الحل السوري الغائب.. في خضم المراهنات والمقايضات

الحل السوري الغائب.. في خضم المراهنات والمقايضات

الحل السوري الغائب.. في خضم المراهنات والمقايضات
عزالدين ملا
القلق الكبير الذي يخيم على أجواء المناطق الشمالية من سوريا وخاصة المناطق الكوردية، والخوف من اجتياح تركي واحتلال مناطق جديدة، أما ما تخفيه دهاليز السياسة من مفاجآت فلا نعلمها، فهذا يدفع الريبة في نفوس الكورد.
منذ مدة كان هناك اجتماع أمريكي وتركي وأيضاً اجتماع أمني أمريكي وروسي وإسرائيلي وتركي، ماتضمره هذه الاجتماعات من اتفاقات سرية يبعث على التوتر والقلق في المنطقة.

اللجنة الدستورية عقدت جولتها السادسة ومارافقها من تضخيم إعلامي لم تفضِ إلى أي نتيجة سوى إعلانهم عن جولة سابعة في الفترة القادمة.
1- ما تحليلك لكل ما يجري على الساحة السورية عامة والكوردية خاصة خلال هذه الفترة؟
2- برأيك، هل سيحدث الاجتياح أما لا؟ ولماذا؟
3- ما سبب عقد اللجنة الدستورية جولتها في هذه الفترة بالذات؟ ولماذا لم تصل إلى أي نتيجة؟
4- هل هناك حلول قريبة للمشكل السوري؟ ولماذا؟
لا يوجد في الأفق بوادر لحل الأزمة السورية بل إدارة أزمة
تحدث عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني - سوريا، نافع عبدالله لصحيفة "كوردستان"، بالقول: "بات المشهد السوري أكثر تعقيداً، من جهة التهديدات التركية المستمرة لاحتلال مناطق أخرى بذريعة عدم تنفيذ قسد لشروط الاتفاق الروسي التركي المبرم في ٢٠١٩ والمتضمّن رجوع قوات قسد ٣٢كم، ومن جهة ثانية الإصرار الإيراني البقاء في سوريا وعدم الرضوخ للمطالب الأميركية، والنظام أيضاً لا يستجيب للمناشدات الدولية لحل الأزمة وفق القرارات الشرعية الدولية وخاصة قرار ٢٢٥٤، والمعارضة مسيرة وفق أجندات إقليمية ولم تعد تملك أوراق قوة بعد أن خسرت معظم اصدقائها، وأيضاً على الأرض خسرت الكثير وآخرها كان تسليم درعا بوساطة روسية، قد يكون هناك تفاهمات غير معلنة بين روسيا والولايات المتحدة الاميركية وحتى اسرائيل لإيجاد حل أو تسوية للمشكل السوري على حساب مصلحة الشعب السوري بكافة مكوناته ويتبين ذلك من خلال الجهود المبذولة من قبل روسيا لعودة سلطة وسيطرة النظام على كامل الأراضي السورية".

يتابع عبدالله: "في الاجتماع الأخير بين الرئيسين الأمريكي جو بايدن والتركي أردوغان لم يحصل الرئيس التركي على الضوء الأخضر من بايدن لاجتياح مناطق مثل تل رفعت وعين عيسى ومنبج وغيرها.

باعتقادي لا يوجد اجتياح تركي رغم التهديدات المتكررة لمناطق سيطرة قسد، وتعمل روسيا على إيجاد تفاهم بين النظام وإدارة ب ي د وحدث أكثر من لقاء بين الطرفين. الروس يعملون من أجل استعادة سيطرة النظام على سوريا بالكامل، وحزب الاتحاد الديموقراطي يحاول الاحتماء بالنظام لردع الاجتياح التركي من خلال الدعم الروسي".

