الكورد ايضا خلقهم الله

الكورد ايضا خلقهم الله

شيركوه كنعان عكيد

‎في خضم كل تلك المعارك التي دارت رحاها بين فصائل الجيش الوطني ووحدات حماية الشعب بالاضافة إلى قوات النظام, كان الخاسر الأكبر دوما هم الأهالي المسالمين والمدنيين العزل, والذين فقد العديد منهم حياتهم أوممتلكاتهم وتشردوا في بقاع الأرض.

‎كانت منطقة سري كانية ومحيطها تحت سيطرة قوات حماية الشعب حتى تشرين 2019 عندما شنت فصائل الجيش الوطني وبمؤازرة هائلة من الجيش التركي ,هجوما واسعا بغية طرد مقاتلي وحدات حماية الشعب, ونشبت معارك ضارية ,غير متكافئة ,استخدم فيها الجيش التركي شتى أنواع الأسلحة وصنوفها.

‎لم تصمد وحدات حماية الشعب طويلا أمام هذا الهجوم المكثف والمدعوم برا وجوا من القوات التركية فانسحبت بعد إن أبلغت الأهالي بضرورة مغادرة بيوتهم حفاظا على سلامتهم .

‎كانت قرية داوودية الملا سلمان إحدى تلك القرى التي انسحب منها مقاتلو وحدات حماية الشعب ومعها سرية من قوات النظام السوري, لتدخلها قوات المعتصم بقيادة المدعو محمد ايوب ( أبو زيد) والذي باشر مع قواته بحملة نهب وسلب واسعة النطاق , حيث افرغت البيوت من محتوياتها بالكامل وتم الاستيلاء على كافة الأليات الزراعية ومضخات المياه المنصوبة على نحو أربعين بئرا لإرواء ما مساحته " 13660 " دونما من الأراضي الخصبة المزروعة بالقطن والحبوب.

‎الأنكى من كل ذلك والأشد إيلاما كانت تلك الممارسات المفتقرة إلى أي حس وطني او إنساني والمتمثلة في عملية طرد سكان القرية عن بكرة أبيهم من أرضهم , وتحولت القرية منذ ذلك الحين إلى ثكنة عسكرية لقوات الكوماندوس التركية,و التي تحرص بشدة على منع دخول أي كوردي إلى المنطقة .
‎ لقد منعتهم فصائل المعتصم حتى من دفن موتاهم في مقابر القرية رغم توسط بعض رجال العشائر العربية لدى أبو زيد للسماح لهم بدفن مختار القرية فكان رده : إنهم لم يعودوا يملكون أرضا ليدفنوا موتاهم فيها .

‎ إن ما نقوله ليس تحاملا على القوات التركية أو فصائل المعتصم , فهم قد سمحوا بعودة الأهالي من المكونات العرقية الأخرى بل واسترد أولئك ممتلكاتهم وعاودوا استثمار أراضيهم الزراعية كالمعتاد , بينما لا يزالون يمنعون فقط الكورد من العودة لقراهم وممارسة حياتهم كالسابق . وقد تم توثيق هذه الأحداث في تقرير لجنة التحقيق الدولية المعنية بسوريا لعام 2020,حيث جاء في الفقرة 78 ما يلي:

‎(وفي قرية الداوودية ( رأس العين) الواقعة على بعد أقل من 10 كيلومترات من الخطوط الأمامية النشطة حيث اشتد القتال بين قوات سوريا الديموقراطية وتركيا والجيش الوطني السوري, واصلت كتائب الجيش الوطني السوري والقوات البرية التركية استخدام الممتلكات لأغراض عسكرية ,أكدت صور ساتلية مؤخرا وجود قاعدة عسكرية تركية داخل القرية, بما في ذلك احتمال توسيع المنشأة نحو الشمال ومنع السكان الأكراد من العودة إلى الداوودية منذ عام 2020 على الأقل ودمرت المنازل ومنذ ذلك الوقت,تعذرعليهم أيضا استغلال الأراضي الزراعية المجاورة ورفضت حتى الآن طلباتهم للحصول على تعويض. وعدم دفع القوات التركية تعويضا عن الممتلكات الخاصة المستولى عليها قد يشكل انتهاكا للقانون الإنساني الدولي , لا يزال سكان قرية داوودية الملا سلمان مشتتين في المناطق البعيدة ,ولا يزالون يحلمون بالعودة إلى بيوتهم المهدمة وأرضهم التي اضحت قاحلة جدباء, وأنهم على وشك أن يفقدوا إيمانهم بكل شعارات التاّخي والعيش المشترك, بسبب تلك الممارسات العنصرية والتمييز السافر بحقهم كونهم كوردا ليس إلا, وعلى أيدي أناس كان يفترض إنهم يسعون لتحقيق الكرامة والعدالة والحرية لأبناء الشعب, ويتساءلون إن كان أولئك هم أنفسهم من كان ينادي يوما بتلك الشعارات!

‎يستذكر أهالي داوودية الملا سلمان كلمات الرىْيس التركي أردوغان حين قال ذات مرة في 2015

‎( أما نحن فنحبكم في الله, ليس لأنكم كوردا ,بل لأن الله هو الذي خلقكم )

‎فهل يدرك البقية مغزى هذا الكلام ؟ وهل وجدت لها بالفعل مكانا على أرض الواقع؟

‎وهل يؤمنون حقا أن الله خلق الكورد أيضا ؟
‎السؤال مرة أخرى برسم الأىْتلاف ومجلسنا الوطني الموقر