مقدمات ترقيع الدستور؟

مقدمات ترقيع الدستور؟

مقدمات ترقيع الدستور؟
علي مسلم
من مفارقات الحراك التفاوضي للمعارضة السورية، أنها انساقت نحو أسلوب الهبوط التفاوضي بدل رفع سقف المطالب وتطوير سبل التفاوض، أو على أقل تقدير المحافظة على ما انجز، وقد جرى ذلك وفق خطة استدراجيه محكمة، مارسها جبهة داعمو النظام، في الوقت الذي لم تستطع لجان المعارضة بمسمياتها المختلفة في لعب أي دور من شأنه انقاذ الموقف ولو على سبيل الحفاظ على ماء الوجه.
ولعل الطامة الكبرى التي تلقتها المعارضة، حين قبلت بالاستدارة التي أحدثتها روسيا وحلفائها في المسيرة التفاوضية، وتم على أثرها نقل مركز التأثير الدولي من جنيف الى أستانة، وبذلك فقدت المعارضة أوراقها التفاوضية ورقة تلو أخرى، وقد جاءت معضلة تشكيل اللجنة الدستورية لتقصم ما تبقى من آمال كانت معقودة على بعض الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، حيث أن معضلة تشكيل اللجنة الدستورية تجاوزت مرحلة الانتقال السياسي، وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي.
فاللجنة الدستورية كما هو معروف كانت من مخرجات مؤتمر الحوار السوري الإشكالي الذي انعقد في سوتشي في نهاية يناير 2018 برعاية الدول الضامنة (روسيا – ايران– تركيا)، بمعنى أنها كانت روسية الهوى، وانسجمت مع ما كان يتطلع اليه النظام، بان تكون هذه اللجنة خفيفة الوزن بحيث تتطاير امام أية نسمة هواء عاتية، بالمقابل بقيت المعارضة ملتهية في نزاعاتها البينية، وتطلعاتها الشخصية، دون ان تتمكن في البحث عن البدائل الممكنة بالرغم من توفر الشروط الموضوعية لذلك.
وقد جاءت جولات اللجنة الدستورية مخيبة للآمال كما قال عنها المبعوث الأممي غير بدرسون بعد انتهاء الجولة السادسة في جنيف نهاية شهر أيلول الماضي، وهي نتيجة طبيعية بالنظر الى الإمكانات اللوجستية، والطاقات الدبلوماسية التي تم توفيرها من جانب الأطراف المشاركة، وقد كانت الغلبة لوفد النظام كما رأينا، بحيث استطاع ان يستدرج وفد المعارضة، بما في ذلك المبعوث الأممي غير بيدرسون الى مستويات محددة من الحوار الفارغ، وطرح صيغ ومصطلحات وهمية على شاكلة الإصلاح الدستوري، وعجنه مع مسألة تحقيق السيادة على كامل التراب السوري، الى جانب إنهاء الإرهاب كمقدمات للخوض الحقيقي في مسألة صياغة الدستور، وقد استطاع رئيس وفد النظام احمد الكزبري أن يؤكد مرة أخرى على ضرورة الاستمرار في الإعداد للصياغة قبل الخوض في الصياغة، منهياً بذلك الجولة، وسط أجواء شبه دبلوماسية منقلبة على ذاتها.