يضيف عبدالله: "المبعوث الأممي السيد غير بيدرسون أجرى لقاءات مع الأطراف المعنية، وحصل على موافقة لترتيب الجولة السادسة من أجل إصلاح دستوري، وليس كتابة دستور جديد وتم خلال الجولة مناقشة أربعة مبادئ، مبدأ سيادة الدولة مقدمة من قبل وفد النظام ومبدأ الجيش والأمن من قبل وفد المعارضة ومبدأ سيادة القانون من قبل وفد المجتمع المدني المحسوب على المعارضة ومبدأ الإرهاب والتطرُّف من قبل وفد المجتمع المدني المحسوب على النظام. وتبين من خلال المناقشات بأن وفد النظام يعمل على ورقة كسب الوقت وليس من أجل كتابة دستور أو اصلاح دستوري، وكان من الأجدر أولا تشكيل هيئة حكم انتقالي قبل الاصلاح الدستوري وليس العكس".
يردف عبدالله: "من خلال متابعة السياسة الأميركية في سوريا وخاصة بعد مجيء بايدن والقضاء على داعش لم يعد الشأن السوري من أولويات السياسة الأميركية، وباعتقادي، الجهود منصبة على النووي الأيرانى والانسحاب الأميركي من أفغانستان بتلك السرعة والاتفاق الأمريكي البريطاني مع استراليا والشأن العراقي… ملفات كثيرة، حتى اللحظة لا يوجد في الأفق بوادر لحل الأزمة السورية بل هناك إدارة أزمة من قبل الدول المؤثرة رغم الانفتاح النسبي من قبل بعض الدول العربية على النظام السوري والمطالبة بدخول المساعدات الانسانية لفك الحصار المفروض حسب قانون قيصر".

حل الأزمة السورية مازال غائباً عن المعلوم
تحدث المستشار القانوني، موسى موسى لصحيفة "كوردستان"، بالقول: "تعتبر سوريا من أسخن ساحات المنطقة سياسياً وعسكرياً منذ ٢٠١١، وقد تجمعت فيها صراعات دولية واقليمية ومحلية نتيجة الأزمة التي أحدثها النظام في ممانعته لأي تغيير في البنية السياسية والاقتصادية التي طالب بها الشعب السوري منذ عشرات السنين إلى أن انفجر الوضع بثورة شعبية كان من الممكن تلافيه ببعض الإصلاحات التي تحفظ كرامة المواطن، لكن العناد الذي مارسه النظام واستعماله آلة القتل أدخل الجميع في حرب مدمرة جذبت مختلف القوى للتدخل فيها وجعلها ساحة لصراعاتها على أرضها لمكاسب سياسية واقتصادية فيها وفي مناطق أخرى من مناطق الصراع الدولي والإقليمي، وقودها الشعب السوري الذي لم يفكر النظام ولا القوى المختلفة غير مصالحها دون مصلحة سوريا وشعبها، كان بالإمكان إيجاد حلٍ ومنع وصول الوضع إلى ما هو عليه، لكن جعل النظام ضعيفاً مع الحفاظ على استمراريته، وتشريد الشعب وتدمير مدنه وقراه، وتقسيم الدولة إلى ما يشبه جزر ومناطق نفوذ بين مختلف القوى والميليشيات الداخلية والخارجية مع تشكيل وإدخال قوى التطرف والارهاب والحفاظ على بعضها كان هدفاً خُطط له الجميع مازال مستمراً ولا بريق في حلٍ قريب، مما يشير إلى تأزم الوضع من خلال مخاطر على جبهات خمس، من ناحية امتداد نفوذ النظام الذي لم يستطع الحفاظ على الشعب والدولة ولَم يثبت خلال عقود من الزمن وطنيته، والتهديدات التركية بالتدخل لمناطق أخرى، والحفاظ على سيطرة قوى التطرف والإرهاب على بعض المناطق، وتجزئة الدولة الى مناطق سيطرة ونفوذ، وعدم القضاء على خلايا داعش النائمة، هذه الجبهات الخمس هي التي يكتوي بنارها الشعب السوري في الداخل والخارج الذي لم يصل الحال إليه لو تم منذ البداية تبديل رأس النظام وبعض الإصلاحات المترافقة وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم/٢٢٥٤/ فيما بعد".

