عمر كوجري: ليلة الغدر ...الليلة السوداء الكوبانية

عمر كوجري: ليلة الغدر ...الليلة السوداء الكوبانية


أربع سنوات مؤلمة مضت على مذبحة الليلة السوداء أو ليلة الغدر الكوبانية التي تشبه ليلة القدر الحزينة كون الجريمة تمت صبيحة يوم جديد من أيام رمضان، وبدأ الناس في ممارسة طقوس الصوم.

ليلة كردية بكائية، حيث صعدت ليلتها الحزينة أرواح أكثر من 345 شهيداً، ويقال أقل، ما بين أطفال ونساء وشيوخ وجرح العشرات، فقد نجح تنظيم داعش الإرهابي ليلتها وكردّ فعل على هزيمته السابقة في كوباني ودحره، نجح في لنقل "خداع" سيطرات قوات الحماية الشعبية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، ووصلت الى قلب المدينة، وأعملت كل هذا القتل والدمار بحق الأهالي.. لا عين رأت.. ولا أذن سمعت ... بعد أن تنكروا بزي وحدات هذه الحماية!

ففي ساعات الفجر الأولى من يوم الـ 25 من شهر يونيو عام 2015 هاجمت 8 مجموعات من تنظيم داعش المسلح والتي ضمت حوالي 100 مقاتل قدموا من بلدة صرين جنوب كوباني ووصلوا كألاشباح دون أن يعترض طريقهم أحد..

بدأت المجزرة في قرية برخ بوطان الواقعة جنوب كوباني حيث هاجم الدواعش القرية، وقاموا بقتل 23 مدنياً بينهم أطفال ونساء وشيوخ كانوا مازالون يغطون في عمق النوم، وتتبع الأحلام بغد أجمل، وبعد قرية برخ بوطان توجه الدواعش إلى مدينة كوباني، وأعملوا فيها تلك المذبحة الفظيعة.

بطبيعة الحال، لا بد من القول إن حزب الاتحاد الديمقراطي هو المسؤول أولاً وآخراً..مسؤول أخلاقياً وأمام ضميره وضمائر مناصريه ومؤيديه ومحازبيه كونه كان القوة العسكرية والسياسية الوحيدة في المنطقة حينما حدثت تلك المجزرة، إذ ليس من المعقول أن تنخدع قوات عسكرية مدربة وخارجة تواً من معركة أو معارك حامية ودامية مع تنظيم ارهابي مثل داعش بهذه اليسر والسهولة!!

ثمة من يقول إن أول دخول دفعات هذه القوات عبر تركيا ونجاحها في التوغل باتجاه كوباني كان حينما ارتدوا ثياب وحدات حماية الشعب، وحينما وصلوا مشارف كوباني ارتدوا ثياب الجيش الحر!! ووصلوا، ولكن كيف ذلك ولم تكن هناك علاقة "مودة" يوماً بين هذه القوات والجيش الحر، باعتقادي الرواية الأخيرة بالغة الضعف.

وثانياً كان على هذا الحزب عدم التسرُّع بدعوة الأهالي للعودة الى قراهم ومدنيتهم كوباني، طالما أن المكان لم يكن بذلك الهدوء وكذا الأمان، إلا بغرض الرغبة في التبجح بنصر غير كامل الاوصاف والأركان لغايات حزبية على حساب الشعب الذي " انغرّ" بالرجعة، وابتلي بما ابتلي !!

الدواء الشافي لجراح الآلاف من أهل كوباني المنكوبة، وجراحنا نحن الكرد في أي كل مكان، الدواء الناجع هو الكشف عن كل تفاصيل وملابسات هذه الجريمة البشعة النكراء، وليس بإصدار بيانات التنديد، ولا بغلق المحلات العامة، ولا بإيقاد الشموع ليلة المذبحة، ووقف حركة السير في المدينة وقراها كتعبير عن الحزن.

كان على الاتحاد الديمقراطي أن يسمح وقتها ومنذ الساعات الأولى لوقوع الجريمة لفرق مختصة دولية في كشف الجرائم لتدخل المدينة، وتعاين المكان حتى يتم كشف الملابسات بدقة وتفصيل، ولكن تكتم هذا الحزب على الجريمة يلقي بتساؤلات كثيرة حول الموضوع، إذ ما مصلحة الاتحاد الديمقراطي في إبقاء الجريمة بهذا التكتم؟!

هناك تقصير واضح قد حصل، وهناك مسؤولون متورطون، هل يملك حزب الاتحاد الديمقراطي الشجاعة لفتح المزيد من أوراق هذا الملف الحزين؟

هل يملك شجاعة الاعتذار عن هذه الجريمة وسواها كونه حاكم المكان حتى الآن؟

إن الكشف عن كل تفاصيل هذه الجريمة البشعة بحق الأهالي المدنيين العزّل هو انتصار لأحزان من فقدوا أحبتهم وأهاليهم، انتصار لكلمة الحق في وجه "التستر الأعمى" انتصار لحقوق الإنسان الكردي في كوباني، وانتصار لأرواح الشهداء التي ارتقت الى السماء.