أزمة كورونا.. وأخذ الدروس والعبر

أزمة كورونا.. وأخذ الدروس والعبر

أزمة كورونا.. وأخذ الدروس والعبر

الحدث الأهم والذي بات يُشغل العالم، قصة انتشار فيروس كورونا المرعب، هذا العدو الخفي الذي اجتاح الدول العظمى قبل الصُغرى، أربك الجميع وأدخل الرعب في مضاجع الأقوياء قبل غيرهم، كادت أن تنهار أقوى الاقتصاديات العالمية، حتى السياسة لم تسلم من شر الفيروس من خلال الاتهامات الموجهة من طرفٍ إلى آخر دون ان يعلموا ان هذا العدو يهاجم الجميع دون استثناءات.

في خضم هذا الحدث الأخطر الموجه نحو الجميع بدون استثناء، ما زالت معاناة الشعب السوري عامة والكوردي خاصة مستمرة، فقد دخل المسلسل السوري جزءه العاشر دون بوادر قريبة لإنهاء معاناته، ورغم انشغال العالم بمواجهة الخطر الكوروني المرعب، فما زال معظم الأطراف المتداخلة في الشأن السوري في صراعها المصالحية والنفذوية.
وفيما يخص غرب كوردستان، فالوضع يزداد سوءاً، فمن الناحية العسكرية ما يحصل من ممارسات اللانسانية في مناطق عفرين وسري كانييه وكري سبي من قبل الفصائل المسلحة الموالية لتركيا، وأيضا التغيير الديمغرافي الممنهج في تلك المناطق، ومن الناحية الإقتصادية والمعيشية، فالوضع يتوجه نحو دمار المواطن الكوردي نتيجة الفارق الكبير بين الوارد والصادر للأسرة الواحدة، فدخل الفرد وصل إلى حد المجاعة إذا ما استمرّ انهيار الليرة السورية أمام الدولار.
1- أقوى الجيوش العالمية في مواجهة عدوٌ ضعيف، ما تحليلكم من خلال هذا الصراع العالمي في مواجهة فايروس كورونا أمام غطرسة الانسان ضد أخاه الانسان – سوريا مثلاً- كيف تقيمون ذلك؟
2- هل تتوقعون إنفراجاً قريبا للأزمة السورية بعد هذا الوباء الذي أنذر البشرية بكارثة؟ ولماذا؟
3- هل من المعقول ان يكون خطر وباء كورونا سبباً في عودة الإنسان إلى رُشده وضميره، والتفكير بإنهاء معاناة السوريين؟ لماذا؟
4- ما المطلوب من الأطراف الكوردية لإنهاء معاناة كورد عفرين وسري كانيية وكري سبي وعودتهم سالمين إلى ديارهم؟
5- هل هناك حل أمام تدهور الوضع الإقتصادي والمعيشي أمام تدهور الليرة السورية في المناطق الكوردية؟ ولماذا؟

على الأطراف الكوردية تسخير كافة الإمكانيات على التحضير للمرحلة المقبلة

تحدث عبدالرحمن آبو إلى صحيفة كوردستان، بالقول: « أثبتت جائحة كورونا، مدى هشاشة المنظومة الدفاعية العالمية بالرغم من التطور التكنولوجي الهائل في جميع النواحي، ولا سيما التكنولوجيا العسكرية وترسانات الأسلحة غير التقليدية، فهي أتت في ظروف تعيشها الكرة الأرضية من فوضى عارمة من صنع الإنسان أدت إلى حروب ومآسي لم تهدأ البشرية قط، يمكننا تسمية القرن المنصرم قرن حروب مدمرة على حساب القيم الإنسانية وأهمها الأخلاق، وأصبح همها الاستغلال بأبشع صوره بدون منازع. كل الجهود العالمية منصبة الآن في كيفية الوقاية من جائحة كورونا، ولعلّ الوقاية حاليا هي السبيل الوحيد للوقوف في وجه هذا العدو الخفي وسريع الانتشار جداً، وأجزم القول أنّ مرحلة الاستغلال انتهت مع حلول وباء كورونا، وبدأت مرحلة ما بعد كورونا، إنها مرحلة العدالة الإلهية».