يتابع موسى: "تفتت الدولة وتقسيمها إلى مناطق سيطرة ونفوذ يثير حفيظة بعض الدول والقوى بالنسبة لبعض المناطق دون أخرى، وقد تأزم الوضع بهذا الشأن مما حدا بالدولة التركية لإطلاق تهديدات بالتدخل في بعض مناطق سيطرة قوات قسد والإدارة الذاتية، كما حدث في الفترة التي سبقت التدخُّل التركي والقوات الموالية لها لمناطق عفرين ورأس العين وذلك بتوافق دولي، روسي وأمريكي والنظام، ويبدو إلى الآن لم تحصل تفاهمات بهذا الشأن رغم التهديد التركي، ولكن لا يجب النظر إلى هذه الحالة كونها متحولة بين التدخل بتفاهم دولي أو انسحاب قسد ثلاثين كيلومتراً عن الحدود باتجاه الجنوب بموجب توافق دولي، وفي هذا الصدد تأتي الوساطة الروسية بين النظام وقوات قسد لضرورة التفاهم درءاً للتدخل التركي.

ان وجوب النظر الى الثابت من الحالة حسب وجهة نظر المجتمع الدولي هي امتداد النظام وسيطرته على مناطق قسد وكافة المناطق الأخرى عاجلاً أم آجلاً التزاماً بوحدة أراضي الدولة السورية بموجب القرارات الدولية الصادرة في الشأن السوري ، والتدخلات التركية السابقة في عفرين وشرق الفرات وكذلك القادمة- إن حصلت- هي متحولة كونها دولاً خارجية ستنسحب من الأراضي السورية بعد ايجاد حلٍ للوضع السوري رغم ما عاناه شعوب تلك المناطق من انتهاكات لحرياته وحقوقه، والدولة التركية تستند في تهديداتها على الاتفاقات والتفاهمات التي أبرمتها والتي لم تُراعِ أطراف الاتفاق- تركيا وروسيا وامريكا والنظام، مصلحة أبناء تلك المناطق أي اهتمام".

يضيف موسى: "المسار الدستوري يصطدم بعراقيل كثيرة من جانب الحكومة السورية التي لا تنصاع إلا لصوت القوة الناعمة التي تمارسها روسيا خاصة بحضور جلسات اللجنة الدستورية، والضغط الروسي له جانب واحد يتعلق بالحضور فقط ولا يشمل جانب التوافق مع وفد المعارضة ووفد المجتمع المدني لذلك نرى في جميع الدورات السابقة حضوراً دون توافقات ونتائج ايجابية، وإنما جميعها بخيبات أمل حسب إحاطة المبعوث الأممي گير بيدرسون، وقد عقدت الدورة السادسة للجنة الدستورية بعد تسعة أشهر من الدورة الخامسة وهي فترة زمنية طويلة وخاصة إن مؤتمر استانا على الأبواب، كما ان حضور وفد الحكومة يعطي إشارة للمجتمع الدولي بأن النظام لا يتهرّب من الحل السياسي وان العقوبات المفروضة عليه غير محقة، هذه الأمور جعلت روسيا تضغط على النظام للحضور لأن روسيا تسعى لدى المجتمع الدولي في تبييض وجه النظام".

يختم موسى: "حل الأزمة السورية مازال غائباً عن المعلوم، والمجتمع الدولي يدير الأزمة ولَم يصل إلى قناعة في ضرورة إيجاد حل لها، وكافة الدلائل تشير بأن هذا الوضع المأزوم لصالحهم لذلك لا يسعون إلى حله، خمس دول قوية وذات نفوذ دولي تتحرك في سوريا بجيوشها دون أن يضغطوا على النظام بالخضوع للقرارات الدولية، وبدأت مساعي تعويمه من جديد على نحو أسرع من الماضي ولكن مع ذلك بخطى بطيئة تحسباً لما يحدث من مفاجئات".

