الساحة السورية ، ماذا تنتظر ؟

 الساحة السورية ، ماذا تنتظر ؟

الساحة السورية ، ماذا تنتظر ؟
بقلم : شريف علي
رغم مضي قرابة ثلاثة عشر عاما من الويلات التي حلت بالسوريين من القتل والدمار و التهجير والتشريد فإنها لم تروي ظمأ أولئك الذين جعلوا من سوريا جيفة ينهشون بها وساحة تجارب ترتكب فيها أبشع الجرائم ضد الإنسانية، لا بل قاعدة إنطلاق متقدمة لمشاريعهم الإرهابية العدوانية تجاه بلدانا أخرى في المنطقة ، بما يشكل عامل عدم استقرار للمنطقة والعالم أجمع من جوانب عدة لعل أبرزها إنها باتت بؤرة لتصنيع وتصدير الإرهاب والمخدرات والرافد الأساسي للمهاجرين بإتجاه الغرب الأوربي هذا إلى جانب قضايا دولية ساخنة،جعل من إنهاء الأزمة السورية مطلبا ملحا ، الأمر الذي دفع بالإدارة الأمريكية وبالتنسيق مع حلفائها الإقليميين والدوليين الى التحضير لإنهاء الأزمة السورية بالقوة العسكرية في ظل الرفض القاطع من جانب دمشق لكافة الحلول الدبلوماسية المطروحة وقرارات المجتمع الدولي ذات العلاقة بالشأن السوري بما فيها مبادرة التطبيع العربية والتي أعادت بسوريا الى الجامعة العربية .

الإدارة الأمريكية من جهتها بدأت بإتخاذ التدابير التمهيدية لعملية عسكرية تعكس المؤشرات بانها واسعة النطاق في المنطقة وقد يكون على عدد من المراحل ما يعني أنه هناك أكثر من مستهدف له دور مؤثر في استمرارية الأزمة السورية ، وطبيعي أن تكون هذه في رأس قائمة المستهدفين. (مراكز القيادة الإيرانية والميليشيات التابعة لها بمختلف مسمياتها على الأراضي السورية) .

على ضوء الإجراءات الأمريكية المتخذة بهذا الشأن إن كان على الصعيد السياسي أو الميداني، وجغرافية التحركان الأمريكية التي تولي الإهتمام البالغ بقطع الأذرع الإيرانية الممتدة إلى سوريا ولبنان عبر الأراضي العراقية حيث تسيطر عليها ميلشيات موالية لإيران وعلى جانبي الحدود العراقية السورية بطول المنطقة الممتدة من ألبو كمال إلى منطقة التنف التي تعتبر منطقة نفوذ أمريكية على المثلث الحدودي العراقي السوري الأردني. بما يضمن تشديد الخناق على دمشق و حزب الله بالتزامن مع تكثيف القوة البحرية الأمريكية في البحر المتوسط،وإيقاف تجميد العقوبات على سوريا ، لكن هل تقف روسيا مكتوفة الأيدي إزاء هذا السيناريو ؟

العجز الإيراني الواضح في مواجهة الحشد الأمريكي الهائل والذي يقدره الخبراء الاستراتيجيين بانه يتجاوز نصف ما تم حشده لحرب الخليج الثانية ،وما يلزمها الإستنجاد بشريكتها روسيا المتواجدة أصلا في ذات المنطقة من خلال القوات السورية النظامية والتي تكون بحد ذاتها أهدافا لقوات التحالف في منطقة العمليات، مؤشر لتصادم حتمي -وإن على مستويات متدنية- بين روسيا ،وقوات التحالف وهو ما أشار إليه الرئيس الرئيس الروسي مؤخرا بأن أية عملية أمريكية في تلك المنطقة يلغي اتفاق تجنب الإحتكاك بين الطرفين .

هذه قد تكون الخطوة التمهيدية للمرحلة الثانية للعملية العسكرية الأمريكية المقررة في المنطقة والتي ترمي لتحقيق أهدافا إقليمية ودولية تتطلبها الإستراتيجية الأمريكية بإلحاح على المستويين المحلي حيث الإنتخابات الرئاسية الأمريكية باتت على الأبواب، والعالمي حيث الإدارة الديمقراطية اصبحت بعيدة عن التأثير في أغلب القضايا الدولية الساخنة ،والتي تعتبر سوريا واحدة من أهمها،الأمر الذي يرى فيه المراقب للمشهد السوري بأن حسم الأزمة السورية عسكريا بات قاب قوسين أو أدنى في ظل الحشود الأمريكية الضخمة في المحيط السوري البري والبحري وما يرافقها من تعزيزات مشابهة في مناطق النفوذ الأمريكي إن كان في المناطق الكوردية أو منطقة المربع 55 (التنف) وبالتنسيق مع فصائل معارضةفي شمال سوريا،و مع حلفائها الدوليين و الإقليميين ،وسط تشاؤم روسي منزايد إزاء المسنتقع السوري،و من النظام في دمشق جراء تمسك هذا الأخير بمواقف تعارض التوجهات الروسية بشأن الحل الدبلوماسي للأزمة السورية وفق مخرجات أستانا الأخيرة،وفي مقدمتها مسألة التطبيع مع تركيا التي بدأت بمراجعة مسار تنسيقاتها الإقليمية والدولية . تطورات متسارعة بالغة الأهمية على الصعيدين السياسي والميداني تمس المنطقة قد تفضي إلى خارطتها المستقبلية على مدى عقود.

المقال يعبر عن رأي الكاتب


.