غياب نصوص صريحة تُجرّم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية
فرهاد شاهين
في قانون العقوبات السوري يؤثر بشكل مباشر وخطير على قدرة النظام القضائي السوري على محاكمة المشتبه بهم، سواء كانوا أفرادًا من القوات الحكومية أو من جماعات أخرى. فيما يلي تحليل لأبرز الآثار القانونية والإجرائية:
أولًا: صعوبات قانونية في توجيه التهم.
1. غياب توصيف الجريمة الدولية.
• لا يمكن للنيابة العامة السورية أن تُوجه اتهامًا بجريمة “ضد الإنسانية” أو “جريمة حرب”، لعدم وجود تعريف قانوني لها في القانون المحلي.
تُضطر السلطات القضائية لاستخدام تهم عامة مثل:
• القتل (المادة 535)
• الإيذاء (المواد 540-542)
• التعذيب (المادة 391)
• لكن هذه التهم لا تعكس الطابع الممنهج أو الواسع النطاق الذي يُميز الجرائم الدولية، مما يُقلل من خطورتها القانونية
ثانيًا: العقوبات غير متناسبة مع خطورة الفعل
2. العقوبة لا تُراعي الطبيعة الخاصة للجريمة
القوانين الحالية تفرض عقوبات مبنية على جرائم فردية، بينما الجرائم الدولية غالبًا ما تكون:
• موجهة ضد مجموعات مدنية.
بأوامر من قيادات عليا.
تُرتكب بشكل منظم ومنهجي.
• مثال: لا يمكن مقارنة جريمة قتل مدني واحد، بجريمة قتل جماعي في سياق حملة تطهير عرقي.
ثالثًا: استحالة محاسبة المسؤولين الكبار
3. ضعف مبدأ “المسؤولية القيادية”
• القوانين السورية لا تتضمن مبدأ “مسؤولية القائد”
وهو مبدأ أساسي في الجرائم الدولية.
بالتالي، لا يمكن محاكمة القادة السياسيين أو العسكريين إذا لم يرتكبوا الجرائم بشكل مباشر، حتى لو أمروا بها أو تغاضوا عنها.
رابعًا: انعدام الاعتراف بحق الضحايا في العدالة
4. حرمان الضحايا من المطالبة بحقوقهم
غياب تصنيف الجريمة كـ”جريمة ضد الإنسانية” يُفقد الضحايا حقهم في المطالبة بالاعتراف بأنهم ضحايا انتهاكات جسيمة للقانون الدولي.
كما يمنعهم من المطالبة بتعويضات تتناسب مع جسامة الضرر.
خامسًا: إضعاف الشرعية القضائية الوطنية 5. فتح الباب أمام المحاكم الدولية أو الأجنبية
إذا عجز النظام القضائي المحلي عن ملاحقة هذه الجرائم، يمكن لمحاكم أجنبية (مثل ألمانيا، فرنسا، السويد) أن تتدخل لمحاكمة المتهمين استنادًا إلى مبدأ الاختصاص العالمي .
وهذا يُضعف من سيادة القضاء السوري وبناء سوريا العدل التي نحلم بها ، وبالتالي واجب علينا اذاً تعديل تشريعي لقانون العقوبات السوري قبل الشروع بتلك العملية.
لذلك باعتقادي الشخصي يجب ترك الأمر لهئية العدالة الانتقالية ان تنطلق و يترك لها تحديد اليات العدالة الانتقالية المرتقبة .
خلاصة كلامنا هنا عدم وجود نصوص تُجرّم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في القانون السوري يؤدي إلى قصور قانوني يمنع ملاحقة المشتبه بهم بشكل فعّال، ويُقلل من فرص تحقيق العدالة للضحايا، ويفتح المجال أمام التدخل القضائي الأجنبي، مما ينعكس سلبًا على شرعية وعدالة النظام القضائي المحلي.
(المقالة منشورة في العدد 761 من صحيفة كوردستان)