التهديدات التركية لا تخرج سوى عن سياق التهديدات
تحدث عضو اللجنة المركزية في الحزب اليكيتي الكوردستاني - سوريا، بهجت شيخو لصحيفة "كوردستان"، بالقول: "بدون شك تعتبر الأزمة السورية أحد الأزمات الحادة التي عصف بالسوريين منذ أحد عشر عاماً، ولم يجد المجتمع الدولي الحلول المناسبة لها حتى الآن، ولم تتعدّ سبل التسوية سوى بعض الآليات والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة حيث لم تفلح في إيجاد أي تقدم بهذا الخصوص. ولكن يجمع كل التوقعات بأنه بدأت مرحلة جديدة للوضع السوري وخاصة بعد اظهار موافقة دولية في تولي الرئيس بشار الأسد لولاية رئاسية جديدة وهنا اعتقد بأن كل القرارات السابقة التي اصدرت عن الأمم المتحدة لم تعد لها صلاحيات نافذة مع استمرار النظام في رأس هرم السلطة. ومن هنا سيبدأ التفكير جديا عن كيفية التعامل مع مرحلة سورية جديدة بوجود تأهيل وترميم النظام.

سوريا الآن مجزأة عمليا إلى أربع مناطق رئيسية ومن الطبيعي السير في حال إيجاد إرادة دولية ببقاء النظام إلى عودة تلك المناطق الى سلطة الدولة. ويسعى الجانب الروسي الحليف الرئيسي للنظام بالضغط في هذا الاتجاه على كلا من تركيا والإدارة الذاتية في شرق الفرات وغربه، لذا يشاهد بين الحين والآخر القيام أحيانا بقصف بعض مواقع الفصائل السورية المعارضة المحسوبة على تركيا في إدلب وعفرين ناهيك عن الجولات الدبلوماسية بينهما وعقد سلسلة لقاءات لعودة إدلب حاليا ولاحقاً بقية المناطق التي تسيطر عليها تركيا والفصائل السورية المعارضة بعد توافق سياسي عام في سوريا.

واما فيما يتعلق بالادارة الذاتية، فالضغط الروسي واضح عليها وتتضح من خلال الجولات الدبلوماسية بين الطرفين وسعي الجانب الروسي إلى إبرام الإدارة لاتفاق مع النظام وعودة مؤسسات الدولة إلى المحافظات والمدن التي تسيطر عليها الآن إدارة حزب الاتحاد الديمقراطي ، كما انه يمكن إدراج التهديدات التركية بإجتياح المناطق التي تدار من قبل الإدارة ضمن سلسلة الضغوط التي تقوم بها روسيا لتسليم المناطق إلى النظام السوري.

أما بخصوص المناطق الكوردية وشرقي الفرات فهي الآن تخضع للنفوذ الأمريكي مع تواجد عسكري روسي و سوري فاصل بين خطوط التماس مع تركيا والفصائل السورية المحسوبة عليها ويمكننا تسمية المشهد بالمعقد كون جغرافية كورد سوريا الآن مجزأة بين نفوذ عدة دول متضاربة المصالح وتتعرض للتغيير الديمغرافي. لذا لا يمكن التفكير بحل سوى توصل الأطراف المتصارعة إلى توافق شامل للأزمة السورية وخاصة مع الموقف الأمريكي الغير واضح بخصوص سوريا عموما وشرقي الفرات والقضية الكوردية في سوريا خصوصا".

يعتقد شيخو: "ان المرحلة الحالية لسوريا تختلف كليا عن أعوام 2018 و 2019 (مرحلة اجتياح عفرين و سري كانيه وكري سبي) ويأتي هذا الاختلاف من وجهة نظري على التوافق الدولي حاليا للمرحلة التالية لسوريا منها : الإبقاء على النظام وايجاد تسويات بينه وبين المعارضات بشكل عام و السير نحو توحيد سوريا أرضاً وشعبا. لذا اعتقد بأن التهديدات التركية لا تخرج سوى عن سياق التهديدات كون الطلب التركي حاليا لا يحظى بموافقة أمريكية وروسية".

