عمر كوجري: المنطقة الآمنة وصراع المصالح في سوريا

عمر كوجري: المنطقة الآمنة وصراع المصالح في سوريا

مع اقتراب النهاية السريعة والحتمية لتنظيم داعش الإرهابي في سوريا بعد انتهاء مهمة أعضائه، وربما في الأيام القادمة يعود باسم جديد، وتكتيك جديد باعتباره لعبة مخابرات دولية تعود للظهور في أي وقت، وحسب الحاجة "الدولية" له، مع التطوّرات الأخيرة تظهر في الأفق العديد من أشكال الصراع بين مصالح الدول المتواجدة في سوريا وخاصة في شرق الفرات والتي ستكون نقطة البداية في الشكل المستقبلي لسوريا، وإن المشروع الأمريكي حول بناء المنطقة الآمنة في شمال وشرقي سوريا سيكون أكثر وضوحاً وبيان آليات تنفيذه والدول المشاركة في شكله النهائي بعد القضاء النهائي على داعش وتنظيمه الإرهابي في سوريا، وسيكون الإعلان الأمريكي حول هذا الموضوع بداية ظهور التوافق والتعارض الدولي حول المنطقة الآمنة.

هذا ينسجم بشكل كبير وفق مصالح هذه الدول في سوريا. والتصريحات التركية اليومية والمتناقضة أحياناً وموقفها الواضح من هذا المشروع سيكون له الأثر الأكبر على شكل صراع المصالح بين هذه الدول، ورغم أن هذا الموقف مرتبط بشكل كبير بالانتخابات التي ستُجرى في تركيا في نهاية شهر آذار. وإن استمرار التواجد الامريكي في منطقة شرق الفرات أصبح أكثر وضوحاً وخاصة بعد قبول العديد من الدول الأوروبية بالمشاركة العسكرية في نجاح تنفيذ المنطقة الآمنة.

المنطقة الآمنة رغم عدم وضوح ملامحها بشكل واضح وجلي، لكنها ستكون بداية مؤشّر جدّي لتحقيق السلام في المنطقة وللشعب السوري عموماً وخاصة للمكوّن الكردي والذي قدّم دماء الآلاف من خيرة الشباب الكردي في محاربة داعش تحت الرعاية والوعود الأمريكية حتى الوصول الى هذه المرحلة الحاسمة في سوريا والتي ستكون مرحلة الاستحقاقات النهائية ودور الكرد في مستقبل سوريا.

هذا المشروع مهمٌّ جداً بالنسبة للشعب الكردي وقضيته القومية في سوريا. حيث أن اللقاءات الأخيرة بين قيادة المجلس الوطني الكردي وبين المسؤولين الأمريكيين في سوريا وفي هولير عاصمة كوردستان، وكذلك النشاط الدبلوماسي الدولي والتحرُّك الحثيث للمجلس الكردي، وطرقه لكل الأبواب، سيكون بداية مؤشّر قوي للمشاركة الكردية القوية في هذه المنطقة الآمنة وسعيها لتحقيق السلام في المنطقة.

هذا مرتبط بالدبلوماسية الكردية الناجحة ووحدة موقفها والإمكانية الكبيرة في مشاركة "بيشمركة روج" كقوة عسكرية فاعلة لحماية الشعب الكردي وكصمام أمان في عودة اللاجئين الكرد وخاصة الفئة الشبابية منها، وتشجيع الشباب الكردي المهاجر الى البلاد القريبة وحتى في أوروبا للعودة للوطن، وتحمّل أعباء بنائه من جديد والعمل على إعادة التوازن إلى المنطقة وتحقيق الأمن والسلام في المنطقة حيث يتحصّل الكرد في الترسيمة الجديدة لمستقبل المنطقة وسوريا على حقوقهم القومية المشروعة كاملة غير منقوصة بعد تضحيات جسام لا تحصى.