يتابع آبو: «أن هناك تغييرات جمة على كافة الصعد، وسيكون لها تأثيرات قوية جداً بالنسبة للأزمة السورية وتداعياتها، فالدول القوية وقفت عاجزة امام هذه الجائحة، فما بالك بسوريا وهي الحلقة الأضعف اولاً، وثانيا وصلت الأزمة السورية إلى درجة النضوج بالنسبة للمصالح العالمية، فلم يبقَ في الجيب السوري شيء، وأصبحت الحلول بيد الدول ذات النفوذ (أمريكا وروسيا) وادواتهم (تركيا وإيران)، بعدما حصرت الوضع السوري لصالحها، هناك ترتيبات مخفية على الصعيدين السوري عامة وكوردستان- سوريا خاصةً، وفقاً لمصالح القوى الكبرى، وسنشهد تغييرات جذرية على النظامين السياسي والاقتصادي العالمية».

يضيف آبو: « أن المرحلة الحالية - مرحلة عصر كورونا- هي مرحلة مراجعة الذات الإنسانية، مرحلة التصالح مع الذات، من كان يفكر أو يتخيّل وخلال اسابيع ان ينتهي كل شيء، ويلزم الغني والفقير الجدران الأربعة، وان يجعل الثائر والمشاكس مكبّل اليدين، فرض على الناس أنماط وسلوكيات معينة، وحسب دراسات علم النفس سيشمل التغيير الجوهر، لا بد أن تنتهي الأزمة السورية، عشنا في عهدٍ لا وطني، يقيس الوطن على مقاسه او مقاس عائلته، دون رادع. سوريا يجب أن تعيش بكرامة لكل السوريين (كورداً وعرباً وباقي المكونات)، ينعم فيها الشعب الكوردي بكامل حقوقه القومية في تقرير مصيره بنفسه على قاعدة الاتحاد الاختياري، ألا وهي قضية ارض وشعب يعترف به دستورياً كـ "شريك حقيقي" في السلطة والثروة».

يتطرق آبو: « أنه خلال فترة الثورة والأزمة السورية، عانى الشعب الكوردي في سوريا أشدّ أنواع المعاناة من تدمير البنى التحتية، والتى شملت معظم مدن كوردستان- سوريا، وكان أشدها وأعنفها في عفرين عروس كوردستان، من قتلٍ على الهوية الكوردية وانتهاكات فظّة لا توصف على يد الاحتلال الطوراني التركي والعصابات المسلّحة الخالية من أي رادعٍ انساني، حتى وصل بها الأمر إلى تدمير البيئة بتقصّدٍ واضح لا يقبله العقل ولا المنطق، وكذلك منطقة كوباني التي شهدت حكم سلطة الوكالة والحرب المجنونة التي شنتها منظومة داعش الإرهابية، وأيضاً منطقة سري كانية ومنطقة گري سبي كلها دفعت فواتير انتفاضة آذار المجيدة عام 2004، لذا على الأطراف الحركة التحررية الوطنية الكوردية، ولا سيما المجلس الوطني الكوردي بما هو عنوان قومي ووطني وحامل للمشروع القومي الكوردي والكوردستاني الذي يتزعمه زعيم الأمة الكوردية كاك مسعود بارزاني ان يسخر كافة إمكانياته للتحضير للمرحلة المقبلة- مرحلة ما بعد كورونا- سياسيا واقتصاديا وعسكرياً، وان يمهد بالتنسيق مع اطرافٍ دولية لدخول قوات بشمركة روج».
يُشير آبو: « أن عمليات التغيير الديموغرافي وبمنهجية تجري على قدمٍ وساق، على المجلس الوطني الكوردي أن تضع في حُسبانها وبالتنسيق والتعاون مع القوى المؤثرة على الأرض تنفيذ الآتي: -اخراج كافة الفصائل المسلحة والعصابات تمهيداً لعودة المناطق إلى إدارة اهاليها. -العودة الآمنة للنازحين الكورد من عفرين وسري كانية وگري سبي من مخيمات الذل في الشهباء والمخيمات الأخرى إلى ديارهم بأسرع وقتٍ ممكن. -البدء بفتح المحاكم العادلة لمحاكمة مجرمي الحرب الذين ارتكبوا أبشع الجرائم وبالتعاون مع المنظمات الدولية ذات الصلة».

