السياسة الدولية في الشرق الأوسط وكوردستان

السياسة الدولية في الشرق الأوسط وكوردستان

السياسة الدولية في الشرق الأوسط وكوردستان
فيصل نعسو
من المعلوم أن الشرق الأوسط في العصور التاريخية القديمة والوسيطة كان سباقاً مع غيره من المناطق الجغرافية من آسيا في بناء الحضارة الإنسانية وآثارها وبقاياها المتواجدة حتى الآن خير دليل على ذلك مع بداية عصر النهضة في أوروبا المترافقة مع نشأة النظام الرأسمالي أنتقل مركز الثقل الحضاري إليها في ذلك الوقت تقريباً.

اقتحمت منطقتنا القبائل التركيه السلاجقة سابقا وقبائل المغول والتتار وبني عثمان لاحقاً من أقاليم آسيا المركزية وشكلت لاحقاً الأمبراطورية العثمانية التي تقاسمت كوردستان مع الشاهنشاهية الإيرانية فيما بينهما وبهذا الشكل تعقدت المسألة الكوردية أكثر إذ مازالت نتائجها المدمرة بادية للعيان إلى يومنا هذا، ولكن ما أن توطدت الدعائم الاقتصادية والسياسية للرأسمالية، ونشأت الدول القومية في أوروبا بدأ البحث عن المواد الأولية في مختلف البلدان للمحافظة على تطوير وزيادة إنتاجية شركاتها ومؤسساتها المالية لزيادة أرباحها وكذلك إيجاد أسواق قريبة وبعيدة عنها لعرض منتجاتها نظراً لان أسواقها المحلية وصلت حد التخمة وأن أحتدم الصراع فيما بين الدول الرأسمالية الفتية لتأمين ما هو ضروري لكل واحدة منها على حدة أدت المنافسة بين الدول الأوروبية حتى بداية القرن العشرين إلى حدوث معارك سياسية وعسكرية فيما بينها تارة او تحالفات ضد عدواً مشترك تارة أخرى، على سبيل المثال الوقوف في وجه روسيا القيصرية أو الدولة العثمانية في مجرى هذا الصراع على النفوذ والسيطرة على البلدان الإخرى.

سعت روسيا القيصرية كدولة كبرى بدورها الى إيجاد موضع قدم لها في الشرق الأوسط وكوردستان كما أن العثمانيين تحت غطاء الإسلام انخرطوا فيه وبسطوا سيطرتهم لمدة طويلة على مناطق شاسعة هناك لكن العثمانيين بالتفاهم وبالتنسيق مع معظم الدول العربية وقفوا في وجه التوسع الروسي نحو الشرق الأوسط وكوردستان فقد وقعت معارك عسكرية مختلفة بحرية وبرية بينهما أنتصر فيها الروس عليهم بمعظمها هذه العملية تجري حالياً في المنطقة لكن مع بعض التغيرات الظرفية بروز قوى كبرى لم تكن في الساحة الدولية حينئذ.

اندلعت الحرب العالمية الأولى عام 1914 -1918 أنتصرت فيها دول الحلفاء على دول المحور نتيجة ذلك تمت توقيع معاهدة سيفر للسلام عام 1920 الذي نصت بنودها 62 -64 على أعتراف بحقوق الكورد القومية وللأرمن على بعض الولايات في تركيا العثمانية مع الحفاظ على سلامة سكان المسيحيين الأخرى في مجرى الحرب وبعدها وقعت تغييرات جذرية على الساحة الدولية حيث أطاحت ثورة شعبية 1917 بقيصر روسيا وأعلنت خروجها من الحرب وجهت نداء إلى شعوب الشرق الرازحة تحت الاحتلال الأجنبي والنضال ضد محتليها وهنا كان من الطبيعي أن يتأثر قادة حركة الكورد التحررية وقتها إذ لاق البيان صدى إيجابياً لديهم وبدت المراسلات والاتصالات بين الطرفين في هذه الفترة أعلنت أمريكا عن عدم رضاها فيما جرى بين الحلفاء لأنهم لم يأخذوا مصالحها بعين الاعتبار عند توقيع معاهدة سيفر للسلام ولعل مبادئ ويلسون 14 في حق تقرير المصير عام 1918 مما أرغمت الدول الموقعة على سيفر وسايكس بيكو منتصف أيار 1916 وسان ريمو شهر نيسان 1920 أخد مصالحها بعين الاعتبار في جميع المعاهدات الموقعة هذان العاملان إضافة الى التغييرات التي جرت داخل تركيا بقيادة الباشا مصطفى كمال في سنوات 1919 الى 1922 سارعت في توقيع معاهدة لوزان 1923 المشؤومة التي بمقتضاها وضعوا الأسس الجديدة لتركيا المعاصرة ولم يعد فيها أي ذكر فيها بحق تقرير المصير للكورد سوى بعض الكلمات لذر الرماد في العيون.

ترى لماذا تخلى جميع من وقعوا على نصوص بنود المعاهدات المعترفة بشأن حق تقرير المصير للكورد .. للإجابة على هذا السؤال موضوع طويل ومعقد يحتاج الى وقت كاف