يتابع شيخو: "انعقدت اللجنة الدستورية جولتها الأخيرة ضمن السياق العام الدولي للعملية السياسية في ايجاد دستور لسوريا وخاصة كان هناك تفاهم بين المبعوث الدولي غير بيدرسون والجانب الروسي بالضغط الأخير على وفد النظام لاحراز بعض التقدم . ولكن ما يتمتع به النظام من مصادر قوة و إعادة تأهيل يجعله أكثر تعنتا بثوابت سوريا الذي يعتقد بها مثل عروبة سوريا و سوريا جزء من الأمة العربية وقضية الإرهاب و شكل الدولة و غيرها من الأمور المفصلية التي لم يتم التوافق بصددها بين الوفود المشاركة في الجولة الأخيرة".
يضيف شيخو: "لا يمكن تصور حلول عاجلة للأزمة السورية لأن عمر استفحالها طويل ويحتاج إلى المزيد من الوقت، ولكن كون هناك توافق على بقاء النظام فقد تدفع الدول ذات القرار بالشأن السوري بتسوية سياسية بين المعارضة والنظام، كأن تجد أرضية مناسبة على توافق حكومة وطنية ودمج كافة الفصائل المسلحة في جيش سوري موحد وعودة آمنة للاجئين والبدء بإعادة الإعمار، أما شكل الدولة فلا اعتقد ان يتم تغير جذري فيها سوى منح بعض الصلاحيات الطفيفة لمجالس المحافظات".

على الكورد استغلال الفرصة قبل فوات الأوان
تحدث مسؤول فرع قامشلو لاتحاد الطلبة والشباب الديمقراطي الكوردستاني - سوريا، شكري عبدالرحمن لصحيفة "كوردستان"، بالقول: "لقد تحولت الأزمة السورية من أزمة حرية إلى أزمة أخلاق انسانية فلا الاتفاقات ولا توافقات ولا القرارات الأممية والدولية والإقليمية والمحلية قادرة على فك شيفرة هذه الدوامة وإيقاف هذه الحرب اللانهائية، ويبدو ان نهاية النفق المظلم لابد أن يكون فيه الجميع رابحا على حساب السوريين أنفسهم والذي سيكون وعلى ما يبدو الخاسر الوحيد من كل هذه الأزمة. جميع الحلول تصطدم بالمصالح الإقليمية والدولية، فالمتابع للحالة السورية من المحللين سواء السياسيين أو العسكريين يدركون صعوبة الوضع فلا هدوء في المدى المنظور، وخاصة بوجود القوى العظمة على الأرض السورية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وحلفاؤهما الإقليميين مثل تركيا وايران ولا ننسى إسرائيل التي لن ترضى بأي حل للأزمة السورية بدون موافقتها. ومن هنا تظهر الحقيقة المؤلمة والتي تتمثل في موقع السوريين أنفسهم من الأزمة وتبعاتها والحلول المقبولة بالنسبة له، فالمتابع والمحلل يدرك مباشرة أنه لا حول ولا قوة للشعب السوري "حكومة ومعارضة", وأنهم تحولوا إلى بيادق في ساحات الحرب بأيدي أسياد الحرب وأنهم لا مكان لهم في رسم مستقبل سورية المقبلة أو حتى كتابة دستورها، فلا بند في هذا الدستور سيمر دون موافقة جميع القوى الدولية والإقليمية الموجودة على الأرض السورية وظهر ذلك جليا في اجتماع اللجنة الدستورية الأخير، والذي لم يفض إلى أي توافق". يتابع عبدالرحمن: "كذلك الوضع بالنسبة للكورد ومع كل تضحياتهم ووجودهم العسكري والإداري فهذا لا يشفع لهم أمام المجتمع الدولي والإقليمي لنيل حقوقهم المشروعة ولو بحدها الادنى على أرضهم التاريخية، ويظهر ذلك بوضوح من خلال التهديدات التركية الأخيرة بإجتياح جديد للمناطق الكوردية وبحجج عديدة. ولكن وعلى ما يبدو ان الاتفاقات الروسية الأمريكية وكذلك الروسية الإسرائيلية وقفت حاجزا أمام هذا الإجتياح حتى الآن، فالولايات المتحدة الأمريكية لم تعطيهم الضوء الأخضر رغم اجتماعهم الأخير، وكذلك المؤشرات التي تظهر عن قرب إتفاق بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية عبر الوسيط الروسي، وتسليم بعض المناطق للجيش السوري والقوات الروسية مما يقلل من احتمالية الإجتياح التركي وخاصة لمناطق تل رفعت ومنبج وكوباني".

