رسائل دموية من إيران

رسائل دموية من إيران

رسائل دموية من إيران
شـــــريف علي
إعادة الملفات الشرق أوسطية الساخنة على طاولات المفاوضات على المستويين الإقليمي والدولي تعكس الوضع المأساوي القائم على امتداد الساحة الشرق أوسطية الناجمة أساساً من الصراعات الدولية على توسيع مناطق نفوذها في المنطقة بالنظر لأهميتها الاستراتيجية، وغناها بالثروات الاقتصادية.

في هذا الإطار يمكن النظر إلى الدور الذي تلعبه إيران في تأجيج الصراع والدفع به نحو الدموية من خلال أذرع عسكرية طائفية تم تأسيسها في دول المنطقة وتحديداً في سوريا ولبنان والتي لعبت دوراً أساسياً في عمليات قمع الثورة السورية.

في الآونة الأخيرة ووسط تفاهمات دولية على ضرورة إنهاء ملف الأزمة السورية احتل موضوع الدور الإيراني السلبي في هذا الملف وضرورة إنهاء ذلك الدور صدارة المهام الواجبة على التحالف الدولي الغربي المناهض لقوى الإرهاب أنظمة ومنظمات في المنطقة ، وطبيعي أن تكون الخطوة الأولى في هذا الاتجاه على الصعيد السياسي ،هي إبعاد إيران عن المسارات الدبلوماسية الدولية ذات العلاقة بالشأن السوري خاصة والإقليمي عموما من خلال تفعيل بوابة التطبيع العربي الإسرائيلي وتقديم الدور السعودي في ذلك، والالتفاف على عملية المقايضة الأمريكية الإيرانية حول الإفراج عن الأسرى الأمريكيين لدى إيران والأموال الإيرانية المحتجزة في أمريكا، ومن ثم الانتقال إلى مرحلة عزلها ميدانيا عن أذرعها المسلحة المنتشرة في سوريا ولبنان واليمن وغيرها، وهذا ما بدأ بالفعل قبل أشهر مع عملية العزم الصلب للتحالف الدولي التي تستهدف أساسا إغلاق ممرات العبور الإيراني عبر العراق إلى الداخل السوري، والاضطلاع الدقيق على حركة الملاحة البحرية في الشواطئ اللبنانية حيث يسيطر حزب الله اللبناني المرتكز الإيراني الأساسي في المنطقة لتصبح ساحتها العملياتية بين فكي كماشة التحالف.

من هنا بدأ القلق الإيراني يزداد ليبدأ مسلسل جديد من مخرجات الذهنية الإرهابية، بغية تقويض السيناريوهات القائمة وفرض ذاتها كشريك فاعل في أية حلول مرتقبة عبر رسائل دموية تفاوتت في شدة لهجتها لمختلف القوى صاحبة القرار في المنطقة حملتها إليهم جماعات محلية مدارة إيرانيا دون أي اعتبار لتداعيات تلك الرسائل على المدنيين.

بدأ من أنقرة التي استهدفت بهجوم انتحاري على إحدى مقراتها الأمنية وتبناه حزب العمال منذراً تركيا بجبهة على طول حدودها الجنوبية مع سوريا والعراق تكبدت المنطقة على أثرها خسائر مادية وبشرية وهدم للبنى التحتية، وصولا إلى غزة التي أشعلتها حركة حماس بفتح جبهة غير متكافئة مع إسرائيل مجهولة النهاية زمانا ومكانا، مرورا بالداخل السوري حيث النفوذ الروسي واستهداف الحفل المقام في الكلية الحربية كأحد أهم المعاقل العسكرية للنظام راح ضحيتها المئات من القتلى والجرحى ،بمسيرات لم يعد هناك شكوك بانطلاقها من مواقع ميليشيات شيعية ،والأمر لم يتوقف هنا بل تجاوز ذلك ليصل إلى اليمن و العراق حيث تم استهداف أماكن تواجد القوات الأمريكية من جانب الحوثيين وميليشيات الحشد الشعبي هذه الرسائل برمتها تحمل بصمات الحرس الثوري الذراع العسكرية للخارجية الإيرانية إما أرادت منها القول أن إيران لاعبا قويا في المنطقة ويتطلب ذلك مناطق نفوذ له ، أو توجب عليها القول من الغرف المغلقة إن المنطقة قادمة على التغيير الحتمي، ولا بد من تحمل تبعاتها سلما أم حربا .