يختم آبو حديثه قائلاً: « أن النظام السياسي في سوريا سقط شرعيته منذ استهدافه المدنيين العزّل في بداية الثورة السورية بالرصاص الحي، بالتالي حتماً سيسقط جميع مرتكزاته الاقتصادية والإدارية وو..، والليرة السورية أيضاً شهدت وفي فترات مختلفة وبالتدريج تدهوراً ملحوظاً، والتدهور الحاصل لن يحل طالما الوضع السوري بقي كما هو، هناك بشائر خير للجميع ما بعد كورونا».

جائحة كورونا يمكن أن تقدم درسا على ما نحن عليه الآن

تحدث عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، لصحيفة «كوردستان»، بالقول: « أن هذه الأزمة فرصة عظيمة لإعادة النظر في العلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بين الدول والحكومات والتواصل بين الشعوب أنفسهم، وإعادة بناء الحضارة الانسانية، والاعتراف بحق تقرير المصير الشعوب الخاضعة للاحتلال، والتكاتف والتعاون في كافة المجالات ليس فقط في مجال الرعاية الصحية، ولكن في تغير المناخ، في السياسة وفي المجال الاقتصادي، والرعاية الاجتماعية، وغيرها من المجالات. جائحة كورونا يمكن أن تقدم درسا على ما نحن عليه الآن، والتحدي الذي نواجهه هو كيف نستطيع الحفاظ على كوكبنا والخروج من هذه الأزمة العالمية، وبالرغم من انشغال العالم بمواجهة هذا الخطر المرعب، لا زال معظم الاطراف المتداخلة في الشأن السوري متصارعين على مصالحهم والبقاء على نفوذهم على الارض دون الإلتفاف الى مآسي وحجم الضحايا، رغم مناشدات الأمين العام للأمم المتحدة انطوني غوتيرز والمبعوث الدولي غير بيدرسون من اجل وقف العنف وايجاد حل سياسي للأزمة السورية، وتطبيق القرارات الدولية لوضع حد لمعانات الشعب السوري».
يعتقد عبدالله: «ان الانفراج بات أبعد مما كنا نتصوره لعدم إكتراث النظام بالدعوات السياسية والانسانية من الهيئات الدولية حتى الافراج عن المعتقلين كبادرة انسانية بسبب تفشي هذا الوباء لم تجد آذان صاغية، هناك عقبات كبيرة لعدم قبول النظام بالحل السياسي ويعتمد الى الآن على الحل العسكري، ولا يمكن تسوية الوضع في سوريا بدون استئناف الهيئة الدستورية عملها في جنيف والبدء بالمفاوضات بين النظام والمعارضة برعاية دولية، واشراك كافة المنصات في عملية كتابة الدستور، وأن تضمن الدستور الجديد الاعتراف بالحقوق القومية للشعب الكوردي كـ "شعب" يعيش على ارضه التاريخية وحقوق كافة المكونات الاخرى».
يضيف عبدالله: «لا اعتقد ان يعود الانسان الى رشده وضميره في هذه المحنة العالمية واقصد اصحاب القرار والتفكير بإنهاء معاناة السورين، لان معظم الدول المؤثرة في الشأن السوري لا يبحثون بشكل جدي عن حل لمعاناة السوريين كونهم في حروب ومنافسات اقتصادية ولا يهتمون كثيرا بحقوق الانسان وتطبيق القرارات الصادرة من امم المتحدة أو مجلس الأمن لأن حتى تلك الهيئات الدولية خاضعة لمصالحهم ونفوذهم».
وعن سؤالنا حول انهاء معاناة الكورد في المناطق المحتلة، يردف عبدالله قائلاً: « في البداية تم عقد اتفاق بين المجلس الوطني الكوردي والإئتلاف السوري حول تشكيل لجنة من اجل ايجاد حل لإنهاء معاناة أهلنا في كل من عفرين وسري كانيية وكري سبي، ولكن اندلاع الاشتباكات بين النظام المدعوم من القوات الروسية والفصائل المرتزقة المدعومة من تركيا هذا من جانب واجتياح كورونا من جانب آخر عرقلة عمل اللجنة. وان أي اتفاق حول رؤية سياسية مشتركة بين الاطراف الكوردية سيكون عامل ضغط على الدول المؤثرة لإيجاد حل من اجل عودتهم الى ديارهم دون عوائق».
ويرى عبدالله: «ان تحسن الوضع الاقتصادي مرتبط بالحل السياسي، حسب تصريحات المسؤولين في امريكا ودول التحالف لا يمكن السماح بإعمار سوريا إلا بعد قبول النظام بالحل السياسي ووفق القرارات الشرعية الدولية والقبول بالإنتقال السياسي، وبعد اجراء الانتخابات بإشراف الامم المتحدة، لذلك لا اعتقد رفع الحصار عن سوريا والسماح بدخول المساعدات، وهناك قرار امريكي بتطبيق قانون سيزر وهذا مؤشر بتدهور اكبر في المجال الاقتصادي والمعيشي في سوريا».

