد هذا التقسيم المشهد السياسي للقضية برمتها، وتعتبر من اكبر المعضلات السياسية في منطقة الشرق الأوسط.
فكما تجزأ الشعب الكوردي إبان لوزان تجزأ نضاله أيضاً، وأصبح نضاله في كل جزء يواجه نظامه المباشر وأنظمة بقية الأجزاء، لذا يرى أحياناً عن مدى الخلاف بين تلك الدول، وإلى أي مدى تصل، ولكنها سرعان ما تتفق فورا على كبح نضال الكورد في أي جزء كان.
ولكن يجب الأخذ بالحسبان وخاصة بعد سقوط نظام البعث في العراق عام 2003 والأزمة السورية منذ 2011 نجد تطورا ملحوظا لحلول القضية الكوردية في هذين الجزأين، حيث خرجت المشكلة الكوردية من ضمن حدود هاتين الدولتين (عراق - سوريا) إلى الساحة الدولية، وأصبح أي حل لمستقبل تلك الدولتين لا بد ان يراعي حقوق الشعب الكوردي.
اما في تركيا وإيران فما زال نضال الشعب الكوردي يتراوح في مكانه ولم ينزع بعد غطاء المحلية للسير نحو التدويل».
يشير شيخو: «أنه من الطبيعي تراجع الحركة التحريرية الكوردستانية هذه الحقبة التاريخية ( مئة عام )، وتميز بين ايجابيات نضالها وسلبياتها، وعن مدى مراحل قوتها ونقاط ضعفها، وتستدرك كل نقاط الخلل التي رافقتها. ويأتي في مقدمة البحث عن عوامل النجاح برأيِّ هو:
1 - الإيمان التام بأحقية المشروع القومي الكوردي، ونبذ كل مشروع يناهض أو يحد من تحقيق الحقوق القومية المشروعة لكل جزء من كوردستان.
2 - إنشاء برلمان كوردستاني حقيقي ممثلا لكل الأجزاء، مهمته شرح القضية الكوردية في المحافل الدولية.
3 - التعاون التام في النضال فيما بين أجزاء كوردستان دون التدخل المباشر بخصوصية كل جزء.
4 - حلّ الخلافات الكوردية - الكوردية بالحوار، ونبذ العنف فيما بينها.
5 - الاستفادة من الجالية الكوردية في اوروبا والعالم لتحريكهم كسفراء لشعبهم، والقيام باعتصامات ومظاهرات حاشدة في المناسبات القومية الكوردية وذلك لتعاطف تلك الشعوب مع القضية الكوردية.
6 - اعتبار إقليم كوردستان العراق إنجازاً قومياً وتاريخياً هاماً للشعب الكوردي عموماً، وعلى بقية الأجزاء تقديم الدعم والمساندة وتوطيد العلاقات الأخوية.
7 - عدم التخلّي عن الحقوق الثابتة للشعب الكوردي مع الأحزاب والتيارات الوطنية في أي جزء من أجزاء كوردستان، وتحت أي ضغط أو أي مسميات تقزم حقوقه التاريخية في أي دولة».

نهاية مئوية أسوأ معاهدة مجحفة بحق شعبنا والاستعداد لاستقبال القادم
تحدث الحقوقي، زكي حجي لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «باعتقادي، هناك تغيرات بنيوية كبيرة حصلت سواء على الصعيد كل دولة (داخلية) وعلى صعيد تحالفات دولية فتقلصت قوة ونفوذ بعض الدول الموقعة على معاهدة لوزان ( مثلا بريطانيا و فرنسا و ايطاليا ...)، وفقدت الكثير من اوراقها خارج حدودها، وظهرت دول اخرى تملك أوراقاً قوية وعديدة على الساحة الدولية، وثم تغيّرت مسارات الصراع بين دول من الاحتلال العسكري والهيمنة إلى ميدان الاقتصاد والمال والتقنيات الحديثة، وتأثير في رأي العام بأساليب جديدة (العولمة) ومن أهم نتائج لوزان هو ترسيم الحدود لعدة دول مثل تركيا وسوريا واليونان والعراق. وترسخت هده الحدود بموجب قوانين واتفاقيات دولية ومصالحها والسؤال الاهم هو هل هذه الحدود قابل للحياة ولها مبررات الوجود والاستمرارية؟».
يتابع حجي: «الأحداث تتكرر دائماً، وباستمرار، ومصالح الدول في تناقض وتبدُّل، ومن جهة أخرى تتناقص الخيرات والثروات، وتسعى بعض الدول الى السيطرة والهيمنة على مقدرات الشعوب الاخرى عبر إحياء الأيديولوجيات والتحالفات الجديدة.
نستطيع القول: مئة عام من لوزان مضت، ومازالت شعوب المنطقة تعاني من الفقر والبطالة والاستبداد والتخلف والفساد المالي والاداري والعودة الى الثقافة ما قبل الوطنية (داخليا)، أما خارجياً فهناك حالة من الصراع بين أرمينيا وجارتها، وتركيا أصبحت دجاجة تحمي بين جناحيها كل شبكات ارهابية ومتطرفة، وسوريا تعاني من النزاع الداخلي مند أكثر من العقد، وايران تشهد انتفاضة ضد نظام الملالي، والعراق مازالت دولة شبه فاشلة ....الخ».