يضيف عبدالرحمن: "ان كل من يتابع التوتر الأخير والتهديدات الأخيرة يدرك ان الكورد هم الحلقة الأضعف سياسيا رغم الإمكانات العسكرية، وكذلك يدرك أنه لا حلول عسكرية بل يجب أن تكون الحلول سياسية، وهنا يظهر الضعف الكوردي في عدم وحدته لا سياسياً ولا عسكريًا، لذا وقبل فوات الأوان على الكورد ان يلملموا قواهم في جميع المجالات، وان يستثمروا كل شيء في خدمة مصالحهم القومية ولو في حدودها الدنيا فالفرص لا تتكرر، وعليهم تنشيط الحركة الدبلوماسية وان تطرق كل الأبواب المتاحة، وعليهم ان يدركوا ان المصالح الدولية هي فوق المصالح السورية والكوردية فالولايات المتحدة ورغم دعمها لقوات سورية الديمقراطية وتواجدها في شمال وشرق سوريا لن تبقى إلى ما لانهاية، ولن تغامر بعلاقاتها الدولية من أجل الكورد إلا إذا اثبت الكورد علو كعبهم في تحمل المسؤوليات وحماية المصالح الدولية وقدراتهم الإدارية وحماية المنطقة ومكوناتها، وعدم انجرارهم إلى مشاريع تتعارض مع الاستراتيجية الأمريكية، فأي خطأ معهم ستكلف الكورد خسارات جديدة لمناطقهم، وبالتالي سيؤدي إلى إضعاف موقفهم السياسي في المحافل والاستحقاقات الدستورية القادمة وحتى في حوارات الحلول السياسية. وعلينا أن لا ننسى روسيا الحليف الرئيسي للحكومة السورية فبدونها لن يكون هنالك أي حل. لذا ومن غير المقبول ان تغفل الدبلوماسية الكوردية عنها وعلينا كسبها في صالح قضايا الكورد المشروعة وقد اثبتت روسيا مؤخرا بأن أبوابها مفتوحة لاستقبال والاستماع للدبلوماسية الكوردية ورؤيتها للحل السوري، وأنها ستكون طريقا للحلول مع الحكومة السورية".

يشير عبدالرحمن: "ان ما يحسب للدبلوماسية الكوردية هو نشاطها الكبير في الآونة الأخيرة ولقاءاتها مع معظم الدول من ذوي التأثير في الشأن السوري كالولايات المتحدة الأمريكية وروسيا ومعظم دول الاتحاد الأوربي، وهذا التوجه هو توجه مبارك ولابد من الاستمرار فيه لكسبهم في صالح القضية الكوردية المشروعة، ولكن علينا ان ندرك بأن أي تعاطف أو دعم دولي لن يحصل بدون وحدة الرؤية السياسية الكوردية فالإنفرادية والتفرد لن تجدي نفعا أمام عظمة الخطر الداهم والمتوقع في أية لحظة. فالدوامة السورية لا تهدأ وهي مستمرة وتتسع، ولا يمكن التكهن بسهولة في اتجاهها، وعلى الكورد ان لا يدخروا جهدا في سبيل حماية والحفاظ على مكتسباتهم التي اكتسبت بفضل دماء الآلاف من الشهداء".
الخاتمة
الأزمة السورية مستمرة ولكن لها نهاية، وعلى الكورد أن يدركوا ذلك، وعليهم أن يلملموا شتاتهم ويحققوا وحدتهم ومطاليبهم وهدفهم قبل فوات الأوان.