التفاهم الكوردي يتطلب وحدة الموقف والهدف ليتمكنوا من الحوار

تحدث الإعلامي أحمد صوفي لصحيفة «كوردستان»، بالقول: « ان الحرب التي يعيشها العالم الآن ضد جائحة كورونا إلا بداية مرحلة جديدة أساسها صراع ما بعد التقدم الصناعي عنوانها الحرب البيولوجية والفيروسية اقطابها البشرية بكل مكوناتها وعدوٌ غير مرئي. فهل هذا مغامرةٌ من قبل الإنسان للتلاعب والتحكم بقوانين الطبيعة والتي تكشر عن انيابها، المكتشف من قوانين الطبيعة لا يتعدى الواحد من المليون من أسرارها، ونتيجة اتساع الهوة في عملية الصراع بين الإنسان والطبيعة يحوّرُ الإنسان مسار الصراع بينهُ وبين نفسهُ، متناسيا ضعفه وقلة حيلته ليتحول إلى ماردٍ وغولٍ خرافي لا بل حيوان اقتصادي اجوف خال من المشاعر الإنسانية نتيجة هزيمته النكراء أمام الطبيعة، محاولاً في عملية ارتدادية غير طبيعية العبث بالبيئة ليكتسب شهرة الاعتراف بأنه الأقوى».
يتابع صوفي: «عندما نسترسل في عملية القراءة المتواضعة على الجغرافية السورية اليوم، نرى غطرسة الإنسان المنهزم أمام الطبيعة والحقيقة، هدفه القتل والتدمير والعبث بقوانين الطبيعة ذاتها حينا، والبشرية احيانا أخرى. فرقعة الشطرنج السورية والتي تحولت ألوانها من بيضاء وسوداء إلى حمراء بلون الدم ورمادية لا لون لها ولا موقف، ومغتصبها الذي يلعب دور الملك مسلوب الارادة لا قرار له مازال متوهما عبقريته وذكائه لانه بالأساس خارج حدود الطبيعة، فقط اخذٌ مكانه على الرقعة الحمراء متخيلا إدارة لعبة القتل السورية، وهو ينتظر وحيدا حركته الأخيرة لينتهي بها تحت مظلة قانون اللعبة السياسية المواصلة على حساب الحركات الثلاثة الأخيرة، وتبقى اللعبة مستمرة على رقعة الجسد السوري المنهك حيث يحركها بين الفينة والأخرى لاعبون دوليون».
يعتقد صوفي: « أنه من خلال معايشة الأحداث المأساوية والدامية ومراقبتها، لا أتوقع انفراجا قريبا للازمة السورية، لان كل مشكلة وحدث يفسح المجال أمامه لمئات المشاكل والأحداث الجديدة، فلا القتل المباشر أثر على العقلية المريضة ولا التدمير هز الضمير الغائب اصلا حتى تُردع جائحة كورونا مجانين سورية او تعيدهم إلى رشدهم، فموت البشر وهلك الزرع والنسل أصبح هدفا بحد ذاته في تراجيديا الدرامة السورية، ويحاول الكوردي بكل قوته الهروب منها بحركة عشوائية جنونية غير منتظمة كهروب المجنون من اكتشاف حقيقة جنونه، فالحقيقة هاربة من الكذب المعاش، والكذب متسيد ومسيطرٌ على الحالة العامة، والوطن الذي حاول البعضُ ان يعيد اليه اسمه الحقيقي بعد ضياعه وهو في المهد من بين أحضان امه المغتصبة يأبى التعرف على اسمه وربما يخجل من ماضيه واسمه وناقوس مشهد اغتصاب الأم من اعداء ثلاثة يجعله يرضى بأي اسم كي لا يتذكر اسمه وماضيه وحقيقته، ومع كل تلك القتامة مازال المغتصب يعض على الوطن الهارب. هذا هو مشهد وطننا كوردستان الملحقة عنوة بسوريا، وفوق الاغتصاب عنوة أصبح هناك احتلال، عفرين محتلة ولحقت بها سري كانيية وكرة سبي، وسكانها نازحون هاربون من جحيم آلة الحرب وعقلية مرتزقتها الذين لا عهد لهم ولا ميثاق».
يضيف صوفي: «أن الحركة السياسية الكوردية لا بل الاجتماعية أيضا مشتتة منقسمة فهناك الكوردي المنادي بصوت كوردي يحاول تضميض الجراح، وهناك الكوردي الذي يخجل من كورديته فينادي بشعارات أخرى وهناك الآخر الذي لا لون له، والتفاهم بين الأطراف الكوردية صعبٌ جداً لانه في البداية يجب أن تتوفر لغة واحدة حتى يتمكنوا من الحوار فيما بينهم، ويجب أن يعترف الكوردي بأنه كوردي حتى نستطيع تشخيص مرض الفرقة والتشتت اما اذا ترك الكوردي مشكلته وقضيته وذهب بعيدا لحل مشاكل الغير او ضم مشاكل الغير إلى حزمة المشاكل والقضايا الكوردية المعقدة فإنه يهرب من الحقيقة المرة والتي عنوانها "اغتصاب وطن"».
ختم صوفي حديثه: «أننا هنا لا نستطيع القول بأن الحركة الكوردية تستطيع إنهاء معاناة أهلنا في عفرين وسرة كانية وگرة سبي وقراهم لا بالطرق الدبلوماسية ولا بالطرق العسكرية، ولكن وحدة موقفها قد يجنب ما تبقى من أشلاء الوطن ان تلتحق باخواتها المحتلة، اما حالة النزوح الصعبة لأهالينا من المدن والمناطق والقرى التابعة لهم فقد أثقل كاهلهم، الوضع الاقتصادي الصعب اصلا وخصوصا نحن نعيش وضعا اقتصاديا متدهوراً بسبب تدهور العملة السورية أمام مثيلاتها الإقليمية والعالمية، ومما زاد الطين بلّة اجتياح جائحة كورونا العالم لفرض شروطها من حظر تجوال وشل حركة السوق والتجارة العالمية، لتجعل الحركة الكوردية عاجزة لمد يد العون والمساعدة لهؤلاء النازحين، وفوق قدرة استطاعتهم ان لم تمد المنظمات الدولية يد المساعدة، والتي شلت حركتها أيضا في الآونة الأخيرة بسبب تحديد مسار دخولها إلى الداخل السوري، وتبقى المعاناة مستمرة تنتظر الفرج البعيد».