يضيف حجي: «هناك شعوب عديدة تضررت كثيراً من هده المعاهدة اللعينة، وتركت آثاراً سلبية على العلاقات بين الدول والشعوب، ورسمت الحدود بالضد من مصالح الشعوب الاصيلة. وصدق من قال إن الكورد هم اكبر ضحايا هده الاتفاقية، فطيلة مئة عام ظلّوا مقسمين بين أربع دول ظالمة، وجيران لشعوب متخلفة افرزت انظمة دكتاتورية واستبدادية.

ولم تستطع حركة التحرر الكوردستانية أن تحرز مكاسب تدرجية على الاقل خلال هدا القرن باستثناء اتفاقية /11/اذار وفيما بعد الفيدرالية. رغم أن الشعب الكوردي دفع مئات الآلاف من القرابين على طريق الحرية والاستقلال، وهذا لا ينفي أبداً أن القيادات الكوردية لا تتحمّل المسؤولية عن الفشل في كثير من المنعطفات، ومازال الانقسام والتشتت وخدمة الاعداء ابرز عناوين في السياسة الكوردية.

وهكذا يبدو لي ان هناك ظروفاً دولية جديدة فتحت أمام الكورد، وعليهم استغلال الفرصة بتعاون مع الشعوب المنطقة، فقيم الحرية والمساواة والعدالة وحقوق الانسان والعيش بأمن وسلام هي مطالب شرائح واسعة وقوى اجتماعية لهذه الشعوب».

يشير حجي: «إلى أنه المطلوب من الحركة الوطنية الكوردستانية تقييم واقعها، وتشخّص المرحلة، وتحديد أهدافها القومية والوطنية حسب إمكانيتها بتعاون مع الشعوب المجاورة، لا يمكن ان نعيش كجيران مع الآخرين دون أن نعرف البعض، وماذا يريد كل منا؟ وكيف نبني معا وطنا؟ يعيش فيه الجميع بأمان، ونتمتع بكامل حقوقنا القومية. أكرر لقد ألحقت الأنظمة الاستبدادية والشوفينية والقمعية ضرراً بالغاً بشعوبها من هدر الثروة والفساد، وزرع الفتن والأوهام بين المكوّنات، ومن هنا على الآخرين أيضاَ مراجعة ذاتهم اقصد الحراك السياسي لهذه الشعوب، وأن لا يُنظر الى الكورد بمنظار الأنظمة الاستبدادية، وما الحروب الداخلية والاقليمية إلا نتيجة لفشل هذه الانظمة ( من حرب الخليج الاولى والثانية، وما يجري في سوريا الآن .....).

إن العلاقات بين الأحزاب الكوردستانية في أسوأ مراحلها، وذلك نتيجة صراعاتها البينية، وضغط الأنظمة الغاصبة لوطنهم. إذا استطاعت الحركة الكوردية أن تلملم أوراقها، وترتب بيتها الداخلي، وأن يكونوا سنداً محترماً لإرادة الاجزاء الاخرى، والتحالف مع الحراك الثوري والديمقراطي لشعوب أخرى، عندها سنكون مستعدين لاستقبال مئوية ونهاية أسوأ معاهدة مجحفة بحق شعبنا».