الاستراتيجية الكوردية يتطلب تذليل الخلافات والعمل ضمن المشروع الوطني القومي

تحدث السياسي عبدالرحيم محمود لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «أن جائحة كورونا باتت تهدد الدول المتقدمة قبل الدول النامية، والذي ساعد على هذا الانتشار السريع لهذا الوباء هو النظام العالمي الحديث "العولمة"، ومن سماتها سرعة التنقل وجعل العالم قرية واحدة. وبالتالي رغم هذا الجانب السلبي للعولمة يتطلب من المنظومة العالمية الاستفادة من الجانب الايجابي فيها وهو سرعة تبادل المعلومات والخبرات خاصة بين الدول المتقدمة، وأيضا تقديم الدعم بكافة أشكاله للدول النامية لوضع الحد لتفشي هذا الوباء.

يتداعى المشهد العالمي، وبالتالي إلى تهديد العولمة بالفناء اذا ما استمرت لمدة طويلة ومن المؤكد ستعمل بشكل واضح على إعادة رسم الخارطة السياسية والاقتصادية العالمية تبنى على اساس تحالفات جديدة. وقد تُجبر الدول العظمة قبل الضعيفة الابتعاد عن الصراعات وذلك لما لهذا الوباء من تداعيات اقتصادية على المجتمع الدولي تحول دون قدرة هذه الدول على استمرار الصراعات».

يتابع محمود: «نحن نعلم أن النظام السوري فَقَدَ سيادته الوطنية، بما فيها السيادة الاقتصادية والتحكم بمواردها، وما أن ينتشر هذا الوباء في سوريا - لا سمح الله- حيث المعتقلات والمخيمات والنازحين والتشرد والفقر، وتدهور مؤسسات الدولة وخاصة الطبية ونقص في الكوادرها، قد يؤدي إلى عواقب وخيمة ليس فقط على السوريين وأيضاً على الدول ذات الشأن في الصراع كونها ستتحمل جهود وتكاليف باهظة. ومن المتوقع في المنظور القريب هذا الوباء سيقف عائقا أمام الجلوس على طاولة المفاوضات للوصول إلى تسوية سياسية. وبالتالي لم يبقى أمام هذه الدول الا خيارين: 1- الانسحاب الكامل من سوريا وتركها تصارع الموت الكوروني لوحدها ليتفرغوا بشأنهم الداخلي لمواجهة هذه الكارثة. 2- الإسراع في عملية التسوية السياسية حتى ولو اجبروا على تقديم تنازلات كبيرة من هنا او هناك للخروج من عنق الزجاجة وبتصوري هذا أرجح».
يضيف محمود: «منذ عقود وحتى يومنا هذا جردت السياسة من الجانب الاخلاقي والإنساني ولم تعد تُقيِّم اي اعتبارات للجانب الإنساني ومعاناتهم. وكم من دول انهارت وشعوب سحقت لأجل مصالح ونفوذ دول يحكمون بمحرك السياسة العالمية.

اذا لا توجد في المعاجم السياسة للدول ذات الشأن في سوريا ما تسمى بصحوة الضمير والعودة إلى القيم والمبادئ الإنسانية. إنما الأمر تتعلق بالمصالح ومدى تأثر مصالحهم سلبا ام إيجابا».

ويردف محمود: «استكمال لِمَا توصل إليه النظام السوري من عمليات طمس الهوية الكوردية والتغير الديمغرافي. فإن الاجتياح التركي بميليشاته ومرتزقته للمناطق ومدن الكوردية وارتكابهم مجازر وانتهاكات ترتقي إلى مستوى جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، وخاصة قيامهم بعمليات التهجير القسري لأبنائها بغية التغير الديمغرافي. يتطلب من الأطراف الكوردية تصدي لهذه العمليات الخطيرة بكل الطرق والوسائل المتاحة، وتبدأ هذه الاستراتيجية بتذليل الخلافات والعوائق لتأطير الحركة الكوردية ضمن مشروع وطني وقومي شامل وتوحيد الجهود في جميع المجالات وتوسيع شبكة العلاقات المحلية والإقليمية والدولية وخاصة مع الدول ذات الشأن في سوريا.

في هذه المرحلة بينما جائحة كورونا ترسم المنحني البيان للعالم نحو التدهور والضعف والمزيد من المخاطر، في وقت يعيش حوالي ٩٠% من الشعب السوري تحت خط الفقر، وهذا ينذر بتهديد خطير للشعب الكوردي والكوردستاني في سوريا. حيث يتطلب من الحركة الكوردية ترصيص الصفوف وتكثيف الجهود المشتركة لمواجهة هذا الوباء».

ويختم محمود: «بداية لا اقول المناطق كوردية، بل اقول كوردستان سوريا. بتصوري الحل تكمن في مدى جدية القوى الفاعلة على الساحة السورية للوصول إلى تسوية سياسية تحت المظلة الدولية، تنبثق منها دستورا ديمقراطيا توافقيا يقر بنظام سياسي اتحادي (فيدرالي)».

ما يشبه الخاتمة:
هذه الجائحة ستنتهي، ولكن المهم هو أن يكون لهذه الأزمة مؤشرات إيجابية على المستوى العالمي والإقليمي والسوري لمراجعة حساباتهم لِما هو في صالح تقدم وتطور الإنسانية من العطف والمحبة والتسامح على بعضهم، أما نحن الكورد ان نأخذ الدروس والعبر من كل ما حصل، ونعمل على توحيد التوجهات الكوردية نحو المشروع القومي والوطني الكوردي.
عزالدين ملا